المقاربة التشاركية والمنهجية الاستشرافية اللتان يعتمدهما جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله وأيده ، ويتخذهما قاعدةً لسياسة الدولة المغربية كلما تعلق الأمر بالقضايا الكبرى ذات الارتباط بالأمن القومي لبلادنا ، تنبثقان عن الرؤية الملكية الحكيمة ، وتشكلان فلسفةً لتدبير الشأن العام في أعلى مراتبه ، ونهجاً للتعامل مع المستجدات و للتعاطي مع التطورات التي تقتضي اتخاذ الموقف الرسمي والقرار السيادي اللذين يحفظان للمغرب حقوقَه ويحميان مصالحَه ويضمنان مكاسبَه .
ففي إطار هذه المقاربة التشاركية ، وإعمالاً لهذه المنهجية الاستشرافية ، عقد اجتماع بأمر من جلالة الملك ، نصره الله ، ترأسه مستشارو جلالته الطيب الفاسي الفهري وعمر عزيمان و فؤاد عالي الهمة ، مع زعماء الأحزاب السياسية الوطنية بمجلسي البرلمان ، في مبادرة وطنية بالغة الأهمية سامية الهدف ، تروم إعمال ما ورد في الخطاب الملكي السامي يوم 31 أكتوبر الماضي ، بشأن قيام المغرب بتحيين الحكم الذاتي و تفصيله ، و تقديمه للأمم المتحدة ، ليكون جاهزاً للتطبيق على الأرض ، بعد المفاوضات التي ستستضيفها الولايات المتحدة الأمريكية ، في المدى القريب ، بين الأطراف ، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 الذي كرس مقترح الحكم الذاتي في الصحراء ، تحت السيادة المغربية .
هذه المبادرة الوطنية التي أطلقها جلالة الملك ، أعز الله أمره ، تحيلنا على مبادرة شبيهة لها شهدها المغرب سنة 2007 ، عندما قرر المغرب تقديم مقترح الحكم الذاتي إلى الأمم المتحدة في يوم 11 أبريل سنة 2007 ، حيث حرص جلالة الملك ، وفقه الله ، أن يشرك الأحزاب السياسية الوطنية الممثلة في البرلمان بمجلسيه ، في مناقشة المقترح الذي كان إبتكاراً في القانون الدولي ، وبداية المرحلة التي استغرقت 18 سنة ، لتنتهي بصدور القرار الأممي رقم 2797 في يوم 31 أكتوبر المنصرم . فكان العمل بالمقاربة التشاركية أحد العوامل الداعمة لإنجاح المبادرة المغربية التي تحولت اليوم إلى قانون دولي تأسس على قرار مجلس الأمن الملزم لجميع الأطراف .
ولهذه المبادرة الملكية المبنية على المقاربة التشاركية والقائمة على دعامة المنهجية الاستشرافية ، أساسٌ يعود إلى بداية سنة 1975، حينما قرر جلالة الملك الحسن الثاني ، رحمه الله وأكرم مثواه ، تنظيم المسيرة الخضراء، وعرض المشروع على عدد من المسؤولين السياسيين و العسكريين ، وجرت مشاورات واسعة ، انتهت برسم خطة العمل للشروع في تنفيذ فكرة المسيرة ، وذلك خلال الفصل الأول من سنة 1975 ، في نطاق السرية الكاملة . فجاء الإعلان عن المسيرة في يوم 16 أكتوبر سنة 1975 ، بعد اتخاذ جميع الترتيبات على مختلف المستويات ، استناداً إلى فلسفة الحكم التي يعتمدها العرش المغربي ، والجامعة بين المقاربة التشاركية والمنهجية الاستشرافية. وهو النهج القويم الذي يسلكه المغرب اليوم، بقيادة جلالة الملك محمد السادس ، رعاه الله، والذي ينبثق عن الرؤية الملكية الحكيمة ، في هذه المرحلة الفاصلة التي دخل فيها المغرب عهداً جديداً من الجهاد الأكبر الذي يؤذن باقتراب موعد الطي النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل .
رئيسية 








الرئيسية


