2021 دجنبر 9 - تم تعديله في [التاريخ]

مكافحة الإرهاب تجمع المغرب وإسبانيا من جديد

بالرغم من الأزمة الديبلوماسية بين البلدين تواصل الأجهزة الأمنية العمل معًا على مكافحة الإرهاب.


العلم الإلكترونية - زهير العلالي
 
أعلنت الشرطة الإسبانية، في بيان نشرته يوم الجمعة الماضي، اعتقال مواطن مغربي في مدينة تاراغونا شمال شرق إسبانيا، يشتبه في عضويته وترويجه لتنظيم داعش الإرهابي. وأضافت أن التحقيق والاعتقال تم تنفيذهما بتنسيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي.

وبحسب النتائج الأولى التي توصلت إليها السلطات الإسبانية، فإن المعتقل متورط في تجنيد وتلقين عقيدة داعش لثلاثة أطراف أخرى، عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.

وذكر موقع "مغرب بوست" الناطق بالألمانية، أن المعني كان على اتصال مستمر مع الإرهابيين الذين كانوا يقيمون في مناطق الصراع بالشرق الأوسط، حسب التقرير الصادر عن الشرطة الإسبانية، كما قام بتمجيد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي من خلال توزيع محتوى جهادي، بما في ذلك فيديو للإعدام على الإنترنيت.

وقد بدأ التحقيق بالفعل بعد عملية في 20 ماي 2020، تم خلالها اعتقال شخصين في بولانوس دي كالاترافا الإسبانية بتهمة التلقين العقائدي والتنظيم الإرهابي.

وتمر العلاقة بين المغرب وإسبانيا بأزمة ديبلوماسية على عدة مستويات منذ شهور، أججتها محاولة مدريد إخفاء دخول زعيم البوليساريو إبراهيم غالي إلى إسبانيا بداعي تلقي العلاج، ما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية واستدعاء السفير المغربي من مدريد.

وكان المغرب قد فقد الثقة في الجارة إسبانيا، إلى حدود تعديل وزاري وتعيين وزير جديد للخارجية، هو خوسيه مانويل ألباريس، الذي يتبنى لهجة أكثر تصالحية تجاه الرباط، على الرغم من عدم وجود لقاء شخصي حتى الآن بينه وبين نظيره المغربي ناصر بوريطة. لكن على الرغم من التوترات الدبلوماسية، يبدو أن الأجهزة الأمنية تواصل التعاون فيما بينها.
 
في هذا السياق، قال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، في تصريح لـ"العلم" بغض النظر عن موثوقية أو رسمية هذا الخبر، فالمغرب يتصرف بأسلوب البلد المسؤول، ويعطي أهمية كبيرة لكل عمل رصين، بعيدا عن ما يمكن أن ينتج بعض الاختلالات في الجانب الأمني، التي يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة، سواء على الأرواح أو المصالح أو الممتلكات.

وشدد بنحمو، على أن جانب التعاون الأمني مستمر في هذا المجال، لأن هناك ضرورة لمواجهة مجموعة من التهديدات، ومواجهتها تقوم على التعاون المشترك، خاصة أن التحديات التي نواجهها مشتركة، والأعداء الذين نواجههم سواء من جانب الإرهاب أو الجريمة المنظمة العابرة للحدود هم أيضا مشتركون.

وأضاف المتحدث، من باب المسؤولية كدولة، ومن باب الالتزام بالدفاع عن الأمن والاستقرار الدولي والمحلي والإقليمي، ومن باب الانخراط الفعلي والجدي والواضح والصريح من المغرب في إطار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، يبقى هذا التعاون مستمرا.

وتابع، يمكن للتعاون في هذا المجال أن يقوي العلاقات، كما يمكن أن يساهم في عودتها إلى ما كانت عليه بما أن التعاون الأمني هو جزء من العلاقات، ونظرا لحساسيته وخطورة غيابه لا يمكن الاستغناء عليه، لكن في الوقت نفسه، لا يمكن اعتباره النقطة الوحيدة التي بإمكانها حل مختلف القضايا العالقة، لأنها بحاجة إلى أن تقدم عنها الحكومة الإسبانية أجوبة ملموسة وفعلية، خاصة أن المغرب أظهر بشكل جلي، وعبر عن رغبته في بناء علاقة استراتيجية متجددة، وعلاقة أقوى مع إسبانيا على أسس متينة وبمحددات تضمن مصالح البلدين والعلاقات القوية المبنية بينهما خلال العقدين الأخيرين.

وأكد الخبير ذاته، أن التعاون المغربي الإسباني قبل الأزمة التي عرفتها علاقات البلدين، يعتبر تعاونا أمنيا نموذجيا، لأن درجة التعاون بين البلدين لم تبلغها إسبانيا مع بعض الدول الأوروبية، والعديد من دول العالم لم تبلغ درجة التعاون الاستخباراتي والأمني الذي بلغته العلاقات المغربية الإسبانية.

ويتوجه المغرب اليوم، حسب بنحمو، إلى بناء علاقات وثيقة ومبنية على الوضوح واحترام مصالح البلد ومكانته، وعلى الثقة بين الشركاء، معربا عن اعتقاده أن الحكومة الإسبانية بمختلف نخبها ومقوماتها في حاجة إلى أن تنخرط في بناء المستقبل وتخرج من عقدة تاريخية دفينة عند بعض الجهات والفئات.

وأشار رئيس المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية، على خلفية المبادرة التي تلمح إليها الجارة إسبانيا ممثلة في وزير خارجيتها، خوسيه مانويل ألباريس، إلى أننا لا نختلف حول الرغبة في اللقاء من أجل حل الأزمة، لكن قد نختلف على محتوى هذا اللقاء ومضمونه ومخرجاته، خصوصا أن المغرب لم تكن له يد في هذه الأزمة، فهو لم يختلقها ولم يرغب فيها، بل وجد نفسه في موقف بسبب سلوك غير مسؤول من طرف الحكومة الإسبانية المرتبط بفضيحة زعيم الانفصاليين ابراهيم غالي، وهو أسلوب لا يليق بشريك استراتيجي، وبالتالي حين تحدث خطيئة بمثل هذا الوزن تضرب الثقة في الصميم، لا شك في أن المغرب سيقرر إما أن نكون شركاء فعليين أو لا نكون.
 



في نفس الركن