Quantcast
2025 غشت 1 - تم تعديله في [التاريخ]

بعضها يتعلق بقضية الصحراء.. إسبانيا تعتزم رفع السرية عن آلاف الوثائق


العلم - متابعة

تستعد الحكومة الإسبانية لرفع السرية عن آلاف الوثائق المصنفة التي تعود لما قبل عام 1982، من بينها وثائق تتعلق بالانسحاب المفاجئ من الصحراء المغربية، والمسيرة الخضراء، والدبلوماسية السرية في مرحلة الانتقال الديمقراطي. إنها ذاكرة مدفونة تثير اهتمامًا يتجاوز حدود إسبانيا.

حسب صحيفة El País الإسبانية، فإن حكومة بيدرو سانشيز تعتزم المصادقة على قانون سيشكّل تحولًا تاريخيًا في تدبير أسرار الدولة. ويقترح مشروع الإصلاح، الذي سيعوض قانون الأسرار الرسمية الموروث عن نظام فرانكو لسنة 1968، رفع السرية تلقائيًا عن كل الوثائق المصنفة التي مرّ عليها أكثر من 45 سنة، باستثناء الحالات التي يشكل فيها ذلك خطرًا استثنائيًا على الأمن القومي. وتوضح الصحيفة أن «عملية رفع السرية ستشمل جميع الوثائق التي سبقت عام 1982».

ويكمن وراء هذه المبادرة ذات الطابع الديمقراطي، جزء كبير من تاريخ الدبلوماسية الإيبيرية الذي قد يُبعث من جديد. فالباحثون الإسبان انتظروا هذه اللحظة منذ عقود، بينما يراقبها الجيران الجنوبيون بعين استراتيجية. إذ تشمل الوثائق المعنية تلك المتعلقة بنهاية الوجود الإسباني في الصحراء، وبالمسيرة الخضراء في نوفمبر 1975، وبالسياسة السرية التي انتهجتها إسبانيا تجاه المغرب خلال فترة الانتقال السياسي.
 
تشير الصحيفة إلى أن «من بين هذه الوثائق، توجد تفاصيل العملية التي أدت إلى الانسحاب العاجل من الصحراء عام 1975، بينما كان فرانكو على فراش الموت». وقد تم هذا الانسحاب في أجواء من التوتر الإقليمي الشديد، وغالبًا ما وُصف بأنه ارتُجل وتم في ظروف غامضة. وبالنسبة للمغرب، فإن أي وثيقة تُثبت طبيعة الالتزامات الإسبانية آنذاك، أو تشير إلى اعتراف ضمني بالسيادة المغربية على الإقليم، ستكون ذات قيمة دبلوماسية ورمزية كبرى.
 
لكن الوصول إلى هذه الأرشيفات ليس مضمونًا. فقد حذر وزير رئاسة الحكومة، فيليكس بولانيوس، من أن كمية الوثائق المعنية «هائلة» (حسب النص الأصلي: ingente)، وأن عملية رفع السرية عنها «لن تكون فورية»، بل ستتم «بشكل تدريجي، مع إعطاء الأولوية للوثائق المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان».
 
وتضاف إلى ذلك صعوبات مادية، إذ «يجب أن تكون الوثائق مُعرفة ومنظمة ومصنفة ومفهرسة بدقة» قبل تحويلها إلى اللجنة المختصة بالأرشيفات، ومن ثم إيداعها في الأرشيف العمومي. بمعنى آخر، ليس كافيًا أن تكون الوثائق موجودة ومرفوع عنها السرية، بل ينبغي أيضًا أن تكون قابلة للولوج فعليًا.
 
وهذه نقطة أساسية. كما يوضح الأستاذ نيكولاس سيسما، فمن الممكن أن تكون بعض الوثائق قد اختفت ببساطة. ويقول: «لا نعرف إلى أي مدى تم تطهير هذه الأرشيفات». ويُذكر هنا حادثة شهيرة في تاريخ إسبانيا، حين تم خلال بداية مرحلة الانتقال الديمقراطي إتلاف آلاف الملفات الأمنية المتعلقة بمعارضي نظام فرانكو في أفران وزارة الداخلية.
 
وغالبًا ما تكون تجربة الباحثين محبطة. فهم يطلعون على تقارير حكومات أخرى توثق لقاءاتها مع المسؤولين الإسبان، بما في ذلك محاضر الاجتماعات، والرسائل، والمحادثات الثنائية، لكنهم يفتقدون النسخ الإسبانية لتلك الاجتماعات نفسها.
 
وهذا التفاوت في الوثائق له تبعات سياسية، إذ يسمح للدولة الإسبانية بالحفاظ على نوع من «النسيان الاستراتيجي»، مع الحد من الحق في الحقيقة بالنسبة للمجتمعات المعنية، وعلى رأسها دول المغرب الكبير.
 
في الرباط، تابعت عدة وسائل إعلام هذا التطور بمزيج من الأمل الحذر واليقظة. ذلك أن فتح الأرشيف قد يكشف خبايا المسيرة الخضراء أو كواليس اتفاق مدريد الثلاثي، كما قد يؤكد عناصر طالما جرى التكتم عنها، كالتنازلات الضمنية، أو الوساطات الأمريكية، أو تردد القيادة العسكرية الإسبانية.
 
وبالنسبة للديمقراطية الإسبانية، فإن التحدي مزدوج: أولًا، جعل هذه الأرشيفات عملية ومتاحة فعليًا، وليس فقط مرفوعًا عنها السرية على الورق، وثانيًا، تحمل المسؤولية تجاه ما تحتويه. وكما تُذكر صحيفة El País، فإن «الباحثين لا يمكنهم طلب ما يجهلون وجوده». لذا، فإن الأمر لا يقتصر على فتح الملفات، بل يستدعي أيضًا إنشاء فهرس عمومي صارم وقابل للبحث، وبدونه ستظل الشفافية مجرد سراب.

              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار