العلم
تتجمع المؤشرات للدلالة على أن ملف الصحراء المغربية أوشك أن يطوى وأشرف على دخول التاريخ باعتباره أحد الملفات التي شغلت الأمم المتحدة مدة طويلة ستبلغ في يوم 6 نوفمبر القادم، نصفَ قرنٍ حافلاً بالأحداث التي كانت في عديد من المراحل ، تهدد الأمن والسلم الدوليين .
تتجمع المؤشرات للدلالة على أن ملف الصحراء المغربية أوشك أن يطوى وأشرف على دخول التاريخ باعتباره أحد الملفات التي شغلت الأمم المتحدة مدة طويلة ستبلغ في يوم 6 نوفمبر القادم، نصفَ قرنٍ حافلاً بالأحداث التي كانت في عديد من المراحل ، تهدد الأمن والسلم الدوليين .
وفي ضوء التطورات المتلاحقة التي شهدتها قضية الصحراء المغربية، وارتفعت وتيرتها خلال السنوات القليلة المنصرمة، يطرح المراقبون سؤالاً عما إذا كان النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، قد دخل المرحلة ما قبل الأخيرة؟ فإذا كان الجواب بالإيجاب، فهذا يطرح مزيداً من الأسئلة، لعل أهمها هو متى سيصدر قرار مجلس الأمن الدولي باعتماد المقترح المغربي بالحكم الذاتي وإقراره مع تحديد الموعد الزمني وطريقة التطبيق؟
لا جدال في أن مجلس الأمن الدولي هو الجهة الأممية التي تختص بإصدار القرارات الإلزامية واجبة التنفيذ، والتأكيد على الأطراف المعنية بالموضوع، التي تصبح بموجب قرار مجلس الأمن، ملزمة بالانخراط في العملية السياسية لإنهاء النزاع، فإذا تقاعست أو تململت أو سوفت أو امتنعت عن التنفيذ، عدَّت دولةً مارقةً ترفض الانصياع لقرارات مجلس الأمن الدولي، تخضع لعقوبات تتدرج من الاقتصادية إلى القانونية، وتدرج في قائمة الدول التي تحتاج إلى التأهيل .
وثمة أكثر من دليل على أن الأزمة دخلت المرحلة ما قبل الأخيرة، التي تمهد الطريق نحو فصل الخطاب وإغلاق الملف وفض النزاع، وأن الدول الكبرى، ومنها الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن، تعترف بمغربية الصحراء، وتدعم مقترح الحكم الذاتي، ومعها إثنتان وعشرون دولة من الاتحاد الأوروبي، و دول الخليج العربي الست، وما يقارب مائة وعشرين دولة عضواً في الأمم المتحدة .
وحسب المنطق السياسي السليم، ووفقاً للتكييف القانوني ، فإن المرحلة الحالية التي تسبق النهاية ، هي مجرد الإطار الإجرائي الذي تتخذ فيه الخطوات التمهيدية قبل الدخول في تطبيق بنود مقترح الحكم الذاتي . ويندرج في هذا الإطار الموائد المستديرة، التي تسميها قرارات مجلس الأمن منذ سنوات قليلة ، بالمفاوضات بين الأطراف الأربعة المعنية مباشرة بالنزاع . ولكن المغرب لا يتفاوض حول جزء لا يتجزأ من ترابه الوطني، وإنما هو على أتم الاستعداد للبحث والحوار حول إجراءات تطبيق مقترح الحكم الذاتي و تفصيلاته حسب قرار مجلس الأمن الذي ينظم العملية حصرياً. وهي مرحلة حاسمة ، لأن الجزائر لن تلتزم بالإجراءات المقررة، وليس من مصلحتها، أن تخرج خاوية الوفاض، كما يعبر الإعلام الجزائري الخاضع لسلطة المخابرات العامة، والواقع تحت سيطرة جهاز الاستخبارات العسكرية، كما هو معلوم .
وعلى الرغم من العناد والإصرار على معاكسة جهود الأمم المتحدة، والمساعي التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية، لتسوية النزاع المفتعل، طبقاً لمقترح الحكم الذاتي، فإن النظام الجزائري قد خسر كل شيء، وخابت خطته في استدامة النزاع إلى أجل غير مسمى، وصار اليوم أمام الامتحان العسير الذي سيدخله مكرهاً ، ليخرج منه مدمراً متداعياً مفلساً فاشلاً يجر أذيال الخيبة التي صنعها لنفسه.
ودون أن تكون بين أيدينا معلومات مدققة عن المرحلة الحالية وعما سيعقبها من مرحلة النهاية، إلا أننا، واعتماداً على آليات التحليل السياسي وشروطه المعتمدة في العلوم السياسية، فإننا نتصور أن مؤشرات طي ملف الصحراء، باتت واضحة، أو أقرب ما تكون إلى الوضوح، و أن التسوية السلمية للنزاع، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ، صارت قاب قوسين أو أدنى .