
العلم الإلكترونية - محمد سالم الشافعي
تعالت مجددًا الأصوات الناقدة داخل مخيمات تندوف، وسط انقسام حاد بين صفوف قيادة جبهة البوليساريو، على خلفية تعثّر تحديد تاريخ المؤتمر المقبل للتنظيم، بعد فشل الاجتماع الأخير الذي عقدته القيادة قبل أسبوعين في التوصل إلى اتفاق واضح بشأن التحضير لهذه المحطة التنظيمية.
وعرفت جلسة الأمانة الوطنية تبادلًا حادًا للاتهامات بين أعضائها، الذين عبّروا عن امتعاضهم من استمرار نفس النهج المتبع منذ سنوات، والذي وُصف بالعاجز عن التجديد وافتقاره لأي رؤية إصلاحية. ووجد هذا الاستياء صدى واسعًا في أوساط نشطاء المخيمات، الذين وقّعوا عريضة جماعية تطالب بمحاسبة القيادة، والتعجيل بعقد المؤتمر وفق ما ينص عليه القانون الأساسي للجبهة.
وفي السياق ذاته، صدرت تصريحات قوية عن أحد أعضاء الأمانة الوطنية ينتقد فيها أداء القيادة، مشيرًا إلى غياب أي خطة واضحة المعالم، بالتوازي مع عودة القاضي مولاي أبهيدة إلى الواجهة، بعد أن كانت قيادة الجبهة قد طردته سابقًا بسبب تبرئته لأسماء بارزة من تهم وُجهت إليهم، من بينهم مولاي بوزيد المقيم حاليًا بفرنسا، ومحمود زيان المتواجد بإحدى الدول الأوروبية، والفاضل أبريكا الذي سبق أن أُفرج عنه سنة 2019 بعد قضاء عدة أشهر بسجن الذهيبة.
وقد أثار القاضي مولاي أبهيدة الجدل من جديد بتصريح قانوني اعتبر فيه أن قرار تأجيل المؤتمر يفتقر إلى المشروعية القانونية، مستندًا في ذلك إلى المادة 44 من النظام الأساسي للجبهة، الصادر عن المؤتمر السادس عشر، والتي تنص على انعقاد المؤتمر كل ثلاث سنوات في دورة عادية، مع إمكانية تأجيله مرة واحدة فقط لمدة لا تتجاوز سنة، بناء على طلب من الأمين العام أو الأمانة الوطنية، وبموافقة ثلثي أعضائها.
وأوضح أبهيدة أن هذا النص يُعد قاعدة آمرة وملزمة، ولا يترك مجالًا للتأويل أو التمديد المفتوح، مشددًا على أن أي تأجيل يتجاوز السنة يُفقد الهياكل التنظيمية شرعيتها، ويجعل قراراتها عرضة للطعن لعدم مطابقتها للقانون الداخلي للجبهة.
وتؤكد هذه المعطيات عمق الأزمة التنظيمية التي تمر بها البوليساريو، في ظل اتساع الهوة بين القيادة وقاعدتها، وتزايد حالات التذمر الشعبي بسبب الانفلات الأمني والتوترات الاجتماعية المتفاقمة داخل المخيمات. ويُنظر إلى هذا الوضع كأحد أكبر مؤشرات التصدع الداخلي، الذي يهدد وحدة وتماسك القيادة، ويضع مشروعية الجبهة على المحك.