Quantcast
2023 نونبر 10 - تم تعديله في [التاريخ]

فوزي لقجع و استفاقة المشهد الكروي في المغرب


العلم الإلكترونية - بقلم هشام الدرايدي 

لا حديث اليوم بالصحف ووسائل الإعلام الدولية والوطنية إلا عن الإنجازات الكبيرة التي بات المغرب يراكمها ويسجلها في دفاتر تاريخ رياضة كرة القدم الأكثر شعبية بين الرياضات في العالم، ولعل ذلك راجع لهندسة متبصرة لعاهل البلاد الذي خص هذا المجال أولوية بإمكانات واسعة، ليلعب دورا رياديا ومحوريا في تسويق اسم المملكة، ويخلق منه رافعة اقتصادية و جيوستراتيجية تخدم أهداف البلاد المرسومة بإتقان دقيق، والقطع مع الماضي الذي تكبدت فيه كرة القدم المغربية انتكاسات كثيرة رافقها بعض اللمعان الخافت. ولم يكن لهذا المشروع الطموح لينجح، إلا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، الأمر الذي حرص عليه جلالته منذ العشرية الأولى بعد الألفين، فكانت الانطلاقة بإنشاء مؤسسة تعنى بكرة القدم بشكل احترافي ومتخصص، الثمرة الأولى لبوادر النجاح، حيث تم تشييد مؤسسة محمد السادس لكرة القدم، لتطوير الرياضة، وإنتاج لاعبين قادرين على البروز والمنافسة في الساحات الكروية الوطنية والدولية، من خلال تدرجهم في كل الفئات السنية، وتلقيهم تكوينات احترافية وفق منهاج أكاديمي دولي، ينافس كل المدارس الكروية الشهيرة. 
 
وحمل المشروع في طياته إصلاح المنافسات الوطنية، ونقلها للنموذج الاحترافي، الذي آتى أكله مع دخول الكرة المغربية أجواء المنافسات القارية بقوة مطلع العشرية الثانية من القرن 21، وقدمت البطولة الاحترافية الجديدة، فرقا قوية قارعت نظيراتها التقليدية التي سيطرت على المنافسات منذ عقود، بل وأزاحتها عن عرشها في أكثر من مناسبة، وضيقت عليها المجال، حتى باتت البطولات والكؤوس المحلية تحسم بالدقائق الأخيرة، ولعل من أبرز نماذج هذه الفرق القادمة من بعيد، المغرب التطواني والنهضة البركانية، اللذين مارسا لعقود بأقسام الدرجة الثانية والهواة، واستطاعا تغيير ملامح كرة القدم المغربية بعد إزاحتهما للأبطال التقليديين (الوداد والرجاء والجيش) عن عروشهم في أكثر من مناسبة. 
 

فوزي لقجع القادم من بعيد…

لم تكن ولادة مهندس لكرة القدم المغربية الذي يقود دفة الجامعة الملكية لهذه الرياضة محض صدفة، وإنما هي بداية جنينية انطلقت قبل أكثر من عقد من الزمن، حينما حمل فوزي لقجع معه حلم تغيير مستقبل فريق هاو بأقاصي شرق المغرب مسقط رأسه إلى ناد كبير ترفع له القبعات ويضرب له ألف حساب، فتجربته الأولى لقيادة النهضة البركانية للصعود إلى قسم الأضواء، كانت مدروسة بأهداف تم التخطيط لبلوغها، وإعادة أمجاد هذا الفريق الذي تأسس منذ سنة 1938 تحت اسم الجمعية الرياضية البركانية، ولم يذق طعم الأضواء إلا سبع سنوات فقط، مذ أن غير اسمه إلى النهضة البركانية سنة 1979، بعد صعوده إلى القسم الوطني الأول، وغادره في 86، محققا إنجازا وحيدا هو وصافة الدوري طوال فترة تواجده به. 
 
وعاد الفريق البرتقالي إلى كتابة التاريخ مجددا، بعد صعوده سنة 2012، بقيادة فوزي لقجع، الذي رسم له طريق الألقاب، ووضعه على سكة متينة، قبل مغادرته لتدبير دفة الكرة الوطنية كربان للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حيث حصد فريقه علاوة على وصافات الدوري وكأس العرش، ثلاثة ألقاب كأس العرش، ولقبي كأس الكونفدرالية الإفريقية، ولقب واحد في كأس السوبر الإفريقي… 
 

الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم .. توهج عالمي…

قادت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي يرأسها لقجع منذ سنة 2014، عدة برامج ومشاريع لإصلاح المنظومة الكروية المغربية، لن تسعنا هذه السطور لسردها، إلا أننا سنكتفي بجرد أبرز الثمار التي جنتها الكرة المغربية في السنوات الأخيرة، ومن أهمها عودة أسود الأطلس إلى حظيرة كأس العالم بعد توقف دام 20 سنة، بل وتعدى الأمر ذلك، حيث كشرت الأسود عن أنيابها في روسيا أمام البرتغال وإسبانيا، وكادت قاب قوسين أو أدنى من خلق المفاجأة، باعثة رسالة بعودة قوية للساحة العالمية، وذلك ما حققه المنتخب المغربي في كأس العالم الأخيرة بقطر، بعدما تموقع بين الأربعة الكبار في المربع الذهبي، بتحقيقه إنجاز تاريخي إفريقي وعربي، خلده التاريخ كرقم صعب الكسر والمنال… 
 
الكرة المغربية ستعرف أيضا، توهجا في كل الفئات السنية ذكورا وإناثا، فبالحديث عن الفئة الناعمة، فاللبؤات بدورهن تسيدن المشهد الكروي بالقارة الإفريقية بعد تحقيقهن وصافة كأس إفريقيا سيدات الأخيرة، وبلوغهن الدور الثاني من كأس العالم للسيدات بأستراليا ونيوزيلاندا، وقد سارت باقي الفئات السنية الأخرى على درب المنتخبين الأولين، مشكلين طفرة منمذجة لم تزل تتردد بكل وسائل الإعلام الدولية قبل الوطنية… 
 

الدبلوماسية الكروية وسحب البساط..

بات المغرب يشكل رقما صعبا في المحافل الدولية لكرة القدم، وأصبح صوته ذا رنين يستمع له الكل ويأخذ بمشورته، سواء بدهاليز الاتحاد الدولي أو الإفريقي، وهذا الاستحقاق، لم يكن عطية أو هبة أو محاباة من جهة للمملكة، وإنما نابع من استراتيجية ملكية متبصرة، نفذها فوزي لقجع بشكل تكتيكي محكم، ينم عن قدرات وملكات اجتمعتا فيه وتفرقت عند آخرين، فكان مصير كل الترافعات التي أقدم عليها في المحافل الدولية، النجاح والتحقق، وخط المغرب لنفسه اسما ذهبيا ترتج له الاتحادات الأخرى عند سماعه. 
 

كأس العالم بالمغرب…

ولم يكن تعيين لقجع على رأس لجنة تنظيم كأس العالم 2030، بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، محض صدفة، وإنما للرؤية الثاقبة والمتبصرة لجلالة الملك، والثقة التي يوليها في ربان كرة القدم المغربية، والإمكانات التي يتوفر عليها كرجل المرحلة، والمتماشية مع التصورات التي يوليها عاهل البلاد لهذا القطاع من الرياضة لما له من دور مركزي في تسويق المملكة وجلب الاستثمارات إليها، وإبرازها كقوة صاعدة في مصاف الدول الكبرى… 
 

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار