2025 دجنبر 4 - تم تعديله في [التاريخ]

‬ تراجع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬زواج‭ ‬القاصرات‭ ‬بالمغرب‭.. ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬يكشف‭ ‬انخفاضا‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬آلاف

محمد‭ ‬حبيب‭ :‬التراجع‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬الوضع‭ ‬الحقيقي‭ ‬والظاهرة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حماية‭ ‬اجتماعية‭ ‬شاملة



*العلم‭- ‬ ليلى‭ ‬فاكر*
 
كشف‭ ‬وزير‭ ‬العدل،‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬وهبي،‭ ‬خلال‭ ‬مثوله‭ ‬بمجلس‭ ‬النواب،‭ ‬عن‭ ‬معطيات‭ ‬رقمية‭ ‬جديدة‭ ‬تؤكد‭ ‬تسجيل‭ ‬تراجع‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬زواج‭ ‬القاصرات‭ ‬بالمغرب،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬المعالجة‭ ‬الفعلية‭ ‬للملف‭ ‬تمر‭ ‬عبر‭ ‬تغيير‭ ‬الثقافة‭ ‬السائدة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بخطورة‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة،‭ ‬وأوضح‭ ‬وهبي‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬المسجلة‭ ‬تعكس‭ ‬انخفاضا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الزواج‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الأهلية،‭ ‬حيث‭ ‬تراجعت‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬ألفا‭ ‬و298‭ ‬حالة‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬إلى‭ ‬8‭ ‬آلاف‭ ‬و955‭ ‬حالة‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬مسجلة‭ ‬تراجعا‭ ‬يناهز‭ ‬20‭ ‬ألف‭ ‬طلب‭.‬
 
وبلغة‭ ‬الأرقام‭ ‬نفسها،‭ ‬أبرز‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬التفاوت‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الوسطين‭ ‬القروي‭ ‬والحضري،‭ ‬مذكرا‭ ‬بأن‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬سجلت‭ ‬11‭ ‬ألفا‭ ‬و830‭ ‬طلبا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬القروي‭ ‬مقابل‭ ‬4527‭ ‬طلبا‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الحضري،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬استمرار‭ ‬منحى‭ ‬التراجع‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬تسجيل‭ ‬9021‭ ‬طلبا،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬2880‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الحضري‭.‬
 
وفي‭ ‬ختام‭ ‬توضيحاته،‭ ‬شدد‭ ‬وهبي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬زواج‭ ‬القاصرات‭ ‬“قضية‭ ‬ثقافة‭ ‬ووعي”‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مسألة‭ ‬قانونية،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي‭ ‬بدور‭ ‬الفتاة‭ ‬وفرصها‭ ‬المستقبلية،‭ ‬ومجددا‭ ‬تأكيده‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مكان‭ ‬الفتاة‭ ‬هو‭ ‬المدرسة‭ ‬وليس‭ ‬الزواج‮»‬‭.‬
 
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أكد‭ ‬محمد‭ ‬حبيب،‭ ‬أخصائي‭ ‬اجتماعي‭ ‬وباحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬ورئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬للمساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بقطاع‭ ‬العدل،‭ ‬أن‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬بخصوص‭ ‬تراجع‭ ‬حالات‭ ‬زواج‭ ‬القاصرات‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬ألف‭ ‬حالة‭ ‬سنة‭ ‬2017‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬آلاف‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬“قد‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬مؤشرا‭ ‬إيجابيا”،‭ ‬لكنه‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القراءة‭ ‬الواقعية‭ ‬للظاهرة‭ ‬داخل‭ ‬المحاكم‭ ‬تكشف‭ ‬وجها‭ ‬آخر‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭.‬
 
وأفاد‭ ‬حبيب‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬ل»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬التراجع‭ ‬العددي‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬دائما‭ ‬الوضع‭ ‬الحقيقي‭ ‬خارج‭ ‬جدران‭ ‬المحكمة،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أشكالا‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الارتباط‭ ‬قد‭ ‬تلجأ‭ ‬إليها‭ ‬بعض‭ ‬الأسر،‭ ‬مثل‭ ‬الزواج‭ ‬العرفي‭ ‬أو‭ ‬الارتباطات‭ ‬غير‭ ‬الموثقة‭ ‬أو‭ ‬تأجيل‭ ‬توثيق‭ ‬الزواج‭ ‬إلى‭ ‬حين‭ ‬بلوغ‭ ‬السن‭ ‬القانوني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الظاهرة‭ ‬أكثر‭ ‬خفاء‭ ‬وأصعب‭ ‬في‭ ‬التتبع‭ ‬والحماية‭.‬
 
وصرح‭ ‬بأن‭ ‬تشدد‭ ‬القضاة‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬الإذن‭ ‬خطوة‭ ‬لحماية‭ ‬الطفلات‭ ‬من‭ ‬مصير‭ ‬غير‭ ‬ناضج،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬قد‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعاكس‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الفقر‭ ‬والهشاشة‭ ‬والأعراف‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬انخفاض‭ ‬الرقم‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬بالضرورة‭ ‬اختفاء‭ ‬الظاهرة‭.‬
 
وأضاف‭ ‬حبيب‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬الجوهري‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬كم‭ ‬تراجع‭ ‬العدد؟‭ ‬وإنما‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تغيّر‭ ‬فعلا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الطفلات؟‭ ‬متسائلا‭ ‬عن‭ ‬نسب‭ ‬الهدر‭ ‬المدرسي،‭ ‬وتحسن‭ ‬أوضاع‭ ‬الأسر،‭ ‬ومكانة‭ ‬المدرسة‭ ‬في‭ ‬وعي‭ ‬الطفلات،‭ ‬ومدى‭ ‬توفر‭ ‬الدعم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬حمايتهن‭ ‬من‭ ‬الاختيارات‭ ‬القسرية‭.
 
وأكد‭ ‬أن‭ ‬معركة‭ ‬مواجهة‭ ‬زواج‭ ‬القاصرات‭ ‬ليست‭ ‬قانونية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬معركة‭ ‬وعي‭ ‬وتربية‭ ‬وتنمية‭ ‬بشرية،‭ ‬داعيا‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ودعم‭ ‬الأسر‭ ‬تربويا،‭ ‬وتكثيف‭ ‬حضور‭ ‬المساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬داخل‭ ‬المحاكم،‭ ‬لما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬يتجاوز‭ ‬تحرير‭ ‬التقارير‭ ‬إلى‭ ‬مرافقة‭ ‬الطفلات‭ ‬وفهم‭ ‬سياقاتهن‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭.‬
 
وأفاد‭ ‬أيضا‭ ‬بأن‭ ‬الأرقام‭ ‬المعلنة،‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها،‭ ‬تبقى‭ ‬سطحية‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬ترفق‭ ‬بتتبع‭ ‬حقيقي‭ ‬لمآلات‭ ‬الزواج‭ ‬المبكر،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬معرفة‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزيجات‭ ‬انتهت‭ ‬بالطلاق،‭ ‬أو‭ ‬عرف‭ ‬العنف،‭ ‬أو‭ ‬ترتبت‭ ‬عنه‭ ‬آثار‭ ‬نفسية‭ ‬واجتماعية‭ ‬على‭ ‬الطفلات‭ ‬اللواتي‭ ‬دخلن‭ ‬مؤسسة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قدراتهن‭ ‬العمرية‭.‬
 
وختم‭ ‬محمد‭ ‬حبيب‭ ‬تصريحه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النقاش‭ ‬الوطني‭ ‬حول‭ ‬إصلاح‭ ‬مدونة‭ ‬الأسرة‭ ‬فرصة‭ ‬لاعتماد‭ ‬رؤية‭ ‬تنصت‭ ‬إلى‭ ‬نبض‭ ‬الطفلات‭ ‬قبل‭ ‬الأرقام،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حماية‭ ‬الطفولة‭ ‬مشروع‭ ‬مجتمع‭ ‬كامل،‭ ‬وليس‭ ‬مسؤولية‭ ‬وزارة‭ ‬واحدة،‭ ‬كما‭ ‬جدد‭ ‬باسم‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬للمساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بقطاع‭ ‬العدل‭ ‬الاستعداد‭ ‬التام‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مبادرة‭ ‬تدعم‭ ‬حقوق‭ ‬الطفلات‭ ‬وتعزز‭ ‬حضور‭ ‬المساعدة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬داخل‭ ‬المحاكم،‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬التراجع‭ ‬الرقمي‭ ‬تراجعاً‭ ‬حقيقياً‭ ‬في‭ ‬المأساة،‭ ‬لا‭ ‬مجرد‭ ‬انتقال‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬العلن‭ ‬إلى‭ ‬الظل‭.



في نفس الركن