2022 أبريل 21 - تم تعديله في [التاريخ]

لصناعة صحافة ذات جودة في مشتل المعهد العالي للإعلام والاتصال:

مسؤولون وفاعلون ومهنيون يتدارسون سبل تطوير مضامين التكوين في مجال الصحافة والإعلام


العلم الإلكترونية - عبد الناصر الكواي

في ظلِّ الفورةِ الرقمية، واحتدامِ المنافسة غير المتكافئة، وبروزِ تحدياتٍ متعاظمة أمام المهنية وأخلاق المهنة، تشتد الحاجة إلى صناعة صحافة ذات جودة. لعل هذا هو ما حرك المعهد العالي للإعلام والاتصال، بوصفه مشتلا لتخريج المختصين في مجال الصحافة والإعلام والتواصل، إلى تنظيم يوم دراسي الأربعاء حول: "تطوير مضامين التكوين الإعلامي والتواصلي المستقبلية" بالمؤسسة الأعرق والفريدة من نوعها على المستوى الوطني.

وبما أنّ المناسبة شرط، فقد التأم برحاب المعهد، مسؤولون وفاعلون ومهنيون بقطاع الإعلام والتواصل في بلادنا، لتدارس السبل القمينة بتطوير مضامين التكوين في مجال الصحافة والإعلام. وذلك من خلال التفكير والتشاور والتنسيق حول مجموعة من الإشكالات، ومحاولة الإجابة عن أسئلة تطرحها المرحلة لخصها مسيرُ اللقاء، عبد الوهاب الرامي، الأستاذ بالمعهد، في واقع مؤسسات التكوين والاستقبال، وظروف سوق الشغل ومتطلباته، والتحديات المتفاقمة أمام المهنة والمهنيين، وأثر كل ذلك على المشهد الإعلامي المغربي وطنيا وقاريا وإقليميا ودوليا.

وفي كلمته المقتضبة بالمناسبة، قال محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إن الهدف من حضوره للقاء بالدرجة الأولى هو الإنصات لمداخلات المختصين لما يعين عليه ذلك من تفعيل مجموعة من السياسات التي ينتظر من الوزارة القيام بها في هذا القطاع، مذكرا بأن تنظيم هذا اليوم الدراسي يتزامن مع الاجتماعات التي أجراها مع المهنيين حول الأدوار الجديدة للصحافة، وكيف يمكن تطويرها والدور الذي يمكن أن تلعبه الوزارة في هذا الصدد.

واعتبر بنسعيد، أن الانتظارات من هذا النقاش كبيرة، داعيا الفاعلين جميعاً إلى تضافرِ الجهود من أجل إيجاد سياسة تفرز تجربة نوعية تفيد مجال الصحافة والإعلام، وتجيب عن سؤال تثيره نقاشات حكومية وهو: كيف يمكن للصحافة المغربية الوصول إلى مستوى التأثير على المستوى الإقليمي والدولي؟

من جهته، قال عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، إن هذا اللقاء جاء في ظل النقاش المفتوح مع الصحافيين، والذي يكتسي أهميته من كونه يدرس ملفا مفصليا هو التقاطع بين التكوين والتشغيل. واعتبر أن هذا النقاش مهم كذلك، لأنه يقع في صلب النموذج التنموي، خاصة وأننا نتوجه بالخطاب إلى الشباب الذين هم محور تغيير النماذج السائدة.

وأكد ميراوي، على الدور المحوري الذي ينتظر أن يلعبه الإعلام في ترسيخ مكانة المغرب إقليميا ودوليا، مضيفا أنّ تكوين الشباب في هذا السياق، يبقى محوريا من خلال التمكين والانفتاح على ما يجري عالمياً. واعتبر أن اكتساب اللغات بات أمرا حتميا في مؤسسة كالمعهد العالي للإعلام والاتصال، مما يسمح للشباب المكون بالاندماج ليس فقط في المشهد الإعلامي الوطني، ولكن الدولي أيضاً.

كما شدد المسؤول، على ضرورة أن تكون الأخلاقيات عروة وثقى في التكوين في مؤسسة رائدة في مجالها مثل المعهد العالي للإعلام والاتصال. وذلك حسب المتحدث، نابع من الحاجة الملحة للثقة التي إن وُجدت كانت ضمانة لوجود كل ما نطمح له، وإلى مجارات عصر الرقمنة بما يحمله من دينامية وذكاء وتفهم لجميع الظواهر المستحدثة.

وفي كلمته، قال عبد اللطيف بن صفية، مدير المعهد العالي للإعلام والاتصال، إن عقد هذا اللقاء يأتي للتفكير والتشاور والتنسيق الأول من نوعه، لفتح مرحلة جديدة في مقاربات التخطيط البيداغوجي الأكاديمي والمهني للمعهد، موضحا أن اللقاء يندرج ضمن مجهودات تقويم وتقوية عرض التكوين الإعلامي والتواصلي الأساسي والمستمر، إضافة إلى هيكلة البحث العلمي بهذه المؤسسة.

