Quantcast
2025 غشت 3 - تم تعديله في [التاريخ]

السياسة وصناعتُها البئيسة !

ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 10 يوليوز 2025


السياسة وصناعتُها البئيسة !
العلم - محمد بشكار

العضُّ في اللحم النَّيء والجري خلف لا شيء، هي العبارة التي تصلح شعاراً للمرحلة، تصلح تعبيرا بليغا، لجيل جديد قيد النشوء في هذا البلد، جيل (طوطو) أو (بو فرطوطو) الذي يتشكل يوماً عن يوم، نتيجة الهدم غير المُهادن لكُل القيم، كيف لا والوعي أصيب في مقتلٍ بعد انهيار منظومة التعليم، صحيح أنني لا أفهم في السياسة، ولكنها كما قُلتُ ذات كآبة، تفهمنا جميعا وتُهيء لِناشئة العذاب من الجيل الجديد، مستقبلا بحجم أعينها الضيقة المُدجَّنة على التعتيم، ولا لَوْم سواء كنت تفهم أو لا تفهم، أنّ هذا الرهط وهو ينسل أفواجا أو  أمواجاً من كل شط، لم يأتِ من فراغ، إنما تكْمُن خلفه أصابع تحترف صناعة الضِّباع، تهيء شباب هذا البلد الأمين، لِلقعر المُتلاطم الذي هم عليه الآن، فيَا لثقتنا العمياء ونحن نضع البوصلة، في أيادي قراصنة يسرقون الأمل بِما حَمَل، يا للضَّياع الذي يُدبِّجه بعض سياسيينا الأقحاح، شعاراً للمرحلة
!       

لا أفهم في السياسة ولكن يبدو أنها تفهمني جيدا، والدليل أنها تتلاعب بعقلي الذي ما زلت أحاول أن أعيده لرأسي، أَلمْ تَر كيف عصَفَتْ بتفكيره ردحا من العمر بعض الإيديولوجيات، كيف نُصدِّقُها وهي ما زالت ترعى في وهمنا الساذج، قطعانا من الغيوم تزيدنا ظمأً ولا تُسقِطُ مطرا، لا أفهم في السياسة، فهي تصنعنا وِفْقَ مقاسات مصلحيةٍ ضيِّقة، وَمِن أين للرأس أن يدور مع الأجرام في عالم يعُمُّهُ الإجرام، من أين للنّظر أن يتجاوز الأنف إلى مُستقبل أفضل، وكل أنفٍ شمخ كبرياءً مجدوعٌ من الجذور !

لا أفهم في السياسة إلا بطريقة رومانسية، كأن أفكر في حيلة للإيقاع بقلب من أحب، أو أمارس سياسة التقشف على جيبي، لأوفِّر لمن أحب مالاً أشتري به ما يحبون، أو أُعَدِّلَ قليلا بشيء من المرونة من رؤيتي للعالم، فلا شيء فيه يعجبني، عساني أعيشَ وأسْلَمَ من شر بعض الناس، لا أفهم في السياسة لأن وجهي سرعان ما يسْخنُ خجلا، وليس بالبرودة القمينة بجعل كل أقنعة الشمع لا تذوب، فَمن تفضحه ملامح وجهه غير الصَّلب والحديد، لا يصلُح لسياسة تطلع على الناس في كل يوم بوجه جديد!

أحبُّ أن أكون كما أنا، لا أغيِّر في وجهي ملمحاً، لَكم أخشى أن لا أعرف نفسي وأنا أحْلِق ذقني في المرآة، ولا أعجبُ إلا ممن راكَمَ صفا طويلا من الأقنعة، كيف لا والسياسة التي لا تخدم البلد، لا تحتاج إلى تدريب شاق في معاهد عليا أو سفلى لتجارة الوهم، ولست أذكر من قال ما معناه، إن السياسي المحنَّك في خدَّيه المتورِّدين، هو الذي يستطيع ابتكار أقوى الأكاذيب تصديقا، وأنا لا أستطيع الكذب حتى على نفسي سوى بقصيدة، وماذا تُجدي هذه الأخيرة، وكل القراءة  تَنصبُّ اليوم على مُفردةٍ واحدة، هي (سلكوط) المُسطّرة على قميص (طوطو)، ماذا يُجدي الشِّعر بعد أن كسد الأدب و سادتْ قلَّةُ الأدب !

لا أفهم في السياسة التي تتلاعب بالعقول، ولكنها تفهمنا وتقرأنا وهي تضرب الدَّفَّ تحت السطور، وأفظعها تلك التي تُدبَّر على مرأى أعيُن عمياء في الصدور، تُحوك أحابيلها للإطاحة بكل القيم الإنسانية، وأشهد أننا آمنا بمبادئها ولو لم تُورِّثنا إلا الفقر، أشهدُ أننا لن نستسلم ولو انقلبت الغيرة على البلد إلى كُفْر!

ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 10 يوليوز 2025


              

















MyMeteo




Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار