العلم الإلكترونية - محمد الحبيب هويدي
في أجواء وطنية مفعمة بالاعتزاز والانتماء، احتضنت منطقة لكَلات يوم الثلاثاء 18 نونبر فعاليات النسخة الثالثة من ملتقى لكَلات، المنظم هذه السنة تحت شعار: "الحكم الذاتي… فرصة تاريخية لجمع الشمل وبناء المستقبل في إطار المغرب الموحد". وتزامنت هذه التظاهرة مع الاحتفال بالذكرى السبعين لعيد الاستقلال، ما أضفى عليها رمزية خاصة تجدد صلة الحاضر بالماضي وتبرز مسار المغرب في ترسيخ وحدته الترابية.
جاء تنظيم الملتقى بمبادرة من المجلس الجهوي للداخلة وادي الذهب وبشراكة مع النيابة الجهوية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والمديرية الجهوية للثقافة، والمجلس العلمي الجهوي, وجمعية إحياء ذكرى شهداء لكَلات والمحافظة على التراث الحساني. وقد شكّل هذا التعاون بين المؤسسات دليلاً واضحاً على إرادة جماعية لتثمين الذاكرة الوطنية وإحياء التراث الحساني باعتباره جزءاً أصيلاً من الهوية المغربية.
في كلمته الافتتاحية، عبّر رئيس المجلس الجهوي عن ترحيبه بالوفود المشاركة من مختلف ربوع المملكة، مؤكداً أن الاحتفاء بذكرى الاستقلال في منطقة لكَلات يكتسي بعداً مضاعفاً لما تحمله هذه المنطقة من رمزية في الدفاع عن الوحدة الترابية.
كما خصص جزءاً مهماً من كلمته للحديث عن القرار الأممي 2797، مبرزاً أن هذا القرار يشكّل مرحلة جديدة في الاعتراف الدولي المتزايد بوجاهة وواقعية المبادرة المغربية للحكم الذاتي. وأوضح أن القرار الأممي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لمسار طويل من العمل الدبلوماسي الهادئ والمسؤول الذي راهن على قوة الحجة، ومصداقية المؤسسات، واستقرار النموذج المغربي في محيط إقليمي يعاني من التوتر.
وأشار أيضاً إلى أن هذا القرار يعكس توافقاً دولياً متزايداً حول ضرورة اعتماد حلّ سياسي واقعي ودائم، مؤكداً أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي أثبتت أنها الأكثر انسجاماً مع متطلبات التنمية والاستقرار في المنطقة.
وأضاف أن مواقف الدول الكبرى والدول الإفريقية الشقيقة التي دعمت هذا القرار ليست مجرد مواقف ظرفية، بل هي تعبير واضح عن ثقة المجتمع الدولي في التزام المغرب بخيار السلم وبناء المستقبل المشترك.
ولم يفوّت رئيس المجلس الجهوي الفرصة للإشادة بـ الحكمة المتبصّرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي استطاع، برؤيته الاستراتيجية، أن يجعل من الأقاليم الجنوبية نموذجاً للتنمية المتقدمة والتدبير الجهوي الناجع. كما أكد أن نجاح النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية هو أقوى جواب على كل الأطروحات المعادية، ودليل عملي على أن المغرب لا يكتفي بالدفاع عن وحدته الترابية، بل يعمل على تطويرها وتنميتها لتصبح واجهة مشرقة لمغرب التقدم والازدهار.
وشدّد على أن سياسة جلالة الملك في التعاطي مع الملف تميّزت بـ رصانة دبلوماسية، وبعد نظر، وحكمة في توجيه الأوراش الكبرى، مما جعل المملكة اليوم فاعلاً مؤثراً في محيطها الإقليمي والقاري.
كما نوّه بدور القوات المسلحة الملكية بجميع مكوّناتها، باعتبارها حصناً منيعاً لحماية الأمن الوطني وترسيخ الاستقرار في الأقاليم الجنوبية.
وشهدت الجلسة الرسمية للملتقى مداخلات لمديرة النيابة الجهوية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ومدير الثقافة، وعدد من الشخصيات الفكرية، حيث ركزت المداخلات على ضرورة ربط الأجيال الجديدة بتاريخ المقاومة وتثمين الذاكرة الوطنية.
وبوفاء راسخ للثوابت الوطنية، رُفعت برقية ولاء وإخلاص إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تجديداً للعهد على الالتزام بالدفاع عن الوحدة الترابية وخدمة الوطن.
أما الفعاليات الفنية للملتقى فقد تميّزت ببرامج غنية تنوعت بين عروض فلكلورية محلية تُبرز هوية المنطقة، وسهرات غنائية أحيتها فرق محلية ووطنية، مما أضفى على الحدث طابعاً احتفالياً يزاوج بين التاريخ والتراث والفن.
ومع ختام الملتقى، أكّد المنظمون أن هذا الحدث أصبح موعداً سنوياً يجمع بين التاريخ والتراث والمستقبل، ويُسهم في ترسيخ مكانة لكَلات كفضاء حاضن للثقافة الحسانية وواجهة مشعة للدبلوماسية الترابية للمملكة.