العلم: نهيلة البرهومي
أعلنت إدارة الدفاع الوطني، عن منح 10 تراخيص لمشاريع صناعية تخص أنشطة دفاعية متنوعة، باستثمار إجمالي تقدر قيمته بـ260 مليون دولار، وذلك منذ إطلاق الورش الإستراتيجي، المتعلق بدعم الإقلاع في مجال الصناعة الدفاعية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار توطين صناعة دفاعية وطنية قادرة على تعزيز السيادة الاقتصادية والأمنية للمملكة.
وبحسب المهتمين، فإن تحول المغرب من مستهلك للمعدات الدفاعية إلى شريك فاعل في إنتاجها خطوة مفصلية، مدعومة بتحفيزات مالية وتشريعية غير مسبوقة تهدف إلى جذب الاستثمار الخاص وتسريع الإنجاز.
ويؤكد المتتبعون، أن المغرب يمضي قدما بخطى ثابتة وممنهجة في مسار توطين وتطوير الصناعات الدفاعية، معتمدا على شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص لضمان السيادة التكنولوجية والأمنية.
وتمثل هذه المشاريع، التي تغطي أنشطة دفاعية متنوعة، مرحلة جديدة في سياسة الانفتاح على الصناعات العسكرية التي أطلقتها المملكة قبل سنوات، والتي تستهدف بشكل أساسي تقليص التبعية الخارجية في هذا القطاع الاستراتيجي، إضافة إلى ضمان أمن إمدادات القوات المسلحة، وتقليل فاتورة الصيانة الباهظة، والأهم هو خلق مئات الوظائف ذات القيمة المضافة العالية، مما يربط الأمن بالتنمية الاقتصادية بشكل مباشر.
ويعد هذا الرقم بداية فعلية لضخ رؤوس أموال ضخمة في قطاع حيوي جديد بالمملكة، وهو ما يعكس جدية في تطبيق القانون المتعلق بـ»العتاد والتجهيزات الدفاعية والأمنية».
في هذا السياق، يرى عصام العروسي، المدير العام لمركز منظورات للدراسات الجيوسياسية، والخبير في الشؤون الأمنية، أن المملكة المغربية باتت واضحة في ما يتعلق بمفاهيم التسليح والسيادة الدفاعية والاكتفاء الذاتي، وهذه المفاهيم ميزت سياسة المغرب على المستويين الدفاعي والعسكري.
وأكد العروسي في تصريح لـ»العلم»، أن المملكة باتت تعتمد أخيرا سياسة تقوم على أساس جعله قوة عسكرية قادرة على إنتاج الأسلحة والاستثمار في المجال العسكري، من خلال توفره على ترسانة عسكرية برية وجوية وبحرية.
وأوضح المدير العام لمركز منظورات للدراسات الجيوسياسية، والخبير في الشؤون الأمنية، أن العديد من المشاريع أنجزت في هذا الاتجاه على المستوى الدفاعي والطائرات والآليات الدفاعية والشراكات مع دول كبرى كالهند والصين وأروبا الشرقية.
وعن الأسباب الاستراتيجية والاقتصادية التي كانت وراء هذا التوجه، أفاد الخبير أنه راجع إلى إيمان المغرب بأن التوفر على أدوات الردع سيتيح له إمكانية مراقبة محيطه الإقليمي، التسلح بقواعد الدفاع، التحول إلى عنصر مزود ومنتج بدل أن يكون مستهلكا للأسلحة فقط.
وأشار المتحدث، إلى أن المملكة المغربية قادرة على خوض غمار هذه التجربة، والإنتاج والاستثمار في هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي، مقارنة بدول أخرى حسب الخبير متوسطة القدرة وتلعب أدوارا وظيفية في المجتمع الدولي، مستحضرا كلا من تركيا والبرازيل في هذا الباب.
ونبه إلى أن المغرب لم يعد يغامر وإنما باتت لديه قاعدة قارة وأطر بشرية قادرة على رفع غمار التحدي، مع تسخير الإمكانات المادية، والإرادة القوية والرغبة في التموقع ضمن فئة المستثمرين في القطاع العسكري. داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة رفع راية التنافس في هذا المجال، «لأنه لا يمكن القول إن المغرب سيتحول بين ليلة وضحاها إلى قوة عسكرية ضاربة»، لكن تحقيق الهدف يبدأ بخطوات تدريجية، سعى إليها المغرب وبدأ فعلا في تطبيقها منذ فترة من خلال الاستثمار في القوة الدفاعية وآليات الطيران، مع مراعاة الثورتين الرقمية والمعلوماتية.
وخلص الخبير الأمني إلى أن الحديث اليوم عن نواقص تهم التجربة المغربية باعتبارها تجربة ناشئة، فعل سابق لأوانه، خاصة وأن أي تجربة تتطلب الوقت. والمملكة من وجهة نظر الخبير في حاجة إلى وقت لتدارك مسار الدول المستثمرة في القطاع العسكري، مع الاستفادة من التجارب المقارنة، مشددا على ضرورة وضع استراتيجية محكمة وليس مجرد اتخاذ قرار جزئي، لتنمية بنية عسكرية مستقلة.