Quantcast
2025 نوفمبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬يكشف‭:‬ 15‭ ‬ألفا‭ ‬و658‭ ‬حالة‭ ‬تعثر‭ ‬سجلتها‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬جدا‭ ‬والصغرى‭ ‬بالمغرب

أمين‭ ‬سامي‭: ‬الأرقام‭ ‬إنذار‭ ‬بفشل‭ ‬يهدد‭ ‬المقاولات‭ ‬ويستدعي‭ ‬إصلاحات‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬نموذجنا‭ ‬التنموي


المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬يكشف‭:‬    15‭ ‬ألفا‭ ‬و658‭ ‬حالة‭ ‬تعثر‭ ‬سجلتها‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬جدا‭ ‬والصغرى‭ ‬بالمغرب
العلم‭: ‬نهيلة‭ ‬البرهومي

كشف‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي،‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬جديدة‭ ‬أعدها‭ ‬بطلب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬المستشارين،‭ ‬أن‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬وحدها‭ ‬سجلت‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬15‭ ‬ألفا‭ ‬و658‭ ‬حالة‭ ‬تعثر،‭ ‬أغلبها‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬جدا،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للنسيج‭ ‬الإنتاجي‭ ‬الوطني‭. ‬وأطلق‭ ‬المجلس إنذارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬المقلق‭ ‬للمقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬جدا‭ ‬والصغرى‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬
 
وأشار‭ ‬التقرير‭ ‬المعنون‭ ‬بـ«تحديات‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والصغيرة‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭: ‬النمو،‭ ‬التحديث‭ ‬والتطوير‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬يعكس‭ ‬حجم‭ ‬الهشاشة‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬الوحدات‭ ‬الإنتاجية‭ ‬الصغرى،‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬أزيد‭ ‬من‭ ‬98‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المقاولات‭ ‬المهيكلة‭ ‬بالمملكة،‭ ‬لكنها‭ ‬تظل‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للتقلبات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والأقل‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬الأزمات‭.‬
 
ويرجع‭ ‬التقرير‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬التعثر،‭ ‬بين‭ ‬اختلالات‭ ‬داخلية‭ ‬وأخرى‭ ‬بنيوية‭ ‬خارجية،‭ ‬فمن‭ ‬جهة،‭ ‬تفتقر‭ ‬أغلب‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬جدا‭ ‬إلى‭ ‬القدرات‭ ‬التدبيرية‭ ‬والمالية‭ ‬اللازمة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصدمات،‭ ‬إذ‭ ‬يعاني‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬التكوين‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التخطيط‭ ‬المالي،‭ ‬والتسيير‭ ‬الإداري،‭ ‬والابتكار‭.‬
 
كما‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬حاملي‭ ‬المشاريع‭ ‬يدخلون‭ ‬عالم‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬بدافع‭ ‬الاضطرار،‭ ‬وليس‭ ‬استجابة‭ ‬لفرصة‭ ‬اقتصادية‭ ‬مدروسة،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬هشاشة‭ ‬وأقل‭ ‬استعدادا‭ ‬لمواجهة‭ ‬المخاطر‭.‬
 
واعتبر‭ ‬تقرير‭ ‬المجلس‭ ‬أن‭ ‬توظيف‭ ‬الأدوات‭ ‬الرقمية‭ ‬محدود‭ ‬للغاية،‭ ‬مع‭ ‬ارتكاز‭ ‬شبه‭ ‬حصري‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬المحلية،‭ ‬وهو‭ ‬بدوره‭ ‬تحد‭ ‬آخر‭ ‬ينضاف‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬التحديات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المقاولات‭ ‬الأصغر‭ ‬حجماً‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬مقيَّدةً‭ ‬بقلة‭ ‬التمويل،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬المقاولات‭ ‬الناشئة‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يلائم‭ ‬حاجياتها‭ ‬من‭ ‬آلياتِ‭ ‬المواكبَة‭ ‬والتمويل‭.‬
 
وعن‭ ‬عناصر‭ ‬الهشاشة‭ ‬الداخلية،‭ ‬يؤكد‭ ‬المجلس‭ ‬أنه‭ ‬ثمة‭ ‬قيود‭ ‬خارجية‭ ‬بنيوية،‭ ‬أبرزها‭ ‬محدودية‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬الصفقات‭ ‬العمومية،‭ ‬أو‭ ‬التصدير،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬الاندماج‭ ‬مع‭ ‬المقاولات‭ ‬الكبرى‭. ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬المنافسة‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬المهيكل‭. ‬كما‭ ‬تظل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الإدارية‭ ‬معقدة‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجبائية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬تشكل‭ ‬عقبة،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يُبذل‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرقمنة‭ ‬وتبسيط‭ ‬وشفافية‭ ‬المساطر‭.‬
 
