Quantcast
2023 ماي 29 - تم تعديله في [التاريخ]

القضاء البريطاني يضع محكمة العدل الأوروبية أمام امتحان حقيقي قبل أسابيع قليلة من صدور حكم أوروبي في نفس القضية

أصدرت محكمة الاستئناف في لندن يوم الخميس الماضي، حكما قضائيا نهائيا يقضي برفض طلب الاستئناف الذي تقدمت به منظمة بريطانية موالية لجبهة البوليساريو الانفصالية، في الحكم الابتدائي الذي سبق للقضاء البريطاني أن أصدره في نهاية سنة 2022، في شأن الدعوى التي رفعتها منظمة (WSC) والتي طالبت من خلالها بإبطال اتفاقية الشراكة التجارية بين المغرب وبريطانيا، بدعوى عدم احترام هذه الاتفاقية للقانون الدولي فيما يتعلق بالوضع القانوني للصحراء المغربية ومواردها الطبيعية، باعتبارها (إقليما متمايزا ومنفصلا عن المملكة المغربية) وبالتالي اعتبار إدراج البضائع ذات المنشأ في الصحراء المغربية غير قانوني، وأيضا اعتبار وزارة التجارة الدولية البريطانية وخزانة المملكة البريطانية اقترفتا خرقا لالتزاماتهما بموجب القانون الدولي.



القرار القضائي البريطاني انتصار للوحدة الترابية للمملكة المغربية، حيث اعتبر منطقة الصحراء المغربية أراضي مغربية، وأن إدراجها ضمن الاتفاقية التجارية بين المغرب وبريطانيا قانوني. وهو نفس الحكم الذي سبق للقضاء الابتدائي في بريطانيا أن أصدره خلال شهر دجنبر من السنة الماضية، ليعلن بصفة قطعية ونهائية إغلاق هذا الملف.

ويذكر أن محكمة العدل الأوروبية كانت قد أصدرت قبل مدة قرارا قضائيا مخالفا، إذ اعتبرت إدراج منطقة الصحراء المغربية ضمن الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي غير قانوني. وتقدمت مفوضية الاتحاد الأوروبي في حينه بطعن في هذا الحكم أمام نفس المحكمة، وينتظر أن تحسم محكمة العدل الأوروبية في هذا الطعن في حكم يرتقب أن يصدر خلال شهر يوليوز المقبل.

وهكذا فإن الحكمين الابتدائي والاستئنافي الصادرين عن القضاء البريطاني خلال أقل من سنة، يضع محكمة العدل الأوروبية أمام امتحان حقيقي فيما يتعلق بالحكم الذي يرتقب أن تصدره في نفس القضية، والذي لا يمكن أن يزيغ عما سار عليه القضاء البريطاني المشهود له باستقلاليته وبنزاهته وبكفاءته المهنية.

وقد خلف الحكم البريطاني الجديد ارتياحا كبيرا في بريطانيا كما في المغرب، لأنه أضفى الطابع القانوني على الشراكة الاقتصادية بين بريطانيا والمغرب، مما قوى موقف الحكومة البريطانية ، ولأنه من جهة ثانية أقر بشرعية المغرب فيما يتعلق بالوحدة الترابية للمملكة المغربية. والأكيد أن هذا الحكم خلف تذمرا واستياء و خيبة أمل قوية في الجزائر ولدى صنيعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، لأن هذا الحكم يمثل انتكاسة أخرى جديدة لهما معا، ومؤشرا سلبيا بالنسبة للحكم المرتقب صدوره عن محكمة العدل الأوروبية.

محللون يؤكدون على القيمة الكبيرة للقرار القادم من محكمة وازنة أوروبية ودولية

* العلم: أنس الشعرة


وقال تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية إن « هذا القرار لم يأتِ بصفة عفوية، بل جاء معللا بشكل دقيق وقانوني، ومسوغًا بالسوابق القضائية»، موضحا أن» قرار محكمة الاستئناف البريطانية، كان صريحا وواضحا، وتناولَ العديد من القوانين التفصيلية».

وشدد الأستاذ الجامعي، في تصريحه لـ «العلم» على أن هذا القرار تناولَ الكثيرَ من القضايا المهمة في هذا الموضوع، فالبوليساريو تتذرع بأن هذه الاتفاقية خرقت قانون التجارة البريطاني، (المادة 28) التي تقول إن على بريطانيا احترام المواثيق الدولية، معتبرين أن توقيع اتفاقية الشراكة في 26 أكتوبر مع المغرب يشكل خرقًا لهذا المبدأ، مضيفا أن جوهر النقاش حول هذا الموضوع، يكمن في تقرير المصير، سواء من خلال المبدأ الذي أشير إليه في الأمم المتحدة أو في باقي قرارات الجمعيات العامة.

