العلم الإلكترونية - الرباط
حمل الحوار الذي أجرته قناة فرنسا 24، مع الناطق الرسمي للحكومة الموريتانية رسالة مشفرة لقيادة جبهة البوليساريو، لما تجنب ذكر إسم جبهة البوليساريو بطريقة مباشرة،مما يجسد أن النظام الموريتاني يحاول الإبتعاد عن إثارة هذا الموضوع، مكتفيا بالتركيز على مفهوم إحترام القانون و السيادة، المؤديان إلى الإستقرار الإقليمي، هذا كله حسب مهتمين يدخل في إطار تقارب ملموس بين موريتانيا والمغرب على جميع المستويات.
كما أن تصريح المسؤول الموريتاني جاء ليؤكد أن موريتانيا تتعامل مع التحديات الأمنية والهجرة وفق منطق السيادة الوطنية والالتزامات القانونية، وهي مقاربات تتناقض مع الدعوات الانفصالية أو محاولات فرض الأمر الواقع من خارج منطق الدولة.
الوزير الموريتاني لم يُعر أي إهتمام لمطالب الشبكات الإعلامية التابعة لجبهة البوليساريو، التي تتهم ضمنيا موريتانيا بخدمة الأجندة المغربية. وأكد متتبعين للشأن الموريتاني بأن عدم تطرق المسؤول الموريتاني لفصايا تدخل في إطار قاموس جبهة البوليساريو كحق تقرير المصير أو النزاع الإقليمي، يُفسّر أنه إنعكاس سياسي، يسير نحو تحول لمقاربة موريتانيا لملف الصحراء الحساس، دون أن يعكر سماء أي طرف.
ويرى محللين سياسيين، بأن موريتانيا إختارت مسار سياسي خلال السنوات الأخيرة من قضية الصحراء يتسم بالحذر، لكن غالبا يكون ميال للمقاربة المغربية بخصوص قضيةالصحراء، وذلك نتيجة تقاطعات جيوسياسية بمنطقة الساحل، وفي ظل تعاظم التحديات الأمنية كالهجرة والتهريب والجريمة المنظمة، مما زاد في تعزيز العلاقات الموريتانية المغربية التي بلغت الى مستوى متقدم من التنسيق، حسب ذات المصادر التي كشفت أن هذه الأمور تتضح في ملفات مهمة كالأمن نتيجة التهديدات التي تحدق بالمنطقة، ثم تعزيز الشراكة بين البلدين ومراقبة النقط الحدودية.
كما لاحظ مهتمون بقية الصحراء بأن مقابلة الناطق الرسمي للحكومة الموريتانيا مع القناة الفرنسية (فرنسا 24) يجسد توجه جديد في المجال الديبلوماسي بالمؤسسة الرسمية الموريتانية، التي يبدو أنها تعتبر قضية الصحراء قضية إقليمية تتداخل فيه الواقعية السياسية مع مصلحة الدولة، هذا الطرح والتوجه حسب المهتمين، يحمل رؤيا تكاد تكون بالغة الأهمية بالنسبة لمشكل الصحراء الذي لم يعد منسجم مع موازين القوى الراهنة في شمال وغرب إفريقيا.
كما أن المهتمين بقضية الصحراء أكدوا أن المسؤول الموريتاني كان يريد أن يقول بأن دولة موريتانيا تُعيد تموضعها في ملف الصحراء، وبطريقة صامتة، لتضمن توازن في علاقاتها التقليدية، ومصالحها الأمنية، والتغيرات في ميزان التأثير الإقليمي الذي أصبح يصب في صالح المغرب.
وخلص هؤلاء المهتمون بملف الصحراء بأن موريتانيا قد لا تُعلن في الوقت الحاضر تحوّلاً رسمياً ومزلزل في موقفها من الصحراء، بخصوص سحب إعترافها بجبهة البوليساريو، وكانت حجت هؤلاء المهتمين هو ما جاء على لسان الوزير الموريتاني حين كان يتحدث عن بعد إستراتيجي للتوازنات سياسية بالمنطقة.