2024 مارس 15 - تم تعديله في [التاريخ]

مبادرة‭ ‬ملكية‭ ‬رائدة‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ :

المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬فلسطين


العلم الإلكترونية - الرباط 

في‭ ‬الوقت‭ ‬العصيب‭ ‬الذي‭ ‬توقفت‭ ‬فيه‭ ‬جهود‭ ‬الوساطة‭ ‬لإنهاء‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وتعثرت‭ ‬المساعي‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المنكوب،‭ ‬وفشلت‭ ‬الوسائل‭ ‬المستعملة‭ ‬لحد‭ ‬الآن‭ ‬لتمرير‭ ‬هذه‭ ‬المساعدات‭ ‬عبر‭ ‬إسقاطها‭ ‬من‭ ‬الجو‭ ‬أو‭ ‬بواسطة‭ ‬البحر،‭ ‬أطلق‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬،‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬رئيس‭ ‬لجنة‭ ‬القدس،‭ ‬عملية‭ ‬إنسانية‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها،‭ ‬تعد‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬مبادرة‭ ‬ملكية‭ ‬رائدة،‭ ‬‮ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬توجيه‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬البحر‭ ‬لفائدة‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وفي‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬سيضمن‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬مباشرةً‭ ‬إلى‭ ‬السكان‭ ‬المستهدفين‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬عبر‭ ‬طرق‭ ‬ملتوية‭ ‬‮ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬بات‭ ‬يعرف‭ ‬بتجار‭ ‬النكبات‭ ‬الذين‭ ‬يغتنمون‭ ‬المناسبات‭ ‬المأساوية‭ ‬الأليمة‭ ‬،‭ ‬ليكدسوا‭ ‬الأرباح‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهر‭ ‬المواطنين‭ ‬المتضررين‭ ‬بالكامل‭ ‬جراء‭ ‬الحرب‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬‮ ‬أتت‭ ‬على‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس،‭ ‬وجعلتهم‭ ‬يتضورون‭ ‬جوعاً‭ ‬هم‭ ‬وأطفالهم‭ ‬ونساؤهم‭ ‬و‭ ‬عجائزهم‭ ‬و‭ ‬مرضاهم‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬منقذ‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬مسعف‭ ‬،‭ ‬وهم‭ ‬قابعون‭ ‬في‭ ‬خيام‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬وسائل‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الأمطار‭ ‬و‭ ‬انخفاض‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬و‭ ‬أداء‭ ‬الحاجة‭ ‬الطبيعية‭ .‬
 
‭ ‬لقد‭ ‬خطط‭ ‬لهذه‭ ‬العملية‭ ‬الإنسانية‭ ‬أن‭ ‬تمر،‭ ‬ولأول‭ ‬مرة،‭ ‬عبر‭ ‬طريق‭ ‬البر‭ ‬غير‭ ‬المسبوق،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المعابر‭ ‬الأخرى،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ ‬الرابط‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬الذي‭ ‬يخضع‭ ‬لحسابات‭ ‬سياسية‭ ‬واعتبارات‭ ‬أمنية‭ ‬طبقاً‭ ‬لاتفاقية‭ ‬مبرمة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬بضمان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وذلك‭ ‬قبل‭ ‬التغيير‭ ‬الدراماتيكي‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬حركة‭ ‬المقاومة‭ ‬الإسلامية‭ ‬حماس،‭ ‬تنفرد‭ ‬بالسلطة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أقصيت‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الممثل‭ ‬الشرعي‭ ‬الوحيد،‭ ‬‮ ‬عن‭ ‬القطاع‭. ‬وهذا‭ ‬الجانب‭ ‬الأمني‭ ‬السري‭ ‬المتعلق‭ ‬بشرعية‭ ‬الدخول‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عبر‭ ‬معبر‭ ‬رفح‭ (‬التي‭ ‬هي‭ ‬رفحان‭ ‬مصرية‭ ‬و‭ ‬فلسطينية‭ ) ‬يلعب‭ ‬دوراً‭ ‬رئيساً‭ ‬في‭ ‬عرقلة‭ ‬المرور‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الضحايا‭ ‬هم‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ .‬
 
‮ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬جاءت‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬لكسر‭ ‬القاعدة‭ ‬المعتمدة،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ولتوفير‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الإنساني،‭ ‬وهو‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬إلى‭ ‬مستحقيها‭ ‬مباشرةً،‭ ‬ودون‭ ‬مرور‭ ‬بسلاسل‭ ‬التوزيع‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الانحرافات‭ ‬والتجاوزات‭ ‬والاستغلالات‭ .‬
 
هذا‭ ‬التخطيط‭ ‬الذي‭ ‬رسم‭ ‬للعملية‭ ‬الإنسانية‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬فتح‭ ‬السبل‭ ‬أمام‭ ‬‮ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬غزة،‭ ‬وإلى‭ ‬مدن‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬إلى‭ ‬رفح‭ ‬و‭ ‬خان‭ ‬يونس‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الجنوب‭ ‬المحاذية‭ ‬للحدود‭ ‬مع‭ ‬مصر‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬ولتنفذ‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وكالة‭ ‬بيت‭ ‬مال‭ ‬القدس‭ ‬الشريف‭ ‬،‭ ‬الذراع‭ ‬العملياتي‭ ‬للجنة‭ ‬القدس‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تلقت‭ ‬التعليمات‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬نصره‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬رئيسها‭ ‬والراعي‭ ‬الأمين‭ ‬لمصالح‭ ‬المقدسيين‭ ‬،‭ ‬لتوزيع‭ ‬2000‭ ‬سلة‭ ‬غذائية‭ ‬تستفيد‭ ‬منها‭ ‬2000‭ ‬‮ ‬أسرة‭ ‬مقدسية‭ . ‬وهذه‭ ‬مبادرة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬بكل‭ ‬معاني‭ ‬الكلمة‭ ‬،‭ ‬تسجل‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬يفتخر‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬يفترض‭ ‬‮ ‬أن‭ ‬تفتخر‭ ‬به‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي‭ ‬قاطبة‭ ‬ودون‭ ‬استثناء‭ .‬
 
‮ ‬و‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬العالية‭ ‬للمبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الرائدة‭ ‬هذه‭ ‬،‭ ‬‮ ‬أنه‭ ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬المؤسساتية‭ ‬عبر‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬للتضامن‭ ‬،‭ ‬فقد‭ ‬تفضل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬،‭ ‬رعاه‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬بالتكفل‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬جلالته‭ ‬الخاص‭ ‬،‭ ‬بجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬الموجهة‭ ‬للرضع‭ ‬والأطفال‭ ‬الصغار‭ ‬،‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬أشد‭ ‬المعاناة‭ ‬جراء‭ ‬الأوضاع‭ ‬البئيسة‭ ‬المتردية‭ ‬و‭ ‬المؤلمة‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المنكوب‭ .‬
 
وهكذا‭ ‬تكون‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬وبتعليمات‭ ‬من‭ ‬جلالة‭ ‬العاهل‭ ‬الكريم‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬،‭ ‬تضطلع‭ ‬بالمهمة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الحضارية‭ ‬،‭ ‬وتساهم‭ ‬بطريقتها‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬جدواها‭ ‬و‭ ‬قيمتها‭ ‬وفعاليتها‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬عن‭ ‬الأشقاء‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬المساعي‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬مخرج‭ ‬آمن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬لفك‭ ‬عقدتها‭ ‬وإيجاد‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬لها،‭ ‬للانطلاق‭ ‬نحو‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المتوافق‭ ‬عليه‭ ‬دولياُ‭ .‬
 
وأن‭ ‬تكون‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬فلسطين،‭ ‬ومع‭ ‬مواطنيها‭ ‬الصامدين‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬تسير‭ ‬فيه‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬المغربية‭ ‬،‭ ‬سالك‭ ‬و‭ ‬ممهد‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يتطلع‭ ‬إليه‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬يعمل‭ ‬له‭ ‬محبو‭ ‬السلام‭ ‬‮ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ .‬
 
‮ ‬لو‭ ‬سارت‭ ‬دول‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬اختارت‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬السير‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬السعي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬،‭ ‬لما‭ ‬وصلت‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة‭ ‬من‭ ‬التفاقم‭ ‬والتفاحش‭ ‬والانفجار‭. ‬ولقد‭ ‬أعطى‭ ‬المغرب‭ ‬مثالاً‭ ‬راقياً‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬النافعة‭ ‬والبانية‭ ‬للسلام‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬الواقعية‭ ‬والبراغماتية‭ ‬والمنطق‭ ‬السياسي‭ ‬السليم‭ ‬والنجاعة‭ ‬ومراعاة‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬لو‭ ‬عُمل‭ ‬به‭ ‬لوصلنا‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬،‭ ‬إحلال‭ ‬السلام‭ ‬و‭ ‬إقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية،‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وسلام‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬العبرية‭ ‬،‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقرارات‭ ‬الدولية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ .‬
 
إن‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الرائدة‭ ‬هذه،‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قدوةً‭ ‬لمن‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يخدم‭ ‬قضية‭ ‬السلام،‭ ‬ويعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتصرف‭ ‬،‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ .‬



في نفس الركن