العلم الإلكترونية - الرباط
كلما تزايدت المساعدات الإنسانية العاجلة التي يقدمها المغرب إلى أشقائنا الفلسطينيين في قطاع غزة ، بتوجيه من جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله وأيده ، رئيس لجنة القدس، إلا وتبادر إلى الذهن سؤال بات يفرض نفسه على الجميع، هل ينوب المغرب عن العالم الإسلامي في القيام بهذا الواجب الديني والأخلاقي والإنساني؟ وللسؤال صيغة أخرى عن إحجام الدول الست والخمسين الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، عن المبادرة بإرسال المساعدات الغذائية والصحية إلى أهالينا الفلسطينيين في قطاع غزة المنكوب والمحاصر والمدمر الذي يعيش حالة كارثية بلغت حد استشراء الجوع على نطاق واسع؟ وتأتي وجاهة هذا السؤال بصيغتيه ومشروعيته ، من كون المغرب دولةً عضواً في منظمة التعاون الإسلامي من جملة سبع وخمسين دولة تمثل جميعها العالم الإسلامي، ينفرد بهذا الموقف الداعم والمساند للشعب الفلسطيني، في هذه الفترة العصيبة التي لم يحصل أن مرت بها القضية الفلسطينية من قبل، حتى في أحلك المراحل وأسوأ الظروف التي عاشتها.
فلماذا يتميز الموقف المغربي عن مواقف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، التي هي أعضاء أيضاً في الجامعة العربية ؟ الإجابة عن السؤال تحيلنا على الأدوار المؤثرة والفاعلة التي يضطلع بها جلالة الملك ، نصره الله، رئيس لجنة القدس ، وعلى المواقف المتزنة والرصينة التي تتخذها المملكة المغربية حيال القضية الفلسطينية، إسناداً ودعماً ودفاعاً عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتأييداً للسلطة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن منظمة التحرير الفلسطينية، في جميع المحافل الدولية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
إن المغرب أبعد ما يكون عن اتخاذ المواقف المتذبذبة والمسايرة للمستجدات، وأنأى بنفسه عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية، تحت أي ظرف من الظروف. فجلالة الملك، رعاه الله، قائد عربي شديد الارتباط بقضية الشعب الفلسطيني، قوي الإخلاص في الدفاع عن الحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف، لهذا الشعب المناضل منذ أكثر من تسعة عقود، يسلك سياسة عقلانية و واقعية على الصعيد الدولي، وفي مختلف المناسبات ، ويترافع عن عدالة القضية الفلسطينية أمام المحافل الدولية، بشكل عام، وعن قضية القدس الشريف مدينة السلام والإخاء الإنساني، بشكل خاص، لا باعتبار جلالته ، أدام الله عزه ، رئيساً للجنة القدس فحسب، وإنما بصفته أميراً للمؤمنين وعاهلاً للمملكة المغربية.
لهذه الاعتبارات التي يراعيها المجتمع الدولي، ولما تمتاز به السياسة المغربية الخارجية من نجاعة وحكمة وحسن التصرف وبعد نظر، فإن المساعدات المغربية ترسل إلى المستفيدين منها في غزة ، عبر مسار خاص يضمن وصولها بسرعة ومباشرة . وهو الأمر الذي يسمح لنا أن نقول إن المساعدات الإنسانية المغربية العاجلة ومضمونة الوصول ، تحمل أبعاداً دبلوماسيةً ، من حيث العمق والجوهر والأثر ، تتخطى الآثار العملية المباشرة ، إلى إثبات المركز الذي يشغله المغرب في السيادة الدولية ، باعتبار بلادنا دولةً مساهمة في بناء السلام ، ليس في المنطقة فحسب ، بل في العالم بأسره ، و قاطرةً للحوار بين الثقافات والحضارات و أتباع الأديان وللتسامح وللوئام الإنساني المستند إلى مبادئ القانون الدولي و مقاصد ميثاق الأمم المتحدة .
تلك هي المؤهلات والدوافع القوية التي تجعل المغرب ينفرد بتقديم المساعدات الإنسانية ، بطريقة انسيابية ومباشرة ، إلى أشقائنا المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة . و ذلك هو المقوم الأقوى من مقومات انفراد المملكة المغربية بموقفها المتميز حيال دعم القضية الفلسطينية .