2025 دجنبر 24 - تم تعديله في [التاريخ]

مسؤولية الجزائر لا غبار عليها في قضية طرد 45 ألف أسرة مغربية



*العلم الإلكترونية*


بمبادرة من مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان قدم التجمع الدولي لدعم الأسر المغربية من أصل مغربي المطرودة من الجزائر، تقريرا مفصلا عن قضية الطرد الجماعي لمواطنين مغاربة من الجزائر في ديسمبر 1975، الذي وصفته الصحافة الدولية بـ "المسيرة السوداء"، لأنه واحداً من أبرز وأشد الأحداث إثارة للجدل في تاريخ العلاقات المغربية–الجزائرية الحديثة. وقد وقع في سياق من التوتر الثنائي اتسم بالمسيرة الخضراء وقضية الصحراء المغربية، حيث طال هذا الإجراء ما يقارب 45.000 أسرة مغربية مستقرة في الجزائر منذ عدة أجيال في بعض الحالات.

وأكد إدريس اليزمي رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج يومه الأربعاء 17 دجنبر 2025 بالرباط، مساندة المجلس لهؤلاء المغاربة والدفاع عن حقوقهم في إطار القانون الدولي، معتبرا أن هذه القضية تعرف منعطفا أساسي استدعى التذكير بهذه المأساة وجبر الضرر لفائدة الضحايا.

واسترجع اليزمي عددا من الحقائق التاريخية المتعلقة بفترات وجود المغاربة على أرض الجزائر، مشيرا إلى أن هجرتهم إلى الجارة الشرقية بدأت قبل منذ منتصف القرن التاسع عشر ولعبت دورا أساسيا في تنمية الغرب الجزائري.

وتحدث رئيس مجلس الجالية عن مصادر جديدة، توضح العمق التاريخي لاستقرار أسر مغربية بالجزائر، وأعطى مثالا بأغاني النساء التي كشفت عن علاقة أسر مغربية بأرض الجزائر، ومن ضمنها مقاطع من هذه الأغاني معنونة ب "الطيور المهاجرة".    

الفاعل الحقوقي  عبد الرزاق الحنوشي قال إن النص القانوني الجزائري المعتمد آنذاك مرتبط برقم 66-211 المؤرخ في 21 يوليو 1966 والمتعلق بوضعية الأجانب في الجزائر، وينظم «شروط دخول الأجانب إلى الجزائر وتنقلهم وإقامتهم وخروجهم» مع مراعاة «الاتفاقيات الدولية أو اتفاقات المعاملة بالمثل».

 وأضاف الحنوشي أن هذا الأمر نص خصوصاً على أن «طرد أجنبي خارج التراب الوطني يُتخذ بقرار من وزير الداخلية»، وأن هذا الإجراء لا يتم إلا في حالات معدودة على سبيل الحصر، وأن «قرار الطرد يجب أن يُبلّغ للمعني بالأمر»، مع منحه، «بحسب خطورة الأفعال المنسوبة إليه»، مهلة تتراوح بين 48 ساعة و15 يوماً ابتداءً من تاريخ تبليغ قرار الطرد لمغادرة التراب الوطن..

وأكد الفاعل الحقوقي أن تحليل الوقائع يفسر أن الطرد كان جماعياً وموسّعاً، في حين أن القانون يفرض معالجة فردية لكل حالة على حدة؛ ولم يُبلَّغ أيّ من المطرودين المغاربة، وفق الشكل القانوني، بقرار معلّل بالطرد؛ وهو ما يجعل هذه العملية بمثابة تعدٍّ مادي؛ وأن الطرد جرى بشكل فوري وسريع وجماعي، ما حرم المطرودين من إمكانية التذرع «باستحالة مغادرة التراب الوطني».


من جهته قال محمد الشرقاوي رئيس التجمع الدولي لدعم الأسر المغربية من أصل مغربي المطرودة من الجزائرإن المادة 11 من الدستور الجزائري لسنة 1963 نصّت على أن «الجمهورية تنضم إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». وهذا الإعلان يقرّ  أن لكل شخص الحق في حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود الدولة وأنه لا يجوز تجريد أحد تعسفاً من ملكه. وعليه فإن عملية الطرد، كما نُفذت من قبل السلطات الجزائرية، تمت في خرق للقانون الدولي. 

كما نص القانون على أن «أملاك رعايا أي من البلدين الموجودة على تراب الآخر لا يجوز أن تكون موضوعاً لأي إجراء نزع ملكية إلا للمنفعة العامة ووفقاً للقانون»، وهو ما وفر ضمانة خاصة ضد سلب ممتلكات المغاربة المقيمين في الجزائر. كما خوّل آخر فقرات المادة 5 "للسلطات القنصلية المغربية» مهمة «حماية والدفاع عن مصالح رعاياها وفقاً لقواعد وأعراف القانون الدولي". 

وذكر الشرقاوي أن الطابع الجماعي وغير المعلل وغير القانوني لعمليات الطرد ثابت من الناحيتين القانونية والواقعية، ويقتضي توصيف عدد من الانتهاكات في ضوء القانون الدولي. فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 9 من مشروع مقالات لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة بشأن طرد الأجانب على أن «الطرد الجماعي يُقصد به طرد أجانب كجماعة». وقد تبنّت الاجتهادات الدولية تعريفات مشابهة، منها ما صدر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي اعتبرت أن «الطرد الجماعي يُفهم على أنه كل إجراء يُرغم أجانب كجماعة على مغادرة بلد ما، إلا إذا استند إلى فحص معقول وموضوعي لكل حالة فردية ضمن تلك الجماعة».

واستطرد رئيس التجمع الدولي لدعم الأسر المغربية من أصل مغربي المطرودة من الجزائر أن نزع ملكية ممتلكات المغاربة المطرودين من قبل الدولة الجزائرية يُعد عملاً غير مشروع بمقتضى القانون الدولي، وذلك لعدة أسباب أولاً، أن المواطنين المغاربة المطرودين لم تُتح لهم، سواء عند الطرد أو بعده، أي إمكانية للطعن في هذه القرارات أو الدفاع عن حقوقهم في الملكية. 

وقال إن المغاربة المطرودين والمسلوبة أملاكهم وجدوا أنفسهم محرومين بشكل نهائي من ممتلكاتهم بموجب نص تشريعي صادر عن الدولة الجزائرية. فقد نصّت المادة 42 من القسم رقم 2 المتعلق بالأحكام العقارية من قانون المالية لسنة 2010 بالجزائر على أنه «يُصار إلى تسوية السجلات العقارية من التقييدات التي فقدت طابعها الحالي بسبب انتقال ملكية بعض العقارات إلى الدولة، نتيجة لإجراءات التأميم أو التمليك أو التخلي عنها من قبل أصحابها». وهو ما يشكل محاولة لمنح غطاء شرعي زائف، بأثر رجعي، لعمليات السلب، تحت وصف مضلل «تخلي عن الممتلكات»، مما يبيّن الطبيعة المستمرة لهذا الفعل غير المشروع.

وأكد المتحدث أن ثبوت مسؤولية الدولة الجزائرية عن طرد المواطنين المغاربة وسلب ممتلكاتهم، باعتبارهما أفعالاً غير مشروعة دولياً، يثير مسألة سبل الانتصاف الممكنة.



في نفس الركن