رئيسية 
الرئيسية 
العلم الإلكترونية - محمد بشكار
لم أكُن أبداً فريسة سهْلة للأفكار التي تُفرِّق بين الذكر والأنثى في حقل الكتابة، وحين أمُدُّ يدي لديوان أو رواية كَمَنْ أمدُّها بالقطْف إلى شجرة، هل يجب في هذه الحالة أيضاً أن أتساءل ما جنس الشَّجرة كي أتناول ما تَطْرَحُه من ثمار، يكفي أن أحقِّق إشْباعي من حيثُ التذوُّق الجمالي، وأُهنِّىء الطبيعة على سِعة صدرها الذي احْتمل الصِّراع بين الكائنات لكي تتجدَّد دوْرةُ الحياة، أُهنِّىء الطبيعة لأنها التزمتْ دائما الحِياد، ولم تتدخَّل في خِصام يسْتعِر وجهاً لوجْهٍ بين السماء والأرض، فَمَنْ مثل الطبيعة في حِكْمتها يستطيع أنْ يضع مسافةً مُناسبة تحُول دون اصطدام العناصر، ما أفْظع أنْ تَنْطبِق السماء على الأرض في كُتْلةٍ واحدة، ما أفْظع أن يعُمَّ التَّشابُه فنبحثُ عن أنفسنا ولا نجدُها إلا في المرآة !
ما تكتبُه امرأةٌ لا يختلف عمَّا يَخُطُّه الرجل، أليس يكتُبان بنفْس اللغة، ألا يشتركان أيضاً في نفْس المرْجِع، أيْ الذات والواقع، ولا أعْجبُ إلا مِمَّنْ يعْتصِر الذِّهن لآخر قطْرة أو فكرة في الدماغ، لا لِشيء إلا للتَّباهي بتحديد خصائص الكتابة النسائية، وكأنَّه يُحلِّل بقايا نيْزك سقط من كوكب آخر، ماذا تُرانا نسْتفيد من التَّمْييز بين ما تكتبه المرأة ويخُطُّه الرجل، غير تكْريس الكراهيَّة في مُحاولة فاشلة للاسْتِفْراد بالتَّفوُّق، أمَا كان عِوض تعميق الجُرح بهذا التَّمزُّق النَّفْسي، أنْ يعْترف سواءً الكاتب أو الكاتبة أنَّ أحدَهُما للآخر في كثير من الإبداع بمثابة المُلْهِم والمُلْهِمة !
صحيح أنَّ العْطر دليلٌ بليغ للوصول إلى مكْمَن الوردة، ولكن الأصَح أنَّ المرأة التي في قلب الرجل، دليلٌ أبْلغ لأجمل ما أبدعته الإنسانية من كتابات أدبية منذ الأزل، ولنْ نتساءل هُنا هلِ الدجاجة أسْبق للوجود أو البيْضة، ولكنَّني موقنٌ حتى لو كان الرجل أول من خربش شِبه جُملة شعرية، أنَّ هذه الجملة جاءت بِدافعٍ يُشْبِه تدفُّق الدم في العُروق، مِنِ امرأة يُحاول الكاتب تفسيرها كالحلم، لذا لا ينتابني الشَّك أنَّ كل كلمة يُدبِّجُها الرجل تستحق أن تحمل توقيع إحدى النساء !
وَحْدها الكتابةُ وليس عمليَّة تجميلية من النَّوع الذي يودي بالحياة، جعلتِ الرجل يُصْبح من ذَوَاتِ الأرْحام، أليس الكاتب يفْقِد فُحولته الذُّكورية مُنْساقاً وراء خُدع التَّصْوير الأدبي، فتجده يقول: يا لهذه الرِّواية أوْ يا لهذا الديوان، لقد أخذ من عُمْري سنواتٍ أشَقَّ من الوَحَم، وها هو اليوم يُولد بعد مَخاضٍ عسير !
وحدها الكتابةُ تجْعل للرجل ثدْياً ولو كان يُدِرُّ الحِبْر عِوَض الحليب، وما أكْثر الأدباء الَّذين وظَّفوا تعابير استعارية تَخْدم هذا المعنى ولو لمْ يستعملوا حمَّالة الصَّدْر، وما أكْثَر مَنْ يقول مُنتفِخ الجفْن، لقد سهرتُ الليالي أُهَدْهِد هذه القصيدة أو تلك الرواية، عسى صُراخها يتوقَّفُ في داخلي، أعْتَرِف أنَّ هذا العمل الأدبي قد أصابني بالهُزَال لفرط ما أرضعته رحيق روحي، ولكنني فرح بعد أنْ اشتدَّ عُود مولودي الجديد !
وَحْدها الكتابة تُساوي بين الذُّكورة والأنُوثة، بل إنَّ الكاتبة سيمون دوبوفوار، قد ذهبتْ أبْعَدَ في جرأة الطرح، وما أكثر ما تنْشُط باستحضار هذه الفيلسوفة حِمَمُ الحركة النِّسْوية، فقد خاطبتْ بنات جِنْسها، بالقول إنَّهن لا يُولدْن امرأةً إنَّما يُصبْحن امرأةً، لا أدعي أنِّي فككتُ شِفْرة هذه المقُولة، رُبَّما تقصد أنَّ المُجتمع يُهيِّء سلفاً أدواراً جاهزة للمرأة تَحدُّ من حُرِّيتها في الحياة العامَّة، وأنَّها لم تُخلَق إلا لِتكون جنْساً لطيفاً، ولكن حتَّى لا نَتهوَّر وتتماهى بهذا التَّصَوُّر الأجساد في حُلولٍ صوفي، أكْتفي بالقول، إنَّ الكتابة وحْدَها قد تُصيب الذكر والأنثى بغيْرة قاسية حين تتجاوزهُما إلى كل الأجناس، الكتابة وحْدَها تجعل الرجل يُنْشِىء عالمه المنشود، وقد يتَّسِع هذا العالم أو يضِيق بحسْب بُعْده أو دنُوِّه مِن المرأة !
هلْ يجبُ أنْ أكرِّر أنَّ الكتابة وحْدها تُساوي بين الذُّكورة والأنُوثة، وأنَّ كلا الجنْسين يحتاجان لنفْس القلم الَّذي يجْري بحِبْر مشيئته حتى يكْتمِل الخَلْق، يبقى الاختلاف في طُول النَّفَس أو قِصَره لنحقِّق للفكرة التي تكتبنا أجمل صورة، تماما كاختلاف الأحْجام بين الأقلام!
لم أكُن أبداً فريسة سهْلة للأفكار التي تُفرِّق بين الذكر والأنثى في حقل الكتابة، وحين أمُدُّ يدي لديوان أو رواية كَمَنْ أمدُّها بالقطْف إلى شجرة، هل يجب في هذه الحالة أيضاً أن أتساءل ما جنس الشَّجرة كي أتناول ما تَطْرَحُه من ثمار، يكفي أن أحقِّق إشْباعي من حيثُ التذوُّق الجمالي، وأُهنِّىء الطبيعة على سِعة صدرها الذي احْتمل الصِّراع بين الكائنات لكي تتجدَّد دوْرةُ الحياة، أُهنِّىء الطبيعة لأنها التزمتْ دائما الحِياد، ولم تتدخَّل في خِصام يسْتعِر وجهاً لوجْهٍ بين السماء والأرض، فَمَنْ مثل الطبيعة في حِكْمتها يستطيع أنْ يضع مسافةً مُناسبة تحُول دون اصطدام العناصر، ما أفْظع أنْ تَنْطبِق السماء على الأرض في كُتْلةٍ واحدة، ما أفْظع أن يعُمَّ التَّشابُه فنبحثُ عن أنفسنا ولا نجدُها إلا في المرآة !
ما تكتبُه امرأةٌ لا يختلف عمَّا يَخُطُّه الرجل، أليس يكتُبان بنفْس اللغة، ألا يشتركان أيضاً في نفْس المرْجِع، أيْ الذات والواقع، ولا أعْجبُ إلا مِمَّنْ يعْتصِر الذِّهن لآخر قطْرة أو فكرة في الدماغ، لا لِشيء إلا للتَّباهي بتحديد خصائص الكتابة النسائية، وكأنَّه يُحلِّل بقايا نيْزك سقط من كوكب آخر، ماذا تُرانا نسْتفيد من التَّمْييز بين ما تكتبه المرأة ويخُطُّه الرجل، غير تكْريس الكراهيَّة في مُحاولة فاشلة للاسْتِفْراد بالتَّفوُّق، أمَا كان عِوض تعميق الجُرح بهذا التَّمزُّق النَّفْسي، أنْ يعْترف سواءً الكاتب أو الكاتبة أنَّ أحدَهُما للآخر في كثير من الإبداع بمثابة المُلْهِم والمُلْهِمة !
صحيح أنَّ العْطر دليلٌ بليغ للوصول إلى مكْمَن الوردة، ولكن الأصَح أنَّ المرأة التي في قلب الرجل، دليلٌ أبْلغ لأجمل ما أبدعته الإنسانية من كتابات أدبية منذ الأزل، ولنْ نتساءل هُنا هلِ الدجاجة أسْبق للوجود أو البيْضة، ولكنَّني موقنٌ حتى لو كان الرجل أول من خربش شِبه جُملة شعرية، أنَّ هذه الجملة جاءت بِدافعٍ يُشْبِه تدفُّق الدم في العُروق، مِنِ امرأة يُحاول الكاتب تفسيرها كالحلم، لذا لا ينتابني الشَّك أنَّ كل كلمة يُدبِّجُها الرجل تستحق أن تحمل توقيع إحدى النساء !
وَحْدها الكتابةُ وليس عمليَّة تجميلية من النَّوع الذي يودي بالحياة، جعلتِ الرجل يُصْبح من ذَوَاتِ الأرْحام، أليس الكاتب يفْقِد فُحولته الذُّكورية مُنْساقاً وراء خُدع التَّصْوير الأدبي، فتجده يقول: يا لهذه الرِّواية أوْ يا لهذا الديوان، لقد أخذ من عُمْري سنواتٍ أشَقَّ من الوَحَم، وها هو اليوم يُولد بعد مَخاضٍ عسير !
وحدها الكتابةُ تجْعل للرجل ثدْياً ولو كان يُدِرُّ الحِبْر عِوَض الحليب، وما أكْثر الأدباء الَّذين وظَّفوا تعابير استعارية تَخْدم هذا المعنى ولو لمْ يستعملوا حمَّالة الصَّدْر، وما أكْثَر مَنْ يقول مُنتفِخ الجفْن، لقد سهرتُ الليالي أُهَدْهِد هذه القصيدة أو تلك الرواية، عسى صُراخها يتوقَّفُ في داخلي، أعْتَرِف أنَّ هذا العمل الأدبي قد أصابني بالهُزَال لفرط ما أرضعته رحيق روحي، ولكنني فرح بعد أنْ اشتدَّ عُود مولودي الجديد !
وَحْدها الكتابة تُساوي بين الذُّكورة والأنُوثة، بل إنَّ الكاتبة سيمون دوبوفوار، قد ذهبتْ أبْعَدَ في جرأة الطرح، وما أكثر ما تنْشُط باستحضار هذه الفيلسوفة حِمَمُ الحركة النِّسْوية، فقد خاطبتْ بنات جِنْسها، بالقول إنَّهن لا يُولدْن امرأةً إنَّما يُصبْحن امرأةً، لا أدعي أنِّي فككتُ شِفْرة هذه المقُولة، رُبَّما تقصد أنَّ المُجتمع يُهيِّء سلفاً أدواراً جاهزة للمرأة تَحدُّ من حُرِّيتها في الحياة العامَّة، وأنَّها لم تُخلَق إلا لِتكون جنْساً لطيفاً، ولكن حتَّى لا نَتهوَّر وتتماهى بهذا التَّصَوُّر الأجساد في حُلولٍ صوفي، أكْتفي بالقول، إنَّ الكتابة وحْدَها قد تُصيب الذكر والأنثى بغيْرة قاسية حين تتجاوزهُما إلى كل الأجناس، الكتابة وحْدَها تجعل الرجل يُنْشِىء عالمه المنشود، وقد يتَّسِع هذا العالم أو يضِيق بحسْب بُعْده أو دنُوِّه مِن المرأة !
هلْ يجبُ أنْ أكرِّر أنَّ الكتابة وحْدها تُساوي بين الذُّكورة والأنُوثة، وأنَّ كلا الجنْسين يحتاجان لنفْس القلم الَّذي يجْري بحِبْر مشيئته حتى يكْتمِل الخَلْق، يبقى الاختلاف في طُول النَّفَس أو قِصَره لنحقِّق للفكرة التي تكتبنا أجمل صورة، تماما كاختلاف الأحْجام بين الأقلام!
