2021 مارس 23 - تم تعديله في [التاريخ]

محمد السعداوي .. نبذة عن طاقات تائهة بين جبال الأطلس

في أحد أركان المغرب العميق، وتحديدا بدوار آيت ايشوعلي إحضران، ولدت موهبة جديدة أبت إلا أن تشق طريقها الوعر نحو الشهرة، متجاهلة أشواك العزلة والتهميش الذي كان ولازال يعيشه مسقط رأسها.


العلم الإلكترونية - شيماء شعطيط

ترعرع محمد السعداوي "شنابو"، المزداد بسنة 1978، في مدينة عين اللوح التي تبعد عن مسقط رأسه ببضع كيلومترات، هناك حيث شغف بالأغنية الأمازيغية وآلة الوتار وقرر بدأ مسيرة فنية أساسها الطموح نحو مستقبل مجهول الخبايا.
 
كانت انطلاقة محمد الاحترافية في الفن الأمازيغي والعزف على آلة الوتار بسنة 2005 بعدما تلقى تكوينه الذاتي على آلة صنعها من قوارير بلاستيكية أيام طفولته. اعتبر الفنان الراحل "حمو اليزيد" ملهمه الأول في هذا الفن والذي بدوره كان معلما لأحد عمالقة الأغنية الأمازيغية الراحل "محمد رويشة". 
 
ارتكزت مسيرة الشاب الأربعيني في بادئها على إحياء أمسيات وحفلات وأعراس قبل الالتحاق بالأضواء نظرا لعدم توفره على الإمكانيات اللازمة لملاحقة حلمه، حيث انقطع عن الدراسة في سن مبكرة مما جعله يركز على الجانب الفني واحتراف الأغنية الأمازيغية.
 
من بين مختلف ألوان الفن الأمازيغي، يعتبر السعداوي "شنابو" العازف المحترف الوحيد على آلة الوتار بين أبناء منطقته، شارك في عدة برامج على الراديو والتلفزة المغربية خلال مسيرته، منها برنامج "تودرت" على القناة الثانية سنة 2007 وبرنامج "أساراغ" على الأولى سنة 2010، تألق إثر ظهوره مؤخرا في برنامج "أيت اوزاوان" على القناة الأمازيغية وكذلك في برنامج "صناع الفرجة" بالقناة الأولى، كما شارك بعدة مهرجانات وحصد على إثرها شواهد تشريفية داخل منطقته وخارجها أبرزها مهرجان حب الملوك الدولي بمدينة صفرو ومهرجان "تورتيت" الدولي بإفران.
 
"كانت أمي رحمها الله المشجع الوفي في محيطي لتعلم الفن الأمازيغي والعزف على آلة الوتار رغم الإمكانيات البسيطة، كانت تسهر على اختياري للآلة المناسبة وتحثني على السعي لبلوغ مرادي، لكنني وبصراحة أرى هذه الآمال تتبدد كوني ومن مثلي من أبناء المنطقة منحصرين جغرافيا في بقعة تتعرض للتهميش والإهمال على مر السنين"
يشكو إلينا محمد الاستبعاد الذي لا تزال المنطقة تعيشه رغم ما تعرفه البلاد من تطور في الآونة الأخيرة واصفا إياها بالمغرب العميق الذي لا يسمع صداه، فبجانب قلة الموارد في مختلف المجالات، تفتقر منطقته للمؤهلات الثقافية والفنية من دور شباب ومراكز ثقافية تحتضن شباب المنطقة، ويعتبر محمد أن الإقصاء الذي تشهده المنطقة يشكل أحد أكبر المعيقات في وجه الشباب الطموح والذي كان عاملا في عدم توسع شهرته. وأشار أن أغلب الفنانين في المنطقة لا يتوفرون على بطاقة مهنية رغم انطلاقتهم التي بدأت في الثمانينات نظرا للشروط التعجيزية التي لا يمكن لفنان لا يملك غير موهبته أن تتوفر فيه، كمقالات جريدة وعقود عمل مع شركات، فبعد عقدين من الزمن، تمكن محمد أخيرا من حجز مقعد له بين صفوف الفنانين المعترف بهم مهنيا. 
 
"عازف الوتار" الذي لازال يكسب قوت يومه من الحفلات الصغيرة والأعراس، والتي لا تكون ناشطة إلا في فصل الصيف نظرا للطقس القاسي والبارد بالفصول الأخرى، ليس له مطلب غير التفاتة بسيطة من الجهات المسؤولة لتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص وتشجيع الطاقات الهائلة التي تزخر بها المنطقة، وكذا توفير موارد أكثر للجيل القادم طمعا في أن يسطع نجم أبناء ساكنته في المجال الفني. 
 




في نفس الركن