أنس الشعرة
كشف تقرير حديث صادر عن وزارة العدل الإسبانية عن استمرار الارتفاع الكبير في منح الجنسية الإسبانية للمواطنين من أصل مغربي، في مؤشرٍ جديد على عمق الحضور الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي للجالية المغربية داخل النسيج الإسباني، وعلى التحول المتسارع في سياسة الإدماج التي تنتهجها مدريد خلال السنوات الأخيرة.
وبحسب ما أورده موقع «Mediterraneodigital» الإسباني، فإن مجموع التجنيسات التي وافقت عليها الحكومة الاشتراكية بين عامي 2018 و 2024 تجاوز 1.1 مليون حالة، وكان واحد من كل أربعة مجنسين من أصل مغربي، وهي نسبة قياسية غير مسبوقة في تاريخ الحكومات الإسبانية المتعاقبة.
ووفقاً للمصدر ذاته، فقد منحت حكومة بيدرو سانشيث منذ توليها السلطة سنة 2018 أكثر من 270 ألف جنسية إسبانية لمواطنين مغاربة، ليحتل المغرب المرتبة الأولى كأكبر مصدر للمجنسين سنوياً في إسبانيا، متقدماً بفارق كبير على باقي الدول.
وتشير بيانات المعهد الوطني للإحصاء (INE) ووزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة إلى أن عدد المغاربة الحاصلين على الجنسية الإسبانية تضاعف خلال ست سنوات فقط، ما يعكس تسارع وتيرة الإدماج القانوني والاجتماعي لهذه الجالية التي باتت تشكل إحدى الركائز الأساسية في سوق العمل الإسباني.
أما على الصعيد الأوروبي، فقد أصبحت إسبانيا البلد الأول داخل الاتحاد الأوروبي من حيث عدد الجنسيات الممنوحة للأجانب، متقدمة على كل من إيطاليا وفرنسا وألمانيا. وتشير بيانات يوروستات إلى أن22.9 في المائة، من مجمل الجنسيات الجديدة الممنوحة في أوروبا عام 2023 كانت إسبانية، ما يعزز مكانة مدريد كواجهة رئيسية للهجرة والتجنيس داخل القارة.
وتوضح الإحصاءات أن المواطنين المنحدرين من المغرب والإكوادور وكولومبيا يشكلون الفئة الأكبر من الحاصلين على الجنسية الإسبانية، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في طلبات التجنيس خلال العامين الأخيرين من مواطنين ينتمون إلى فنزويلا وهندوراس.
لكن هذا الزخم الكبير في عمليات التجنيس أثار جدلاً سياسياً واسعاً في الداخل الإسباني، إذ تتهم المعارضة اليمينية حكومة سانشيث بانتهاج «سياسة تجنيس واسعة وغير منضبطة»، في حين يرى الحزب الاشتراكي الحاكم أن هذه السياسة تعكس انفتاح إسبانيا وتنوعها وانتماءها لعصر العولمة الحديثة.
وفي المقابل، وصف زعيم الحزب الشعبي، ألبرتو نونيز فيخو، هذه السياسة بأنها “تساهل مفرط”، داعياً إلى تشديد شروط منح الجنسية ورفع مستوى الكفاءة اللغوية المطلوب إلى درجة B2 على الأقل، بينما اتهم زعيم حزب فوكس اليميني المتشدد، سانتياغو أباسكال، الحكومة بـ“مكافأة الهجرة غير المنضبطة على حساب المواطنين الإسبان”.
وتكشف البيانات الرسمية أن من بين أكثر من 270 ألف مغربي حصلوا على الجنسية الإسبانية خلال فترة حكم سانشيث، تبلغ نسبة الرجال 56 في المائة، مقابل 44 في المائة، من النساء، بمتوسط عمر يناهز 34 عاماً، وتتركز إقامتهم في كتالونيا ومدريد والأندلس، فيما يعمل نحو ثلثهم في قطاعي الخدمات والبناء.
وتشير المؤشرات الأولية لعام 2025 إلى أن منح الجنسيات يسير نحو تحقيق رقم قياسي جديد، ما يعزز موقع إسبانيا كدولة ذات سياسة تجنيس مرنة داخل الاتحاد الأوروبي، ويكرّس تحولها إلى واحدة من الوجهات الأكثر جذباً للمهاجرين الباحثين عن الاستقرار القانوني والاجتماعي، في وقت يستمر فيه هذا المسار في إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية للمجتمع الإسباني عاماً بعد آخر.
رئيسية 








الرئيسية 



