2025 أغسطس/أوت 12 - تم تعديله في [التاريخ]

مواقف‭ ‬المغرب‭ ‬الثابتة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتزعزع‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬محيط‭ ‬إقليمي‭ ‬غير‭ ‬مستقر


العلم الالكترونية

خلفت‭ ‬الزيارة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مسعد‭ ‬بولس‭ ‬المستشار‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬،‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر،‭ ‬أصداء‭ ‬واسعة‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬تحليلها‭ ‬أراء‭ ‬المراقبين‮ ‬‭ ‬ووجهات‭ ‬نظر‭ ‬المعلقين‭ ‬وتفسيرات‭ ‬الأجهزة‭ ‬المختصة‭ ‬بمراقبة‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يرجح‭ ‬أن‭ ‬المستشار‭ ‬مسعد‭ ‬بولس،‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬مهمته‭ ‬وولى‭ ‬راجعاً‭ ‬إلى‭ ‬واشنطن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أبلغ‭ ‬القيادات‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬المعسكرين‭ ‬الشرقي‭ ‬وعاصمته‭ ‬بنغازي‮ ‬‭ ‬والغربي‭ ‬وعاصمته‭ ‬طرابلس،‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬الأزمة‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت،‭ ‬و‭ ‬أن‭ ‬الأطراف‭ ‬المتصارعة‭ ‬حان‭ ‬الوقت‮ ‬‭ ‬لتتفق‭ ‬على‭ ‬صيغة‭ ‬سياسية‭ ‬عملية‭ ‬لفض‭ ‬الخلافات‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراعات،‮ ‬‭ ‬كما‭ ‬أبلغ‭ ‬القيادة‭ ‬الجزائرية‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬يعد‭ ‬بتيسير‭ ‬مسار‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية،‭ ‬وأن‭ ‬واشنطن‭ ‬قد‭ ‬قررت‮ ‬‭ ‬‮ ‬طي‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء،‭ ‬وأن‭ ‬الجزائر‭ ‬طرف‭ ‬رئيس‭ ‬لتسريع‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المقترح‭ ‬المغربي‭ ‬للحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭.‬‮ ‬
 
ولم‭ ‬تكن‭ ‬لمستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬مهمة‭ ‬غير‭ ‬هذه‭ ‬التي‭ ‬يرجحها‭ ‬المحللون‭ ‬المهتمون‭ ‬بقضايا‭ ‬المنطقة‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تمتد‭ ‬زيارة‭ ‬مسعد‭ ‬بولس‭ ‬إلى‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا،‭ ‬ويرد‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬طرح‭ ‬حينئذ،‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬صحيفة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬ألسنة‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري،‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬ضجة‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية،‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬و‭ ‬الخارج‭ .‬
 
مراصد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تعرف،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬أن‭ ‬إقليم‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬يغلي‭ ‬غلياناً‭ ‬شديداً،‭ ‬وأن‮ ‬‭ ‬مصدر‭ ‬القلق‮ ‬‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬ليبيا،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬وأن‭ ‬القيادات‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تستجيب‭ ‬للسياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة،‭ ‬التي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬إخماد‭ ‬الحرائق‭ ‬وإنهاء‭ ‬الصراعات‭ ‬وفض‭ ‬الخلافات،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬جنوبي‭ ‬الصحراء،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬أو‭ ‬في‮ ‬‭ ‬شرق‭ ‬أوروبا،‭ ‬أوفي‭ ‬منطقة‭ ‬القوقاز،‭ ‬أوفي‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬و‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬وسيلة‭ ‬للتسوية‭ ‬السلمية‭ ‬لهذه‭ ‬التوترات‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الدوليين،‭ ‬سوى‭ ‬ممارسة‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الضغط‭ ‬على‮ ‬‭ ‬الأطراف‭ ‬المباشرة،‭ ‬لتباشر‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬التفاوض‭ ‬والحوار‭ ‬والتوافق‭ ‬على‭ ‬آليات‭ ‬عملية‭ ‬لبناء‭ ‬السلام‭ .‬
 
المراقبون‭ ‬يجمعون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬مارست‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬الجزائرية‮ ‬‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭. ‬وثمة‭ ‬مؤشرات‭ ‬كثيرة‭ ‬ترجح‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تريد‭ ‬أن‮ ‬‭ ‬تتم‭ ‬تسوية‭ ‬النزاع‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬مع‭ ‬متم‭ ‬السنة‭ ‬الجارية‭. ‬ولعل‭ ‬أحد‭ ‬أقوى‭ ‬هذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬الزيارة‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مسعد‭ ‬بولس‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لشؤون‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬أفريقيا،‭ ‬للجزائر‭ ‬بعد‭ ‬زيارته‭ ‬لليبيا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬استثنائية‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭.‬
 
لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‮ ‬‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للصراعات‭ ‬العنيفة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬إقليم‭ ‬شمال‭ ‬أفريقيا‭ ‬منطقة‭ ‬غير‭ ‬مستقرة،‮ ‬‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هي‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬أسباب‭ ‬هذه‭ ‬التوترات‭ ‬والاضطرابات‭ ‬والواقفين‭ ‬وراءها،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬الذي‭ ‬يتحدى‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬ويسعى‭ ‬إلى‭ ‬عرقلة‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تقودها،‭ ‬حصرياً،‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬لإطالة‭ ‬أمد‭ ‬النزاع‭ ‬الذي‭ ‬له‭ ‬فيه‭ ‬مصالح‭ ‬يعرفها‭ ‬الجميع،‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وأحكام‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬
 
فالمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإقليم‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بأجواء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وسلطة‭ ‬القانون‮ ‬‭ ‬والأمن‭ ‬والسلم‭ ‬الأهلي‭ ‬والوئام‭ ‬والاستقرار‭ ‬المجتمعي‭. ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬دولة‭ ‬مواقفها‭ ‬ثابتة‭ ‬لا‭ ‬تتزعزع،‭ ‬وسياستها‭ ‬هادفة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬السلام،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬فحسب‭ ‬،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ .‬
 
‭ ‬وذلك‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬القوة‭ ‬الناعمة‭ ‬لبلادنا،‭ ‬والأساس‭ ‬الثابت‭ ‬لمغرب‭ ‬مستقر‭ ‬متضامن‭ ‬ومتماسك‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية،‭ ‬والذود‭ ‬عن‭ ‬مصالحه‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مزايدة‭ ‬عليها‭ ‬ولا‭ ‬تنازل‭ ‬عنها‭ ‬ولا‭ ‬تفريط‭ ‬فيها‭.‬

 



في نفس الركن