2024 فبراير 5 - تم تعديله في [التاريخ]

‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان.. ‮"‬كوكايين‭ ‬الفقراء" ‬يدمر‭ ‬شباب‭ ‬المغرب‭ ..‬متى‭ ‬تقرع‭ ‬طبول‭ ‬الحرب؟‭


معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإفريقية‭ ‬ينبه‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان

*العلم‭:‬ سعيد‭ ‬الوزان‭*

دعا‭ ‬تقرير‭ ‬حديث‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإفريقي‭ ‬إلى‭ ‬تقوية‭ ‬الترسانة‭ ‬القانونية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأطر‭ ‬المؤسساتية‭ ‬بالمغرب‭ ‬لمواجهة‭ ‬التداعيات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬يشكلها‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬القوية‭ ‬على‭ ‬الشباب‭ ‬والأطفال‭ ‬المغاربة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أمام‭ ‬الانتشار‭ ‬المرعب‭ ‬لما‭ ‬يعرف‭ ‬ب»كوكايين‭ ‬الفقراء‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬مخدر ‬‮«‬البوفا»‮‬‭.‬

التقرير‭ ‬المذكور‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬مكافحة‭ ‬الظاهرة‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬عارم‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الأسر‭ ‬المغربية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬تعزيز‭ ‬الترسانة‭ ‬القانونية‭ ‬وتقوية‭ ‬الأطر‭ ‬المؤسسية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬ضد‭ ‬المتاجرين‭ ‬بالبشر،‭ ‬خاصة‭ ‬منهم‭ ‬أولئك‭ ‬المتورطين‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬وتهريب‭ ‬الكوكايين،‭ ‬أو‭ ‬ممن‭ ‬تتضح‭ ‬مسؤولياتهم‭ ‬في‭ ‬وفاة‭ ‬المستهلكين‭. ‬

وأوصى‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإفريقي‭ ‬المغرب‭ ‬الاقتداء‭ ‬بالتجربة‭ ‬اليونانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدريب‭ ‬الأسر‭ ‬والأصدقاء‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬علاقات‭ ‬ثقة‭ ‬مع‭ ‬متعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مساعدتهم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬العلاج‭ ‬من‭ ‬إدمانهم،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تعزيز‭ ‬أنظمة‭ ‬الوقاية‭ ‬والتوعية‭ ‬والدعم‭ ‬للأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعتمدون‭ ‬على‭ ‬المخدرات‭.‬

ورغم‭ ‬الحملات‭ ‬والاعتقالات‭ ‬الواسعة‭ ‬والمصادرات‭ ‬التي‭ ‬تنهجها‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬المتزايد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬عقار‭ ‬‮«‬البوفا‮»‬‭ ‬المدمر‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬متاحا‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الشباب،‭ ‬خصوصا‭ ‬داخل‭ ‬الأحياء‭ ‬الهامشية‭ ‬والمناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬هشاشة‭ ‬واضحة،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الفارط،‭ ‬تم‭ ‬تفكيك‭ ‬ست‭ ‬شبكات‭ ‬مخدرات‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

وخلال‭ ‬الفترة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شهري‭ ‬غشت‭ ‬وشتنبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬نفسه،‭ ‬تمكن‭ ‬الأمن‭ ‬المغربي‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬112‭ ‬من‭ ‬تجار‭ ‬‮«‬البوفا‮»‬،‭ ‬وتم‭ ‬ضبط‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬1413‭ ‬كلغ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المخدر‭ ‬القاتل‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬منسقة‭ ‬شملت‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬المغربية،‭ ‬وفي‭ ‬يوليوز‭ ‬الذي‭ ‬سبق،‭ ‬تم‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬15‭ ‬شخصا‭ ‬بالدار‭ ‬البيضاء‭ ‬بعد‭ ‬العثور‭ ‬بحوزتهم‭ ‬على‭ ‬الأدوات‭ ‬والمكونات‭ ‬اللازمة‭ ‬لتصنيع‭ ‬هذا‭ ‬السم‭ ‬الفتاك‭.‬

تقرير‭ ‬معهد‭ ‬الدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإفريقي‭ ‬نبه‭ ‬إلى‭ ‬تنامي‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬يلعبه‭ ‬المغرب‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬للكوكايين،‭ ‬موردا‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬المغربية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أحبطت‭ ‬عملية‭ ‬تهريب‭ ‬طن‭ ‬و371‭ ‬كلغ‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬إسبانيا،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬تدفق‭ ‬الكوكايين‭ ‬عبر‭ ‬البلاد،‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الأسهل‭ ‬على‭ ‬المتاجرين‭ ‬والتجار‭ ‬تصنيع‭ ‬وتوزيع‭ ‬‮«‬البوفا‮»‬،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬الوضع‭ ‬المتردي‭ ‬بالفعل‭.‬

المصدر‭ ‬نفسه‭ ‬كشف‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬تجارة‭ ‬واستهلاك‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المخدر‭ ‬ازدادت‭ ‬حدتهما‭ ‬منذ‭ ‬أزمة‭ ‬‮«‬كوفيد‭ ‬19‮»‬‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متسارع،‭ ‬خصوصا‭ ‬أمام‭ ‬سعره‭ ‬المنخفض‭ ‬نسبيا،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬50‭ ‬درهما‭ ‬للغرام‭ ‬الواحد،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬سهولة‭ ‬الحصول‭ ‬عليه‭ ‬كونه‭ ‬متاحا‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬داخل‭ ‬صفوف‭ ‬الشباب،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬أطفال‭ ‬المدارس،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الموسم‭ ‬الدراسي‭ ‬السابق‭ (‬2022/2023‭)‬،‭ ‬شهد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬3870‭ ‬حالة‭ ‬واعتقال‭ ‬4286‭ ‬مشتبها‭ ‬به‭ ‬بتهمة‭ ‬الاتجار‭ ‬ب»البوفا‮»‬‭.‬

و»البوفا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬عقار‭ ‬اصطناعي‭ ‬يتم‭ ‬صنعه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلط‭ ‬الكوكايين‭ ‬أو‭ ‬نفايات‭ ‬‮«‬الميثامفيتامين‭ ‬البلوري‮»‬‭ ‬المقطعة‭ ‬مع‭ ‬إضافة‭ ‬حمض‭ ‬البطارية‭ ‬وزيت‭ ‬المحرك‭ ‬والشامبو‭ ‬وصودا‭ ‬الخبز‭ ‬والأمونيا،‭ ‬وتعاطي‭ ‬جرعة‭ ‬واحدة‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬ثلاث‭ ‬جرعات‭ ‬كافية‭ ‬للتعرض‭ ‬للإدمان‭ ‬الشديد،‭ ‬ويوجد‭ ‬حاليا‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬آلاف‭ ‬مدمن‭ ‬مسجل‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الشمالي‭ ‬من‭ ‬المملكة،‭ ‬ما‭ ‬يبرز‭ ‬مدى‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة‭ ‬بكيفية‭ ‬مخيفة‭ ‬تدعو‭ ‬للقلق‭.‬

ولا‭ ‬زال‭ ‬غير‭ ‬معروف‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬دقيق‭ ‬كيفية‭ ‬وصول‭ ‬هذا‭ ‬المخدر‭ ‬الفتاك‭ ‬إلى‭ ‬المغرب،‭ ‬والذي‭ ‬يترك‭ ‬آثارا‭ ‬مدمرة‭ ‬على‭ ‬متعاطيه،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬إقدامه‭ ‬على‭ ‬الانتحار،‭ ‬مع‭ ‬تسببه‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬إثارة‭ ‬نزعات‭ ‬العدوانية‭ ‬والعنف،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التهابات‭ ‬الجلد‭ ‬والقروح‭ ‬وأمراض‭ ‬القلب‭ ‬والأوعية‭ ‬الدموية‭ ‬والضيق‭ ‬الرئوي‭ ‬ومشاكل‭ ‬في‭ ‬الكلى‭ ‬والحمى‭ ‬والصداع‭ ‬الشديد‭ ‬والأرق‭ ‬والتشنجات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عواقبه‭ ‬البعيدة‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬كافة،‭ ‬ويكفي‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬متزايدا‭ ‬من‭ ‬الفتيات‭ ‬الصغيرات‭ ‬ينخرطن‭ ‬في‭ ‬تجارة‭ ‬الجنس‭ ‬لدفع‭ ‬ثمن‭ ‬تعاطيهن‭ ‬اليومي،‭ ‬بينما‭ ‬يقوم‭ ‬بعض‭ ‬المستخدمين‭ ‬ببيع‭ ‬سياراتهم‭ ‬وممتلكاتهم‭ ‬لتمويل‭ ‬حاجتهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المخدر،‭ ‬وفي‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬يتم‭ ‬اللجوء‭ ‬للسرقة‭ ‬ولكل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬توفير‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬لتحقيق‭ ‬رغباتهم‭ ‬في‭ ‬مجرد ‭"‬نشوة‮" ‬قاتلة‭.‬



في نفس الركن