2024 مارس 14 - تم تعديله في [التاريخ]

من‭ ‬الحلم‭ ‬المؤجل‭ ‬إلى‭ ‬الحلم‭ ‬المعطل

النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬يغلق‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭ ‬أمام‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية


العلم الإلكترونية - الرباط 

وقع‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬هوةٍ‭ ‬سحيقةٍ‭ ‬،‭ ‬وارتكب‭ ‬خطأ‭ ‬استراتيجياً،‭ ‬حين‭ ‬ألغى‭ ‬‮ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬لحظة‭ ‬جنون‭ ‬سياسي‭ ‬،‭ ‬وبقرار‭ ‬أُحادي‭ ‬،‭ ‬المؤسسة‭ ‬الاتحادية‭ ‬المغاربية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬بمدينة‭ ‬مراكش‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬رجب‭ ‬سنة‭ ‬1409‭ ‬الموافق‭ ‬للسابع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬فبراير‭ ‬عام‭ ‬‮ ‬1989‭ ‬،‭ ‬وسميت‭ ‬باتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬وصادقت‭ ‬عليها‭ ‬برلمانات‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الخمس‭ ‬،‭ ‬‮ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬الرسمية‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ . ‬‮ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون‭ ‬،‭ ‬تجاوز‭ ‬صلاحياته‭ ( ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬صلاحيات‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬عسكري‭ ‬لا‭ ‬سلطة‭ ‬فيه‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ ) ‬،‭ ‬بمحوه‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬حلماً‭ ‬لطالما‭ ‬داعب‭ ‬مخيلات‭ ‬قادة‭ ‬الحركات‭ ‬الاستقلالية‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬سجلات‭ ‬الدولة‭ ‬الجزائرية‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬بائسة‭ ‬ومفلسة‭ ‬لتشكيل‭ ‬كيان‭ ‬وحدوي‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬تأسيسه‭ ‬في‭ ‬مراكش‭ ‬،‭ ‬عاصمة‭ ‬المرابطين‭ ‬ثم‭ ‬الموحدين‭ ‬،‭ ‬الذين‭ ‬حكموا‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬ومعه‭ ‬الأندلس‭ ‬‮ ‬‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬سلاطين‭ ‬مغاربة‭ .‬
لقد‭ ‬نسف‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬بالحلم‭ ‬المؤجل‭ ‬،‭ ‬فحوله‭ ‬إلى‭ ‬حلم‭ ‬معطل‭ . ‬فكان‭ ‬هذا‭ ‬النسف‭ ‬والتعطيل‭ ‬انعكاساً‭ ‬للوضع‭ ‬المزري‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬الجارة‭ ‬الشرقية‭ ‬للمملكة‭ ‬المغربية‭ . ‬ولا‭ ‬ينتظر‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬استبدادي‭ ‬تخصص‭ ‬في‭ ‬إجهاض‭ ‬أحلام‭ ‬الشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬،‭ ‬إلا‭ ‬إغلاق‭ ‬آفاق‭ ‬المستقبل‭ ‬أمام‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية‭ ‬،‭ ‬وسد‭ ‬منافذ‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الأجيال‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬و‭ ‬تونس‭ ‬وليبيا‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬أراد‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬اتحاداً‭ ‬بديلاً‭ ‬،‭ ‬ممزقاً‭ ‬بذلك‭ ‬بيان‭ ‬قمة‭ ‬زرالده‭ ‬لقادة‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الجزائرية‭ ‬في‭ ‬العاشر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬1988‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬رغبة‭ ‬القادة‭ ‬الخمسة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬الاتحاد‭ ‬المغاربي‭ ‬،‭ ‬وتكوين‭ ‬لجنة‭ ‬لضبط‭ ‬وسائل‭ ‬تحقيق‭ ‬وحدة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬،‭ ‬حسب‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬حرر‭ ‬بها‭ ‬البيان‭ .‬
 
و‭ ‬إن‭ ‬دل‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬،‭ ‬فإنما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬الإفلاس‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬البؤس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬تغرق‭ ‬فيه‭ ‬بلاد‭ ‬المليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬شهيد‭ .‬
 