ومن جانبه، أكد عبد الفتاح الفاتحي، خبير استراتيجي في قضايا الصحراء والشؤون الإفريقية، لـ «العلم»  أن هذا القرار القضائي صفعة قانونية للجزائر وجبهة البوليساريو، فالقرار يكتسي قوة الشيء المقضي به، لذا فإن تداعياته تكبد الموقف الانفصالي الجزائري خسارة كبيرة، لا سيما وأنه يصدر عن مؤسسة قضائية لها مصداقية نافذة  لأقوى الدول في الديموقراطية والعدالة الدولية.

وقال الفاتحي، إن «قوة القرار تخدم الموقف التفاوضي المغربي، وهو جواب على من لجأ إلى المحكمة البريطانية، حيث جاء القرار بنتائج مفصلية في نزاع الصحراء، بإنهاء المزايدة بمظلومية استغلال الثروات الطبيعية للصحراء والتي دأبت الجزائر عليها لإيقاف مسيرة الإنماء الاقتصادي في الصحراء».

وتابع الخبير الاستراتيجي، أن قرار محكمة الاستئناف البريطانية سابق في الزمن، وناقش دفوع الجزائر المتعلقة باستغلال الثروات الطبيعية في الصحراء، وعليه يُتوقع أن يرخي هذا القرار  بظلاله على القرار المرتقب للمحكمة الأوروبية التي جانب حكمها الابتدائي الصواب لافتقاده الأساس القانوني القاضي بإلغاء الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوربي.

وفي السياق ذاته، قال محمد بودن خبير في العلاقات الدولية، إن «القرار القضائي لمحكمة الاستئناف بلندن اتسم بطابع الحسم فبقدر ما يؤكد على سيادة المغرب على صحرائه، ويبرز فوائد التنمية على الساكنة، بقدر ما يسلط الضوء على حقيقة افتقاد جبهة البوليساريو للأهلية القانونية وصفة التمثيل للمطالبة بالنظر في شرعية وقانونية اتفاق الشراكة المبرم بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة سنة 2019».

 ولفت المتحدث نفسه، ضمن تصرح لـ «العلم» إلى  أن «الحكم القضائي ستكون له أثار إيجابية على نسق العلاقات بين المملكتين، ومنذ توقيع اتفاق الشراكة وانعقاد آليتي الحوار الاستراتيجي ومجلس الشراكة، وإجراء المكالمة الهاتفية التي جمعت جلالة الملك محمد السادس وعاهل المملكة المتحدة تشالرز الثالث، و العلاقات بين البلدين التي تشهد دينامية ملحوظة، وبالتالي فإن الواجهة القانونية التي يجسدها قرار محكمة الاستئناف بلندن يمثل قوة دفع للشراكة المغربية البريطانية (UKMAA)».

وتابع،  أن هذا الحكم  يرسخ الشرعية على مختلف التدابير السيادية التي يقوم بها المغرب. ومن إيجابيات القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بلندن أنه يقدم إطارا للاجتهاد القضائي الذي يجعل من مبادرة الحكم الذاتي نموذجا للتسوية نظرا لاستجابته لمتطلبات المستقبل باعتباره الأداة الواقعية لاستفادة الساكنة المحلية بالصحراء المغربية.

وأشار المتحدث، إلى أن محكمة الاستئناف بلندن تعاطت برؤية شاملة وبعيدة عن المنطق الإجرائي، واقتنعت بالحجج والقرائن التي يقدمها المغرب باستمرار، مبرزَا أنه قرار يحمل في طياته الأسس المعيارية لقرار مرجعي يمكن الترافع به و تقديمه لتعرية سردية أعداء الوحدة الترابية.

وجذير بالذكر، إلى أن هذا القرار القضائي أوضح بالملموس الإخفاقات المتتالية، للكيان الوهمي (البوليساريو)، حول النزاع المفتعل لقضية الصحراء المغربية، الذي فشل رغم مساعيه المتكررة، في الضغط على القضاء البريطاني، لإعادة النظر في الاتفاق التجاري بعد «البركسيت» المبرم بين المغرب وبريطانيا.

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار