Quantcast
2025 سبتمبر 19 - تم تعديله في [التاريخ]

الدّوخة في قمة الدّوحة !

افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 18 سبتمبر 2025


الدّوخة في قمة الدّوحة !
العلم - محمد بشكار

قبل يوم من يقظة العرب من النّوم في قمة الدوحة، حلت الدوخة مع وزير الخارجية ماركو روبيو لفلسطين، لا لشيء إلا ليعتمر الطويقية اليهودية السوداء، تعبيرا من أمريكا أن الغطاء على الرأس والعين، كيف لا والروبيو غير الأشقر، أتى ليتبرّك بالطقوس التلمودية المُحرّفة الرعناء، مُتخذا من حائط البُراق في القدس، مُتَّكأً صنميا للإمعان في قرابين الإبادة، فيا للرسالة الأشد فتْكا على الأنفس الأبيّة بحدَّيْها الصليبي واليهودي، يبعثها هؤلاء الأشرار المُتلفِّعون بمُسوح الأحبار، من نفق تحت القدس مظلم ومفتوح على حرب دينية قد لا تُبقي ولا تذر، إنّه المسجد الأقصى يا قادة، أمَا آن الأوان أن نتجاوز الصياح ببيانات التنديد إلى لغة السلاح !

ماذا نقول أمام هذا المشهد الارتكاسي، الذي يعاف أن يحاكيه بالنَّطِّ والتصفيق حتى القرد، هل نستمر في رفع عقيرتنا بالأسطوانة المشروخة: القدس لنا.. على الأقل الأغاني الشجية ستساعد الكثيرين على التخلُّص من دموعٍ ما أثقلها وهي تكْتُم الأنفاس في الصدور، حتى إذا جَرَت حمَلَتْ في سيْلها القدس فلا هُمْ يحزنون!

أو ننشد القُدس لنا.. في القصائد من يستطيع أن يحصي اليوم نسَماتها المأهولة بالأشباح، منذ شُيّدَ أوَّل بيتٍ شعري مع نسْف أول بيتٍ فلسطيني، من يستطيع أن يَعُدَّ قصائد لم تصْنع شيئا، سوى أنّها حافظت على حُلْمنا الموعود من التَّلف، وها نحن اليوم ما عُدْنا نُفرِّق ونحن نكتب، بين الخيال والخرَف، ولكن ماذا يستطيع الشُّعراء، ذلك أقصى الشّجن تُجاه الأقصى والوطن، غير أنَّ الناس صَدَّقوا الحُلم الغاطِّ بنومه السحيق في الأغاني والقصائد، وما أشْبهَهُ بالحلم في الوسائد، وتظاهروا في الحُلْم، صرخوا في الحلم، تَمَتْرسوا في الحلم، حملوا السِّلاح في الحلم، طردوا العدو في الحلم، وحتى إذا استيقظوا من الحُلم سيسعون إلى أقرب عرَّاف أو مُنجِّم  لتفسير الحلم، وما زال العرب قادةً وليس شعوباً، في حُلمهم نائمين، بينما العدُو في أرَقِه وقلقه الأبدي، لا ينام حتى استفقنا من هول الصَّدمة مُتأخِّرين وقد خسرنا كل حُلم!

تَعالوا إذاً نلتقط صور الحِداد بالأبيض والأسود، نُرصِّعُها بعبارة القدس لنا، فأنّى لفاقِدِ الشيء أنْ يُعطيه ولو على سبيل الصّدقة، لا نملك منصّةً للصواريخ أو طائرات شبحية بهنْدسةٍ على طراز الغَدْر، اللهم منصّة بروفَايْلاتِنا على فيسبوك للِرَّد على العدو مع الكثير من الشّجْب والتّنديد والصريخ، لا نملك غير المَسيرات نتباهى بأرقامها المليونية أو البليونية، بينما في حقيقتها مهما امتدت طوفانا، لا تتجاوز إرادة الحُكام في الشعوب.. الشعوب بكل أعْطابها الإجتماعية تجدها فرصة للتعبير عن الغضب من كل شيءٍ في الشارع، دون أن يُتَّهَم أحدٌ بالسُّكْر العلني، تُندِّد بالكيان ومن خلالها بتفاحُش الأسعار، باحتكار الثروات، بغلاء الماء والضوء، بالتفاوت الطبقي السحيق، بالبطالة التي أنتجت في كل بيت عربي شهيدا، صحيح أنهم يخرجون غاضبين على إسرائيل، ولو فتحوا الحدود لوصلوا بالمقاومة برّاً وبحْراً إلى فلfطين، ولكن يَجدُها المواطن العربي فرصةً أيضاً كي يُنَدِّد بمن صنع وضعيته المقهورة في بلده، وجعله في الترتيب العالمي إنساناً أخيراً، فلا نعرف بعد أن امتزجتْ كل الهموم الإجتماعية بالهمِّ الفلsطيني، هذا الإحتجاج على أيِّ إسرائيل!

يا للدوخة في قمة الدوحة، فهي لم تُغيِّر رقماً أو حركةً في المعادلة ولو بقلب الطاولة، لم تسْتنفر في هذه النكبة ترسانة الأسلحة الصدئة اللهم باستعمال أدوات النّدبة، ألم تر إلى الناتو كيف جيّش الآلاف في عملية الحارس الشرقي على حدود روسيا، لا لشيء إلا لأن مُسيّرةً ضلّت سبيلها مُتسلِّلَةً إلى سماء بولندا، فماذا يُجْدي التّهديد بالخُطب الحامية والكيان بالقُدس يُمْعِنُ في التّهويد، ماذا تُجْدي القِمم العربية وهي ليست في هاوياتها، إلا قبورا جماعية لشعوبنا في غزة والعراق وسوريا واليمن وليبيا.. والبقية ما زالت قيْد التَّصْميم الأمريكي علينا السلام!

ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 18 سبتمبر 2025


              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار