
العلم
خطاب العرش الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله وأيده، إلى الشعب المغربي ، يعد في الحقيقة موجهاً أيضاَ إلى الشعب الجزائري، لما حمله من معاني الأخوة و القرابة بين شعبين شقيقين تربطهما أواصر اللغة و الدين والجغرافيا والمصير المشترك، ولما انطوى عليه من التأكيد الملكي على استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول وأخوي وصادق، حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين . فقد حرص جلالة الملك في هذا الخطاب الذي يخلد الذكرى السادسة والعشرين لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، على ترسيخ الموقف الواضح والثابت للعاهل الكريم، وهو أن الشعب الجزائري شعب شقيق تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية عريقة، مما يقتضي، وجوباً أخلاقياً وشرعياً، العمل الجدي والمشترك، لتجاوز تداعيات النزاع، وللانتقال إلى مرحلة الحسم والقطع مع كل العوامل التي تحول دون استعادة التاريخ الذي جمع بين القطرين الجارين، في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم، واستجابةً لتطلعات الشعبين، وتلبيةً لمطالبهما، وتأكيداً لالتزام المغرب بالانفتاح على محيطه الجهوي، وخاصة جوارنا المباشر في علاقتنا بالشعب الجزائري الشقيق.
واستناداً إلى هذه القواعد الثابتة، ربط خطاب العرش بين الاعتزاز بالمواقف التي تناصر الحق والشرعية ، والتي تتزايد باطراد، وبين تأكيد حرص المملكة المغربية على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب يحفظ ماء وجه جميع الأطراف .
وإذا كان المغرب يعتز بالدعم الدولي المتزايد كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية، فإنه لا يتردد في إبداء حرصه على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب، كما جاء في الخطاب الملكي السامي. وبذلك يكون المغرب قد أوضح الأساس الذي سيقوم عليه الحوار الصريح والمسؤول مع الأشقاء في الجزائر . وهي الفرصة التي يتيحها تطبيق مقترح الحكم الذاتي على وجه التحديد .
وبهذا الوضوح في الفكر وفي المنهج، تكتسب الدعوة الملكية للدخول في الحوار الصريح والمسؤول مع أشقائنا في الجوار الشرقي. وهو الأمر الذي يعني أن جلالة الملك، نصره الله، وجه دعوته إلى الأشقاء في الجزائر، من منطلق ثابت وصريح، ومن أجل تحقيق أهداف سامية تتعلق بالمصالح المشتركة، وتروم الخروج من هذا الوضع المتأزم والمعقد، إلى فضاءات شاسعة من التفاهم والحوار الجاد والهادف .
وتلك هي المقاربة الواقعية التي تفضي إلى إيجاد الحل التوافقي، الذي لاغالب فيه ولا مغلوب، يحفظ ماء وجه جميع الأطراف . وليس هناك وضوح أكثر مما تتضمنه هذه العبارة ، ولا دلالة أقوى منها .