2025 دجنبر 22 - تم تعديله في [التاريخ]

معاناة رسل العلم الصخيرات نموذجا.. بنية تحتية هشة تعمق العزلة وتربك المدرسة العمومية


العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي 
 
تتفاقم معاناة نساء ورجال التعليم يوما بعد آخر، في ظل هشاشة واضحة في البنية التحتية وغياب مسالك طرقية آمنة تؤمن وصولهم إلى مقرات عملهم، خصوصا بالمؤسسات التعليمية الحضرية والقروية التي أُحدثت بهدف تقريب خدمة التعليم من الساكنة، دون أن يواكب ذلك توفير شروط الولوج والسلامة الضرورية للأطر التربوية والتلاميذ على حد سواء.
 
وتكشف التساقطات المطرية الأخيرة، التي عرفتها المملكة خلال الأيام الماضية، عن واقع مقلق تعيشه عدة مؤسسات تعليمية تفتقد لأبسط مقومات السلامة الطرقية، فمع انعدام المسالك المعبدة، تتحول الطرق المؤدية إلى هذه المدارس إلى أوحال وبرك مائية، تجعل الوصول إليها شبه مستحيل، ما يدفع أصحاب وسائل النقل إلى رفض إيصال الراغبين في الوصول إليها، بينما يعجز حتى من يتوفر على وسيلة نقل خاصة عن عبور هذه المسالك إلا بشق الأنفس.
 
 

هذه الوضعية لا تؤثر فقط على السير العادي للدراسة، بل تربك الأطر التربوية وأولياء الأمور الذين يضطرون يوميا لمواجهة ظروف قاسية لإيصال أبنائهم إلى مقاعد الدراسة، وتبرز إحدى المؤسسات التعليمية بجماعة الصخيرات بحي الفردوس 3 كنموذج صارخ لهذه المعاناة، حيث يصفها البعض بـ“منفى جماعي”، بالنظر إلى ما يكابدونه نفسيا وجسديا في رحلات يومية محفوفة بالمخاطر.
 
وتصل الأطر التربوية إلى مؤسساتهم بحمولة نفسية منهكة، بعد معاناة طويلة مع مسالك مشوهة وبنية تحتية مهترئة، في مدينة يُفترض أن تشكل نموذجا للمدن الجديدة لما لها من رمزية، فبينما تحظى الشوارع الرئيسية بالعناية، يتم إهمال العمق الداخلي للجماعة، لتظل الطرق والمسالك في وضعية متردية، تعيد إلى الأذهان صورا من زمن الاستعمار، مليئة بالأوحال والحفر، حتى إن الدواب تأبى المرور منها.
 
وما يزيد الوضع تأزما، هو غياب الإحساس بخطورة هذه المعضلة من قبل المسؤولين المحليين، في وقت انطلقت فيه البلاد تنظيم تظاهرات كبرى من حجم كأس أمم إفريقيا، فقد شهدت إحدى الطرق المؤدية للمؤسسة التعليمية صباح اليوم حادثة صادمة، تمثلت في انحسار سيارة خاصة على متنها مربيتين في الوحل، لتعلق المركبة إلى كتلة من الطين، وتتعرضا لأعطاب جسيمة ستكلف صاحبتها ما يعادل ميزانية شهرين أو أكثر لإصلاحها، علاوة على اتساخهما بالوحل من أخمص القدمين إلى فوق.
 
 

وأمام هذه المشاهد المؤلمة، يطرح السؤال حول إمكانية نساء ورجال التعليم أداء رسالتهم النبيلة في تربية وتعليم الأجيال، وهم يباشرون عملهم وسط هذا الإحباط والمعاناة اليومية، أو الحديث عن مدرسة عمومية ذات جودة، في ظل طرق تعيق الوصول إليها، وتستنزف طاقة الأطر التربوية قبل ولوج الفصول الدراسية.
 
إن وضعية جماعة الصخيرات تستدعي تدخلا عاجلا ومسؤولا من الجهات المعنية، لإعادة الاعتبار للبنية التحتية، وضمان حق الأطر التربوية والتلاميذ في الولوج الآمن إلى المؤسسات التعليمية، بما ينسجم مع شعارات العدالة المجالية والسير بسرعة واحدة لا بسرعتين كما تفضل جلالته في توجيهاته الملكية، ويصون كرامة “رسل العلم” الذين يواصلون أداء واجبهم رغم قسوة الظروف.



في نفس الركن