ونوّه المتحدث، بأن هذا اللقاء الذي يلتئم فيه فاعلون بقطاع الإعلام والتواصل والتعليم العالي والبحث العلمي في بلادنا، إلى جانب هيآت الحكامة الوطنية والقطاع الخاص، يعد مناسبة سانحة للطاقم الإداري والبيداغوجي للمعهد للاستماع إلى حاجيات مؤسسات استقبال خريجي المعهد، في ما يتعلق بالمواصفات المعرفية والتقنية والأخلاقية للموارد البشرية التي هي في حاجة إليها، والتي على عاتق المعهد توفيرها، محاولين استشراف الخيارات المستقبلية في التكوين والبحث في ظل التطورات المهنية والتحولات المجتمعية والانتقالات التكنولوجية، وآخذين بعين الاعتبار مختلف التحديات والفرص.

وأشار بن صفية، إلى دأب المعهد العالي للإعلام والاتصال على مدى خمسة عقود، على التكوين المكثف في الإعلام والاتصال باعتماد مقاربة مزدوجة يتوافق فيها الانتساب إلى التقاليد الجامعية الأكاديمية من جهة، مع الممارسة المهنية بموازاة تطور مشهدنا الإعلامي والتواصلي من جهة أخرى.

وفسر أنه وبالرغم من التطورات النسبية التي طرأت على عرض التكوين بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في بعض المحطات، فإن طبيعة الدروس لم تخرج عن مواصفاتها البيداغوجية الثلاث، أي دروس اللغات والثقافة العامة ودروس الحقول المهنية والدروس التقنية، إضافة إلى التداريب التي اختلفت مستويات العناية بها خلال تلك المحطة.

وتحدث المدير، عن هيكلة التعليم والبحث بالمعهد التي اتسمت بخلق شعب جديدة تروم الصحافة والإعلام المتعدد، والتواصل في العلاقات العامة والبيئة الثقافية والتكنولوجية للوساطة، بالإضافة إلى فتح مركز للدكتوراه ومختبر وثلاث فرق للبحث.

كما تطرق لمجال التكوين المستمر للصحافيين بالجهات مع المجلس الوطني للصحافة، وكذا تداريب لفائدة قضاة النيابة العامة وقضاة المجلس الأعلى للحسابات وأطر المديرية العامة للجماعات المحلية، في ما يتعلق بتدبير العلاقة مع وسائل الإعلام والحديث مع الصحافة.

كما باشر المعهد الامتداد الإفريقي، بإطلاق ماستر التواصل العمومي والسياسي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بغينيا كوناكري، عبر مشاركة أساتذة المعهد بالتدريس والتأطير.

وثمن أستاذ التواصل ذاته، هذا التراكم النوعي الذي جعل من المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، مرجعا وطنيا ينافس نظراءه عالميا، معربا عن طموح جميع مكونات المعهد اليوم إلى تدشين مرحلة جديدة من مسيرة التكوين الإعلامي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، تليق بالتطور الفعلي الذي تسير عليه بلادنا، وتستجيب له المبادرة أيضا، من خلال التطورات العميقة التي يشهدها مجتمعنا على أصعدة عديدة، بالنظر إلى رهانات النموذج التنموي الحداثي الذي أرسى ركائزه دستور 2011، ومسلسل الإصلاحات والمشاريع المهيكلة، وتوجهات النموذج التنموي الجديد.

كما تناول وعي إدارة المعهد بتحديات الوضع الراهن لمستقبل المغرب على المستوى الإقليمي والعربي والإفريقي والعالمي، في ظل تطورات وديناميات الوحدة الترابية للمملكة، وأخذها بعين الاعتبار التطورات المضطربة للتكنولوجيات الرقمية، خاصة في مجال الإعلام والتواصل، واستحضار التراكم الإيجابي الذي حققته الممارسات الإعلامية الوطنية تنظيميا ومهنيا.

وقال بن صفية، إن هذه المعطيات جميعها تستدعي الحاجة إلى جيل جديد من الصحافيين يستجيب تكوينهم للسياق الراهن للمجتمع بالبحث في اعتماد مقاربة مرتكزة لتكوين هذا الجيل الجديد، تتجاوز الأفق التقني لتتسع إلى مجالات الفكر والإبداع والالتزام بالقضايا المجتمعية والتنموية لبلادنا.

وأعرب عن أمله في أن يتمكن هذا اللقاء ولقاءات أخرى من رسم مسار مستقبلي لدور المعهد العالي للإعلام والاتصال إلى جانب شركائه من خلال: البحث في خيارات التكوين الممكنة للأجيال الإعلامية والتواصلية المستقبلية مضمونا ومنهجا، بما يكفل للصحافة دورها الطبيعي، في أن تكون محورا في دعم المشروع المغربي ونموذجه التنموي الجديد، وخدمة لوحدتنا الترابية من خلال استحضار التوجيهات الملكية الحكيمة.

كما حث عل ضرورة مسايرة ربط التحول العميق والتطور السريع الذي تعرفه المهن الصحافية والتواصلية وطنيا وعالميا لتحصين المهنة، والتفكير في سياق إجرائي لاعتماد ثقافة الرقمنة كأساس مستقبلي للتموين المهني، والبحث عن حلول عملية لإشكالية التدريس والتأطير في مختلف مراحل التكوين بالمعهد، والتفكير في صيغة تعاقدية لميثاق التكوين في البحث الإعلامي والتواصلي بالمغرب، تؤطر حدود الالتزام المشترك بين المؤسسة والفاعلين المهنيين والمؤسساتيين بالقطاع.

وفي هذا الإطار، قال يونس مجاهد، رئيس المجلس الوطني للصحافة، إن لدى أعضاء المجلس أولا بوصفهم فاعلين وفاعلين في القطاع من خلال العمل النقابي، صورة واضحة في ما يتعلق بالتكوين والولوج إلى المهنة.

وذكّر مجاهد، في كلمته بمناظرات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي دام سنة كاملة، معتبرا "أننا أضعنا وقتا طويلا، عشر سنوات". وقال إن من بين القضايا الأساسية التي تمت مناقشتها مع عدد من الفاعلين سواء مع اليونيسكو أو معاهد خاصة وكذا المعهد العالي للإعلام والاتصال أو تجارب دولية، هي قضية التكوين، والتي تم الخروج حولها بمجموعة من الخلاصات والتوصيات مكتوبة وواضحة في الكتاب الأبيض.

وتابع المتحدث، أن الاتفاق في المجلس الوطني للصحافة، تم على ضرورة التوفر على الإجازة لولوج مهنة الصحافة، معطيا الأفضلية للإجازة التي يعطيها المعهد العالي للإعلام والاتصال، في مقابل تفاوتات في الإجازات الأخرى التي تمنحها المعاهد الخاصة أو شعب الجامعات.

وأشار مجاهد، إلى اجتماعه بمعية عبد الله البقالي، رئيس لجنة البطاقة المهنية بالمجلس الوطني للصحافة، مع أطر وزارة التعليم العالي لمناقشة إشكالات حقيقية تجب معالجتُها، تتعلق بمعاهد التكوين الخاص، أضف إليها الآن الكليات التي تقوم بنوع من التكوين في الصحافة والإعلام مع تخصصات أخرى، ولكن الإشكال مازال مطروحاً متمنياً أن يفتح هذا الملف قريبا، مشيرا إلى أن المجلس الوطني للصحافة اشتغل حاليا مع المعهد العالي للإعلام والاتصال في هذه القضية من أجل معالجة المشكل نسبيا.

واستحضر رئيس المجلس الوطني للصحافة تجارب عدة على الصعيد الدولي في مجال الولوج إلى الصحافة، منها التجربة البرازيلية التي تمنع على غير الحاصلين على شهادة عليا في الإعلام والاتصال ممارسة مهنة الصحافة.

في المقابل، كانت مداخلة الأستاذ السابق بالمعهد، ووزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي الأسبق، أحمد خشيشن عبارة عن ورقة تأطيرية تتألف من ثماني نقاط تمس في العمق واقع وآفاق ممارسة المهنة، والتي اعتبرها متدخلون محصلة تجربة التكوين والممارسة، والتجربة السياسية...

ويلخصها وجود منحيين أساسيبن على مستوى انتقاء الموضوع، فهناك تعزيز الكفاءات المهنية لتطعيم المهنة داخل وسائل الإعلام والمؤسسات، تنمية المهارات البحثية والتحليلية، تنمية أخلاقيات المهنة، تطوير الكفاءات التكنولوجية، تنمية مهارات التدبير الاقتصادي الإعلامي، وربما تكوين بروفايلات مختصة ودقيقة، على سبيل المثال، الصحافة البيئية، المراسل الحربي، وهو ما وصفه المتحدث بتنمية الكفاءات والمهارات سواء على مستوى التكوين أو التكوين المستمر، هذا من جانب، أما بالنسبة للجانب الثاني، فقد شدد الأستاذ خشيشن على ضرورة التطابق بين التكوين وسوق الشغل، كي لا نقع حسب تعبيره في "السوق عايز كده".




في نفس الركن