2025 شتنبر 18 - تم تعديله في [التاريخ]

لماذا‭ ‬رحبت‭ ‬قمة‭ ‬الدوحة‭ ‬بقرار‭ :‬

‬الرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬للأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬؟


العلم الالكترونية 

خصصت‭ ‬الفقرة‭ ‬التاسعة‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة،‭ ‬للترحيب‭ ‬بإصدار‭ ‬مجلس‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوزاري،‭ ‬قرار‭ (‬الرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬للأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭). ‬وكان‭ ‬لافتاً‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الترحيب‭ ‬بقرار‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬حساس‭ ‬للغاية،‭ ‬من‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬لدول‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬فقط،‭ ‬ولم‭ ‬يعرض‭ ‬على‭ ‬زملائهم‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭.‬
 
تؤكد‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬النظام‭ ‬العربي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط،‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬التضامن‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬الراسخة‭ ‬للعمل‭ ‬الإسلامي‭ ‬المشترك،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭. ‬وشدد‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أسماه‭ ‬ضرورة‭ ‬الاصطفاف‭ ‬ومواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬المشتركة،‭ ‬وعلى‭ ‬أهمية‭ ‬بدء‭ ‬وضع‭ ‬الآليات‭ ‬التنفيذية‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬محددات‭ ‬لأي‭ ‬ترتيبات‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬يتعين‭ ‬أن‭ ‬تراعي‭ ‬تكريس‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬واحترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة،‭ ‬والمساواة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات،‭ ‬دون‭ ‬تفضيل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬أخرى،‭ ‬وتسوية‭ ‬النزاعات‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬وعدم‭ ‬اللجوء‭ ‬للقوة،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لجميع‭ ‬الأراضي‭ ‬العربي،‭ ‬وتجسيد‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬196،‭ ‬وإخلاء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭.‬
 
ومن‭ ‬خلال‭ ‬نظرة‭ ‬تقييمية‭ ‬لهذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬رحبت‭ ‬به‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة،‭ ‬وتحليل‭ ‬لمضمونه،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬متوازن،‭ ‬ويفتقد‭ ‬طابع‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬فقراته،‭ ‬ووحدة‭ ‬الموضوع،‭ ‬فقد‭ ‬جمع‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬واحد‭ ‬،‭ ‬بين‭ ‬المتناقضات،‭ ‬مما‭ ‬جعله‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬موضوع‭ ‬،‭ ‬وفاقداُ‭ ‬لأي‭ ‬قيمة‭ ‬عملية‭.‬
 
لقد‭ ‬استندت‭ ‬الرؤية‭ ‬المشتركة‭ ‬للأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬فقراتها،‭ ‬إلى‭ ‬مواثيق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬،‭ ‬حين‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬تكريس‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬و‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وعلاقات‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬واحترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ . ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الجانب‭ ‬الواقعي‭ ‬و‭ ‬العملي‭ ‬والضروري‭ ‬و‭ ‬الملح‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬رحبت‭ ‬بها‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة‭.‬
 
وتعد‭ ‬الفقرة‭ ‬الثالثة‭ ‬والعشرون‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬لقمة‭ ‬الدوحة،‭ ‬معبرةً‭ ‬عن‭ ‬الواقع،‭ ‬وصيغت‭ ‬بلغة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬قوية‭ ‬واضحة‭ ‬ذات‭ ‬حمولة‭ ‬سياسية‭ ‬ثقيلة،‭ ‬إذ‭ ‬أكدت‭ ‬القمة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬العادل‭ ‬والشامل‭ ‬والدائم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬بتجاوز‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاولات‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العنف‭ ‬واستهداف‭ ‬الوسطاء،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الالتزام‭ ‬بمبادرة‭ ‬السلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أقرها‭ ‬مؤتمر‭ ‬القمة‭ ‬العربي‭ ‬المنعقد‭ ‬ببيروت‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬وبقرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭. ‬وهي‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬اقترحتها‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وتقدمت‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬،‭ ‬فتم‭ ‬اعتمادها‭ ‬بالإجماع‭ .‬
 
ويظهر‭ ‬أن‭ ‬صيغة‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬لم‭ ‬يقع‭ ‬استيعاب‭ ‬المعاني‭ ‬العميقة‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليها،‭ ‬ولم‭ ‬تبرأ‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬رواسب‭ ‬المنطق‭ ‬القومي‭ ‬الملتبس،‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬وهيمن‭ ‬عقوداً‭ ‬أربعة،‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭ . ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬الصيغة‭ ‬المبتكرة‭ ‬للعمل‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬الجماعي‭ ‬المشترك،‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬البلورة‭ ‬والتمحيص‭ ‬والتقويم،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تترسخ‭ ‬مفاهيمها،‭ ‬وتتوطد‭ ‬مضامينها،‭ ‬ولربما‭ ‬صارت‭ ‬هي‭ ‬الصيغة‭ ‬المعتمدة‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وفي‭ ‬الطليعة‭ ‬منها‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬،‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وتبعاتها‭.‬
 
لقد‭ ‬دعت‭ ‬الفقرة‭ ‬الثالثة‭ ‬والعشرون‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للقمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الطارئة،‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وخاصة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬القانونية‭ ‬والأخلاقية،‭ ‬في‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬ووضع‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬ملزم‭ ‬لذلك‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتقاطع‭ ‬مع‭ ‬إعلان‭ ‬نيويورك،‭ ‬الذي‭ ‬صادقت‭ ‬عليه‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ . ‬



في نفس الركن