ودعا‭ ‬المجلس‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬إصلاحات‭ ‬جذرية‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬هذه‭ ‬المقاولات‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والنمو،‭ ‬عبر‭ ‬سن‭ ‬‮«‬قانون‭ ‬للأعمال‭ ‬الصغيرة‮»‬‭ ‬يجمع‭ ‬مختلف‭ ‬آليات‭ ‬الدعم‭ ‬والتمويل‭ ‬والمواكبة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬موحد،‭ ‬وإحداث‭ ‬هيئة‭ ‬وطنية‭ ‬مستقلة‭ ‬لتتبع‭ ‬وتقييم‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬الموجهة‭ ‬لها،‭ ‬وتسريع‭ ‬تفعيل‭ ‬النظام‭ ‬الخاص‭ ‬بدعم‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬المنصوص‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬ميثاق‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وتبسيط‭ ‬الولوج‭ ‬إلى‭ ‬التمويل،‭ ‬وربط‭ ‬المواكبة‭ ‬التقنية‭ ‬بالتكوين‭ ‬المستمر‭.‬
 
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يرى‭ ‬أمين‭ ‬سامي،‭ ‬المحلل‭ ‬والخبير‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬بمثابة إنذار‭ ‬بفشل‭ ‬يهدد‭ ‬المقاولات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهذه‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬صعوبات‮»‬‭ ‬تواجهها‭ ‬المقاولات،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬نزيف‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إصلاحات‭ ‬عميقة‭ ‬في‭ ‬نموذجنا‭ ‬التنموي‭.‬
 
واعتبر‭ ‬سامي،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ»العلم‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬مباشرة‭ ‬لما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬أوضاع‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغرى‭ ‬جدا‭ ‬والصغرى‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬يفسر أن‭ ‬98‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬النسيج‭ ‬المقاولاتي‭ ‬المغربي‭ ‬لا‭ ‬يُبنى‭ ‬للنمو،‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬آلية‭ ‬لمواجهة‭ ‬غياب‭ ‬فرص‭ ‬الأجرة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهذه‭ ‬المقاولات‭ ‬تولد‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬‮«‬جينات‭ ‬الفشل‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬تفتقر‭ ‬للرأس‭ ‬مال،‭ ‬وللرؤية،‭ ‬وللسوق‭.‬
 
ونبه‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التعقيدات‭ ‬الإدارية‭ ‬والجبائية‭ (‬رغم‭ ‬الرقمنة‭)‬،‭ ‬تستنزف‭ ‬الموارد‭ ‬الأهم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تملكها‭ ‬أصلا‭ ‬المقاولة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬الوقت‭ ‬والسيولة‭ ‬القليلة‭ ‬جدا‭.‬
 
وأفاد‭ ‬المتحدث،‭ ‬أن‭ ‬الأعلى‭ (‬الأسواق‭)‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محدودية‭ ‬الولوج‭ ‬للصفقات‭ ‬العمومية‭ ‬والاندماج‭ ‬مع‭ ‬المقاولات‭ ‬الكبرى،‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬المقاولات‭ ‬الصغرى‭ ‬معزولة‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬الـمشاريع‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وعليه‭ ‬فالاقتصاد‭ ‬المغربي‭ ‬هو‭ ‬اقتصاد‭ ‬بجزيرتين لا‭ ‬تلتقيان‭.‬
 
ودعا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬اعتماد‭ ‬مؤشر‭ ‬جديد،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬‮«‬مؤشر‭ ‬جودة‭ ‬البقاء‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يقيس‭ ‬نسبة‭ ‬المقاولات‭ ‬التي‭ ‬تتجاوز‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬في‭ ‬رقم‭ ‬المعاملات‭ ‬وتوظيف‭ ‬موظف‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬بدل‭ ‬قياس‭ ‬عدد‭ ‬المقاولات‭ ‬المنشأة‭ ‬والاستدلال‭ ‬بها‭ ‬كمؤشر‭ ‬نجاح‭. ‬مبرزا‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬‮«‬نقص‭ ‬الدعم‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬‮«‬تصميم‭ ‬نظام‭ ‬مقاولاتي‭ ‬مبتكر‮»‬،‭ ‬وعليه‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬ومبتكرة‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬غير‭ ‬تقليدية ترتكز‭ ‬على‭ ‬الواقع،‭ ‬من‭ ‬خلال الانتقال‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬إلى‭ ‬ضمان‭ ‬الأسواق والتبسيط‭ ‬الجبائي‭ ‬الجذري‭ ‬والمواكبة‭ ‬بالإدماج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬حاضنات‭ ‬قطاعية‮»‬‭ ‬تربط‭ ‬المقاول‭ ‬الصغير‭ ‬مباشرة‭ ‬بسلسلة‭ ‬قيمة‭ ‬لشركة‭ ‬كبرى‭ ‬رائدة،‭ ‬تتولى‭ ‬تكوينه‭.‬
 
وشدد‭ ‬في‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إصلاح‭ ‬هذه‭ ‬المقاولات‭ ‬ليس‭ ‬عملاً‭ ‬‮«‬اجتماعياً‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬اقتصادية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬النمو‭ ‬الشامل‭. ‬

              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار