Quantcast
2025 نوفمبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

الاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوحدة


تحل‭ ‬اليوم‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬الذكرى‭ ‬السبعون‭ ‬لاستقلال‭ ‬المغرب‭ . ‬ففي‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬1955،‭ ‬وجه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬الخامس،‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وأكرم‭ ‬مثواه‭ ‬وأسكنه‭ ‬جنته،‭ ‬خطاباً‭ ‬سامياً‭ ‬إلى‭ ‬شعبه‭ ‬الوفي،‭ ‬أعلن‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬انتهاء‭ ‬عهد‭ ‬الحجر‭ ‬والحماية‭ ‬وبزوغ‭ ‬فجر‭ ‬الاستقلال‭ ‬والحرية،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أشار‭ ‬جلالته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬المقبلة،‭ ‬سيسند‭ ‬إليها‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬الفرنسية‭. ‬ثم‭ ‬أضاف‭ ‬العاهل‭ ‬الكريم‭ ‬قائلاً‭ (‬وبذلك‭ ‬كله‭ ‬ترتقي‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذي‭ ‬نشدناه،‭ ‬لا‭ ‬لكونه‭ ‬حقاً‭ ‬طبيعياً‭ ‬للشعوب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬لأنه‭ ‬الوسيلة‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬التمتع‭ ‬بأطيب‭ ‬الثمرات‭ ‬التي‭ ‬أنتجتها‭ ‬الحضارة‭ ‬العصرية‭ ‬والتطورات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬تحرير‭ ‬قومي‭ ‬وتعميم‭ ‬الحريات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬واعتراف‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وقضاء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ميز‭ ‬عنصري‭). ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أعلن‭ ‬جلالته‭ ‬عن‭ ‬الملامح‭ ‬الرئيسة‭ ‬للدولة‭ ‬المغربية‭ ‬المستقلة،‭ ‬وهي‭ ‬وضع‭ ‬أنظمة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الانتخاب‭ ‬وفصل‭ ‬السلط‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ملكية‭ ‬دستورية‭ ‬قوامها‭ ‬الاعتراف‭ ‬لجميع‭ ‬المغاربة‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬عقائدهم‭ ‬بحقوق‭ ‬المواطن‭ ‬والحريات‭ ‬العامة‭ ‬والنقابية‭.‬
 
وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تشكلت‭ ‬أول‭ ‬حكومة‭ ‬مغربية‭ ‬حرة‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1912،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬دجنبر،‭ ‬جرت‭ ‬مفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬انتهت‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬استقلال‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬التصريح‭ ‬المشترك‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬التالية‭ ‬1956،‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أن‭ (‬معاهدة‭ ‬فاس‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬30‭ ‬مارس‭ ‬سنة‭ ‬1912‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ملائمة‭ ‬لضرورات‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية،‭ ‬وغير‭ ‬كافية‭ ‬لتحديد‭ ‬العلاقات‭ ‬الفرنسية‭ ‬المغربية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬حكومة‭ ‬الجمهورية‭ ‬الفرنسية‭ ‬تؤكد‭ ‬علنياً‭ ‬اعترافها‭ ‬باستقلال‭ ‬المغرب‭) . ‬
 
فليس‭ ‬هناك‭ ‬إعلانان‭ ‬لاستقلال‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يفهم‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬إعلان‭ ‬رسمي‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬شقين،‭ ‬أولهما‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬بصيغتين،‭ ‬زف‭ ‬البشرى‭ ‬بالاستقلال،‭ ‬والتمهيد‭ ‬للتفاوض‭ ‬على‭ ‬المنهجية‭ ‬المتبعة‭ ‬لإعلان‭ ‬الاستقلال‭. ‬أما‭ ‬الشق‭ ‬الثاني‭ ‬فيتمثل‭ ‬تحديداً‭ ‬في‭ ‬التصريح‭ ‬المشترك‭ ‬الموقع‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬يوم‭ ‬2‭ ‬مارس‭ ‬سنة‭ ‬1956،‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬المغربية‭ ‬مبارك‭ ‬بكاي،‭ ‬ووزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الفرنسي‭ ‬كريستيان‭ ‬بينيه‭. ‬ويعد‭ ‬التصريح‭ ‬المشترك‭ ‬هذا‭ ‬الوثيقة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تفسخ‭ ‬معاهدة‭ ‬فاس‭ ‬وتبطل‭ ‬مفعولها‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬المغربية،‭ ‬وتؤسس‭ ‬لعهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬الفرنسية‭ ‬المغربية‭ .‬
 
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬الرسمي‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬باستقلال‭ ‬المغرب،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الفرنسية‭ ‬لم‭ ‬تسر‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬التمكين‭ ‬لهذا‭ ‬الاستقلال‭ ‬و‭ ‬إقراره‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬العملي‭. ‬ولكن‭ ‬المغرب‭ ‬أخذ‭ ‬يعمل‭ ‬بسياسة‭ ‬خطوة‭ ‬خطوة،‭ ‬حتى‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬على‭ ‬المعوقات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحول‭ ‬دون‭ ‬استكمال‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬للمملكة‭ . ‬وكان‭ ‬الزعيم‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭ ‬هو‭ ‬الصوت‭ ‬الأقوى‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬يطالب‭ ‬بتحرير‭ ‬كامل‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬،‭ ‬حتى‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬جوار‭ ‬ربه،‭ ‬وهو‭ ‬يدافع‭ ‬عن‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويلح‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬استرجاع‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬الأم‭. ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جنته‭.‬
 
فالاحتفال‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬بعيد‭ ‬الاستقلال‭ ‬،‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الوحدة‭ ‬الترابية‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬كرسها‭ ‬القرار‭ ‬رقم‭ ‬2797‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬أقر‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬تحت‭ ‬السيادة‭ ‬المغربية‭. ‬وهو‭ ‬القرار‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬تقرر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬يوم‭ ‬صدوره‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭ ‬عيداً‭ ‬وطنياً‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ (‬عيد‭ ‬الوحدة‭) ‬يحتفل‭ ‬به‭ ‬المغرب‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ .‬
 
إن‭ ‬هذا‭ ‬التزامن‭ ‬بين‭ ‬عيد‭ ‬الاستقلال‭ ‬والإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاحتفال‭ ‬يوم‭ ‬31‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬بعيد‭ ‬الوحدة،‭ ‬يتخطى‭ ‬كونه‭ ‬رمزاً‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬التاريخية‭ ‬ذات‭ ‬الدلالات‭ ‬القوية،‭ ‬إلى‭ ‬معنى‭ ‬أعمق‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬تحرير‭ ‬الأرض‭ ‬وبين‭ ‬توحيد‭ ‬الوطن،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يصاغ‭ ‬في‭ ‬عبارة‭ ‬واحدة‭ (‬الاستقلال‭ ‬الوحدوي‭ ‬والوحدة‭ ‬المستقلة‭)‬،‭ ‬بكل‭ ‬المضامين‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬تنطوي‭ ‬عليها‭ .‬

              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار