2025 أغسطس/أوت 25 - تم تعديله في [التاريخ]

نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الأسرار‭ .. ‬إسبانيا‭ ‬ترفع‭ ‬السرية‭ ‬عن‭ ‬أرشيف‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬


العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
 
بعد‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬التعتيم،‭ ‬فتحت‭ ‬إسبانيا‭ ‬أبواب‭ ‬أرشيفها‭ ‬حول‭ ‬انسحابها‭ ‬من‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬خطوة‭ ‬تحمل‭ ‬دلالات‭ ‬تاريخية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬هائلة‭. ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الجديد‭ ‬حول‭ ‬المعلومات‭ ‬المصنفة‭ ‬سمح‭ ‬لكشف‭ ‬ملفات‭ ‬كانت‭ ‬تعتبر‭ ‬‮«‬بالغة‭ ‬السرية‮»‬،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬انسحاب‭ ‬مدريد‭ ‬سنة‭ ‬1975‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ارتجاليًا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬تسوية‭ ‬سياسية‭ ‬دقيقة،‭ ‬اعترفت‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬ولو‭ ‬ضمنيًا،‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬أقاليمه‭ ‬الجنوبية‭.‬
 
الوثائق‭ ‬المنتظرة‭ ‬ستوضح‭ ‬التفاصيل‭ ‬الدقيقة‭: ‬اتفاق‭ ‬مدريد‭ ‬الثلاثي،‭ ‬والدور‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمواقف‭ ‬الرسمية‭ ‬للملك‭ ‬خوان‭ ‬كارلوس،‭ ‬والتحركات‭ ‬المدروسة‭ ‬للجيش‭ ‬الإسباني‭. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬تشكل‭ ‬لوحة‭ ‬واحدة‭ ‬تؤكد‭ ‬نهاية‭ ‬الحقبة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬وبداية‭ ‬سيادة‭ ‬مغربية‭ ‬متكاملة‭.‬
 
هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمنح‭ ‬المغرب‭ ‬ما‭ ‬عجز‭ ‬خصومه‭ ‬عن‭ ‬نفيه‭ ‬لعقود‭: ‬دليل‭ ‬تاريخي‭ ‬موثق‭ ‬يعزز‭ ‬موقفه‭ ‬دوليًا،‭ ‬ويضع‭ ‬الجزائر‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة‭. ‬الدبلوماسية‭ ‬الحديثة‭ ‬تعترف‭ ‬بقوة‭ ‬التاريخ،‭ ‬ووثيقة‭ ‬واحدة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أبلغ‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬البيانات‭ ‬الرسمية‭.‬
 
كما‭ ‬أن‭ ‬الظرف‭ ‬الدولي‭ ‬الحالي‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المغرب‭. ‬قوى‭ ‬كبرى،‭ ‬بينها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسبانيا‭ ‬نفسها،‭ ‬اعترفت‭ ‬بخطة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كحل‭ ‬واقعي‭. ‬أي‭ ‬وثيقة‭ ‬تؤكد‭ ‬تعامل‭ ‬مدريد‭ ‬منذ‭ ‬1975‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬كطرف‭ ‬شرعي‭ ‬ستعزز‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬وتمنحه‭ ‬ثقلًا‭ ‬أكبر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدبلوماسي‭.‬
 
لا‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الوثائق‭ ‬الماضي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬تعيد‭ ‬كتابة‭ ‬الحاضر،‭ ‬والمغرب‭ ‬لم‭ ‬ينتظر‭ ‬اعترافًا‭ ‬خارجيًا،‭ ‬بل‭ ‬فرض‭ ‬سيادته‭ ‬عبر‭ ‬العمل‭ ‬والتنمية‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬وحدته‭ ‬الترابية‭. ‬رفع‭ ‬السرية‭ ‬اليوم‭ ‬يحول‭ ‬التاريخ‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬سياسية‭ ‬ودبلوماسية‭ ‬مباشرة‭.‬
 
كما‭ ‬أن‭ ‬الأرشيف‭ ‬الإسباني‭ ‬سيكشف،‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬عن‭ ‬جوانب‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬الدولي‭ ‬لانسحاب‭ ‬إسبانيا،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الضغوط‭ ‬والمناورات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬مدريد،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬كان‭ ‬الطرف‭ ‬الوحيد‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬تسوية‭ ‬عادلة‭. ‬هذه‭ ‬التفاصيل‭ ‬ستقوّي‭ ‬الرواية‭ ‬المغربية،‭ ‬وتضع‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬كتابة‭ ‬التاريخ‭ ‬أمام‭ ‬اختبار‭ ‬حقيقي‭ ‬للمصداقية‭.‬
 
الوثائق‭ ‬المنتظرة‭ ‬تحمل‭ ‬أيضًا‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬للمنطقة‭ ‬بأسرها‭: ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬للمغرب‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬وقائع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬طمسها،‭ ‬وأن‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬يحاول‭ ‬المساس‭ ‬بوحدة‭ ‬التراب‭ ‬المغربي‭ ‬سيجد‭ ‬نفسه‭ ‬بلا‭ ‬سند‭ ‬تاريخي‭ ‬أو‭ ‬دبلوماسي‭. ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬مكانة‭ ‬المغرب‭ ‬الراسخة‭ ‬كفاعل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مصالحه‭ ‬وفرض‭ ‬واقع‭ ‬سيادته‭.‬
 
في‭ ‬الجانب‭ ‬الإعلامي،‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬الرسمي‭ ‬والجماهيري‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭ ‬وجبهة‭ ‬البوليساريو‭. ‬فبعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الحملات‭ ‬الدعائية،‭ ‬ستثبت‭ ‬الوثائق‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬المغربية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬ادعاء،‭ ‬بل‭ ‬حقيقة‭ ‬مدعومة‭ ‬بالأرشيفات،‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬الخصوم‭ ‬أمام‭ ‬حقيقة‭ ‬تاريخية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها‭.‬
 
تؤكد‭ ‬هذه‭ ‬المستجدات‭ ‬أن‭ ‬التاريخ‭ ‬لا‭ ‬يُنسى،‭ ‬وأن‭ ‬المغرب،‭ ‬بثباته‭ ‬واستراتيجيته‭ ‬الحكيمة،‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يحوّل‭ ‬حتى‭ ‬أسرار‭ ‬خصومه‭ ‬إلى‭ ‬ورقة‭ ‬قوة‭. ‬رفع‭ ‬السرية‭ ‬عن‭ ‬أرشيف‭ ‬الصحراء‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬كشف‭ ‬للحقائق‭ ‬الماضية،‭ ‬بل‭ ‬تعزيز‭ ‬للرواية‭ ‬المغربية‭ ‬وترسيخ‭ ‬لسيادتها‭ ‬أمام‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬محطة‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬المنطقة‭ ‬والسياسة‭ ‬الدولية‭. ‬



في نفس الركن