لقد‭ ‬كان‭ ‬أول‭ ‬مؤتمر‭ ‬للأحزاب‭ ‬المغاربية‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬بطنجة‭ ‬بتاريخ‭ ‬28‭ /‬30‭ ‬‮ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬،‭ ‬بدعوة‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الاستقلال‭ ‬،‭ ‬وبحضور‭ ‬‮ ‬قادة‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬التونسي‭ ‬،‭ ‬وجبهة‭ ‬التحرير‭ ‬الوطني‭ ‬الجزائرية‭ . ‬وكانت‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية‭ ‬قد‭ ‬قررت‭ ‬إنشاء‭ ‬اللجنة‭ ‬الاستشارية‭ ‬للمغرب‭ ‬العربي‭ ‬يكون‭ ‬مقرها‭ ‬بالعاصمة‭ ‬التونسية‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬1964‭ ‬،‭ ‬وكان‭ ‬الهدف‭ ‬منها‭ ‬تنشيط‭ ‬الروابط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المغاربية‭ . ‬ولذلك‭ ‬عُد‭ ‬تأسيس‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬إنجازاً‭ ‬عظيم‭ ‬الشأن‭ ‬عالي‭ ‬القيمة‭ . ‬ولكن‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬‮ ‬يأبى‭ ‬إلا‭ ‬‮ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬الصف‭ ‬المغاربي‭ ‬،‭ ‬لما‭ ‬يضمره‭ ‬من‭ ‬كراهية‭ ‬وضغينة‭ ‬وعداء‭ ‬للمغرب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يبرز‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬المغاربية‭ ‬،‭ ‬ويعمل‭ ‬بكل‭ ‬الوسائل‭ ‬،‭ ‬لعرقلة‭ ‬جهوده‭ ‬والسعي‭ ‬ما‭ ‬أمكنه‭ ‬للوقوف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المبادرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬بلادنا‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬أحدثها‭ ‬المبادرة‭ ‬الملكية‭ ‬الأطلسية‭ ‬،‭ ‬التي‭ ‬ارتعب‭ ‬منها‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬و‭ ‬فزع‭ ‬حتى‭ ‬طار‭ ‬عقله‭ ‬،‭ ‬وصار‭ ‬يلهث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬مخرجاً‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يطوقه‭ .‬
 
وليس‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬التحرك‭ ‬المرتجل‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الجزائر‭ ‬لخلق‭ ‬كيان‭ ‬وحدوي‭ ‬يجمعها‭ ‬مع‭ ‬تونس‭ ‬و‭ ‬ليبيا‭ ( ‬أو‭ ‬بالأصح‭ ‬،‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭ ) ‬،‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المحاولات‭ ‬البائسة‭ ‬والمفلسة‭ ‬التي‭ ‬يواصل‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬غافلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرد‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬تأثير‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ينقلب‭ ‬إلى‭ ‬المساس‭ ‬بالمصالح‭ ‬الحيوية‭ ‬للشعب‭ ‬الجزائري‭ ‬،‭ ‬الذي‭ ‬يحلم‭ ‬بتمتين‭ ‬الروابط‭ ‬مع‭ ‬أشقائه‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ .‬
 
أليس‭ ‬هذا‭ ‬الإفلاس‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الاستبدادي‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬القاطعة‭ ‬على‭ ‬‮ ‬‭ ‬‮ ‬‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬إعلان‭ ‬الجزائر‭ ‬دولةً‭ ‬مفلسةً‭ ‬ومعزولةً‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬؟‭.‬
 
أما‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬القوية‭ ‬بنظامها‭ ‬الملكي‭ ‬الراسخ‭ ‬الأركان‭ ‬،‭ ‬وبالوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تقوي‭ ‬إرادة‭ ‬المواطنين‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬بالالتفاف‭ ‬المتماسك‭ ‬حول‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬ماضيةٌ‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬البناء‭ ‬والنماء‭ ‬و‭ ‬التقدم‭ ‬والازدهار‭ ‬،‭ ‬تعزز‭ ‬مكاسبها‭ ‬الوطنية‭ ‬،‭ ‬وتراكم‭ ‬إنجازاتها‭ ‬الحضارية‭ ‬الكبرى‭ ‬،‭ ‬وترسخ‭ ‬القواعد‭ ‬لدولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬متين‭ ‬من‭ ‬الديمقراطية‭ ‬و‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬واحترام‭ ‬مبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الأهلي‭ ‬و‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬،‭ ‬وتواصل‭ ‬السعي‭ ‬الحثيث‭ ‬لصناعة‭ ‬المستقبل‭ ‬الآمن‭ ‬و‭ ‬المزدهر‭ ‬لشعبها‭ ‬و‭ ‬للشعوب‭ ‬الأفريقية‭ .‬



في نفس الركن