العلم الإلكترونية - سمير زرادي
أكد محمد ولد الرشيد رئيس مجلس المستشارين صباح اليوم الجمعة خلال أشغال الجمعية العامة السنوية لشبكة البرلمانيين الأفارقة لتقييم التنمية في دورتها العاشرة، على الالتزام المشترك لدعم التعاون الإفريقي وتعزيز مسارات الحكامة والتنمية المستدامة في قارتنا.
وقال ولد الرشيد خلال انطلاق فعاليات هذا الملتقى بحضور أعضاء من الحكومة المغربية والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات وسفراء ورؤساء برلمانات إفريقية إن تقييم التنمية اليوم أضحى ركيزة استراتيجية لترشيد القرار العمومي، بالنظر للتحولات التي تشهدها الأدوات والمنهجيات والمعايير الدولية في هذا المجال، لا سيما تلك المعتمدة من قبل لجنة المساعدة الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتابع بأن التقييم لم يعد يقتصر على قياس النتائج أو تتبع مؤشرات التنفيذ، بل أضحى يمتد إلى فحص جدوى السياسات، ومدى انسجامها مع الأولويات الوطنية واحتياجات المواطنين، والتحقق من اتساق اختياراتها، وفعالية تدخلاتها، وكفاءة استخدام مواردها، فضلا عن تقدير أثرها الفعلي واستدامة نتائجه.
وانطلاقا من هذا الوعي المتنامي بأهمية التقييم كدعامة للقرار العمومي، تبرز اليوم، أكثر من أي وقت مضى، الحاجة إلى ترسيخ ثقافة تقييم داخل القارة الإفريقية، باعتبارها ضرورة تنموية ملحة في ظل تفاقم الفجوات التنموية، واستمرار التحديات المرتبطة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وما يفرضه تدبير الموارد من حرص أكبر على ترشيد الإنفاق وتوجيه الجهود نحو المبادرات الأكثر نجاعة وأثرا.
وتتعزز هذه الحاجة حسب ولد الرشيد بالنظر إلى الارتباط بالطموحات التي تعبر عنها دول القارة من خلال مختلف منظومات التخطيط والتنمية، سواء عبر الاستراتيجيات الوطنية لمحاربة الفقر، أو من خلال النماذج التنموية الجديدة، أو في إطار أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، مشيرا بعد ذلك إلى تطوير التعاون البرلماني الإفريقي في مجال تقييم التنمية يندرج في صلب التوجه الذي تبنته المملكة المغربية في علاقتها بالقارة، والمبني على تعزيز العمل المشترك، وتثبيت منطق الشراكة القائمة على المنفعة المتبادلة واحترام الأولويات الوطنية.
جعل التقييم ممارسة منفتحة على المجتمع وغير منغلقة في المؤسسات
وسجل ولد الرشيد أنه في ظل التوجه الإفريقي للمغرب، يكتسي انعقاد أشغال هذه الجمعية العامة في قلب الأقاليم الجنوبية، دلالة خاصة، حيث يجد النقاش حول تقييم التنمية، في هذه الربوع ترجمته العملية والملموسة، باعتبارها نموذجا واضحا لما تنتجه السياسات التنموية حين تُبنى على رؤية استراتيجية وتُواكب بأدوات دقيقة للتتبع والتقييم.
وتابع بقوله "إن الأوراش المهيكة التي تعرفها مدن الجنوب، كالشبكة المتنوعة للموانئ، وفي مقدمتها ميناء الداخلة الأطلسي، والميناء فوسبوكراع الجديد بالعيون، والشبكات الطرقية الكبرى، كالطريق السريع تيزنيت–الداخلة، ومشاريع الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والمشاريع الكبرى لتحلية مياه البحر تعزز مكانة هذه الأقاليم وتفتح آفاقا واسعة للتنمية المستدامة.
وتتعزز هذه الدينامية بالمبادرات الاستراتيجية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، مثل مبادرة إفريقيا الأطلسية، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، وهي مشاريع لا تجسد فقط استثمارات بنيوية، بل تعبر عن تصور متكامل للتنمية بوصفها مشروعا إفريقيا مشتركا، يستند إلى التقييم المستمر، ويربط الأثر المحلي بالبعد القاري.
وعبر ولد الرشيد ختاما عن تطلعه في أن تشكل هذه المحطة فرصة لبناء أسس ثقافة تقييمية برلمانية، بالاستناد إلى ثلاث ركائز مترابطة، تعكس الأبعاد التشريعية والتنظيمية والمجتمعية للتقييم، حيث تتصل الأولى بإضفاء الطابع المؤسسي على وظيفة التقييم، وتستند الركيزة الثانية إلى البعد التنظيمي وتعزيز القدرات؛ فيما ترتبط الركيزة الثالثة بجعل التقييم فضاء مشتركا، منفتحا على المجتمع بكل مكوناته، وعدم جعل التقييم البرلماني ممارسة مغلقة داخل المؤسسات.
رئيسية 








الرئيسية 




