العلم - شيماء اغنيوة
كشف مجلس المنافسة عن نتائج التحقيق الذي فتحه بخصوص وجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي، مشيرا إلى تقييد الأسعار عبر اتفاقيات منافية للمنافسة بين عدد من الفاعلين دامت لمدة 20 سنة.
وأفاد مجلس المنافسة في بلاغ له، بأنه فتح تحقيقا في هذا الموضوع في إطار ممارسته لمهامه واختصاصاته المنصوص عليها في الدستور، وفي القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة والقانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، بهدف ضبط المنافسة في الأسواق وحماية مصالح المستهلكين.
وفي هذا السياق، شدد الأستاذ بدر الزهر الأزرق، خبير قانون الأعمال والاقتصاد، في تصريح لـ»العلم»، أنه منذ حوالي عشرين سنة، اختارت المملكة المغربية نهج تحرير عدد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك تحرير الأسعار. وقد تم اعتماد قاعدة العرض والطلب كمرتكز أساسي لضبط الأسعار، غير أن هذه القاعدة غالبا ما تتعرض للاختلال نتيجة لممارسات منافية للمنافسة.
وأضاف: : "في فترات سابقة، ظهرت اتفاقات ودية بين عدد من المدارس الخاصة لتحديد سقف موحد للواجبات المدرسية، مما يعد إخلالا بمبدأ المنافسة الحرة. كما طفت على السطح قضايا مماثلة في قطاعات استراتيجية، مثل الزيوت والمحروقات، حيث أكد مجلس المنافسة وجود اتفاقات ودية بين كبار الموزعين، وهو ما أدى إلى فرض غرامات عليهم. كذلك سجل تدخل للمجلس في قطاع الاتصالات، بعد رصد ممارسات غير تنافسية بين أهم موزعي خدمات الاتصالات في المغرب".
وأكد المتحدث، أن هذه التدخلات تعد مؤشرات إيجابية على تحرك مجلس المنافسة، خاصة في ظل تنامي ظاهرة "الاحتكارات الودية" و"الاتفاقات الضمنية"، والتي تفرغ مبدأ المنافسة من مضمونه الحقيقي. وقد أعاد موضوع أسعار السمك خلال الأشهر الأخيرة طرح هذه الإشكالية من جديد، إذ تم تسجيل ملاحظات خطيرة حول اتفاقات غير شفافة بخصوص أسعار السمك الصناعي، وهو ما يفسّر استقرار الأسعار عند مستويات لا تعكس واقع السوق ولا مبدأ العرض والطلب.
وأردف الأزرق قائلا: "إن ضمان احترام قاعدة العرض والطلب يستوجب اليوم تدخلا فعالا وحماية حقيقية من طرف مجلس المنافسة، باعتبارها الآلية السليمة لتحديد الأسعار في مختلف القطاعات، بدل الاتفاقات التي تؤدي إلى تجميد الأسعار عند مستويات غير منطقية، وتحول المنافسة إلى مجرد شعار فارغ".
وشدد في النهاية، أن استمرار مثل هذه الممارسات يلحق ضررا كبيرا بالقدرة الشرائية للمواطنين، ويعيق دينامية القطاعات الاقتصادية الحيوية.
وبحسب العناصر والاستنتاجات التي توصلت إليها مصالح التحقيق التابعة للمجلس، يضيف البلاغ، فإن هذه الأخيرة خلصت إلى وجود حجج وقرائن تفيد بوجود ممارسات متمثلة في اتفاقات منافية للمنافسة بين عدد من الفاعلين في سوق توريد السردين الصناعي.
ولفت مجلس المنافسة في بلاغه إلى أن هذه الاتفاقات المنافية للمنافسة التي كان هدفها تقييد المنافسة في سوق توريد السردين الصناعي دامت لمدة 20 سنة.
ووفق المصدر ذاته، فإن الأمر يتعلق بتوافقات حول تحديد أسعار البيع الأول للسردين الصناعي، مما حال دون تشكل الأسعار عبر آلية السوق الحرة، وساهم في رفعها أو خفضها بشكل مفتعل. كما يتعلق الأمر بتوافقات حول التوزيع والتقييد المنسق للإنتاج، مما يحد من الولوج إلى السوق ويمنع المنافسة الحرة من قبل متدخلين آخرين، بحسب نتائج التحقيق.
وأعلن المجلس أن مقرره العام قام بتبليغ مآخذات بهذا الخصوص إلى 15 هيئة مهنية معنية بالممارسات المنافية للمنافسة المذكورة، طبقا لأحكام المادة 29 من القانون رقم 104.12.
ويهدف حظر الاتفاقات إلى حماية حسن السير التنافسي للأسواق وكذا مصالح المستهلكين، على اعتبار أن هذه الاتفاقات من شأنها الرفع من الأسعار بطريقة مفتعلة توازيا مع تراجع الجودة أو تقليص في تنوع المنتجات والخدمات المتاحة.