*العلم: نهيلة البرهومي*
أعاد تقرير حديث صادر عن موقع «جيوبوليتيكالمونيتور» الكندي، تسليط الضوء على أهمية مشروع خط أنابيب الغاز العملاق «المغرب ـ نيجيريا»، بالنسبة لموريتانيا الشقيقة.
وكشف التقرير أن المشروع من شأنه تعزيز حضور «الدولة المغاربية في سوق الطاقة الإقليمي وتحويل موقعها الجغرافي من «هامش» إلى مركز ثقل دبلوماسي يربط بين منطقة الساحل والمغرب العربي.
وأعاد التقرير تفاصيل المشروع الذي انطلق كمبادرة مشتركة بين الرباط وأبوجا في دجنبر 2016، مشيراً إلى أنه يمتد عبر مسار بحري يبلغ طوله حوالي 5600 كيلومتر بمحاذاة الساحل الغربي لإفريقيا، وصولاً إلى ربطه بخط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي.
وحدد التقرير الكندي ثلاثة أهداف رئيسية للمشروع، تمثلت في تحقيق عوائد مالية من احتياطيات الغاز النيجيرية الهائلة، تأمين وصول الغاز لدول غرب إفريقيا لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء والصناعة، فتح ممر جديد لتصدير الغاز نحو الأسواق الأوروبية كبديل للهيدروكربونات الروسية.
وأكد الموقع أن «المراحل الأولى للمشروع تركز على الاستهلاك الإقليمي في غرب إفريقيا حيث الطلب قوي ومؤكد، مما يوفر أساساً تمويلياً أكثر مصداقية مقارنة بالاعتماد الكلي على الطلب الأوروبي».
واعتبر المصدر نفسه، أن دمج موريتانيا في المشروع عبر مذكرات التفاهم الموقعة منذ 2022 يضعها في قلب الهيكل السياسي للمشروع، موضحا أن موقع موريتانيا عند “مفصل الشمال” للساحل الغربي الإفريقي -حيث يبدأ المسار بالانحراف نحو المغرب والمتوسط- ويمنحها أهمية لوجستية وجيوسياسية.
وشدد المستند على أن وجود موريتانيا ضمن هذه الهندسة الطاقية يفتح لها قنوات دبلوماسية ومنصات حوار كانت ستغيب عنها لولا هذا المشروع، مما يضاعف وزنها الرمزي في منتديات “إيكواس” والمنطقة المغاربية، ويقلل من اعتمادها الأحادي على الشراكات مع السنغال.
ونبه إلى أن معادلة «الكلفة والمنفعة» تصب في صالح موريتانيا، إذ إن مشاركتها في المشروع لا تتطلب استثمارات مالية ضخمة، لكنها تضمن لها مكاسب استراتيجية مباشرة، أبرزها الاستقلالية، والوضوح في سياسات الطاقة المغاربية، وحجز مقعد أساسي ضمن مشاريع التكامل الاقتصادي في غرب إفريقيا.
في هذا السياق، يرى الخبير والمحلل الاقتصادي، أمين سامي، أن المغرب اليوم وبفضل المشروع لم يعد مجرد دولة عبور، بل تحول إلى منصة إستراتيجية للطاقة الأطلسية، وهو ما يقف وراء اختيار دولة مغاربية شقيقة إعادة ترتيب أوراقها، والاصطفاف إلى جانب الرباط في مشروع أنبوب الغاز «المغرب ـ نيجيريا».
وأوضح سامي، في تصريح لـ»العلم»، أن تحول المغرب إلى مركز ثقل يربط بين نيجيريا غرب إفريقيا ودول الساحل والضفة الأوروبية، وخروجه من دائرة الممر التقني للغاز فقط، جعل موريتانيا التي انضمت إلى هذا المخطط، خاصة بعد التوقيع على مذكرات التفاهم في نواكشوط منذ 2022، تستفيد من الرؤية الواضحة للمملكة، بل وتعتبر بلادنا “الجسر الآمن” نحو أوروبا وإفريقيا في آن واحد.
وأشار الخبير والمحلل الاقتصادي، إلى أن المغرب منح موريتانيا منفذا أطلسيا طاقيا جديدا، يدمجها في شبكات تشاور إقليمية كانت غائبة عنها، ويخفف من تبعيتها الأحادية لأي محور طاقي أو دبلوماسي آخر، مؤكدا أن انضمامها للمغرب في هذا المشروع، لم يكن مجرد حركة مجاملة سياسية، بل قرار أعمال يقوم على منطق تكلفة دخول منخفضة، مقابل مكاسب استراتيجية عالية في التموضع، والرمزية، وفتح قنوات تفاوض جديدة.
وأبرز المتحدث، أن الدول الشقيقة التي اختارت الاصطفاف مع المغرب في هذا الممر الغازي الأطلسي، أعادت في الواقع صياغة نموذجها للطاقة والتنمية، وليس فقط إضافة أنبوب على الخريطة، خاصة وأن المغرب يعطيها، منفذا إضافيا لتصريف غازها مستقبلا شمالا، بالإضافة إلى قدرة أكبر على التفاوض مع الشركاء الحاليين، لأنها لم تعد رهينة مسار واحد فقط، مع دمج في هندسة أطلسية – مغاربية أوسع، فبفضل هذا المشروع، لم تعد هذه الدول محصورة في فضاء ضيق (ثنائي أو ثلاثي)، بل أصبحت جزءا من تحالف طاقي يضم نيجيريا، دول الإيكواس، المغرب، والدول الساحلية الأطلسية.
ونبه إلى أن أوروبا تتجه تدريجيا نحو تقليص الاعتماد على الغاز الأحفوري الكلاسيكي، لذلك فالقيمة المضافة الكبرى هي في ربط هذا الأنبوب مستقبلا بمشاريع الهيدروجين الأخضر والغاز منخفض الكربون، وبما أن بلادنا أعلنت بوضوح عن نيتها في ربط بنيتها الغازية القادمة بما في ذلك محطة الناظور والأنبوب، باستراتيجية أوسع للهيدروجين والطاقة المتجددة في أفق 2030–2040، فالدول الشقيقة التي وقفت مع المغرب اليوم، تحجز منذ الآن مقعدها في شبكة طاقة الغد. وتابع: «حتى لو تأخر تشغيل كل مراحل الأنبوب، فإنها ربحت منذ الآن تحالفات، قنوات تمويل، وموقعا في مفاوضات الطاقة والغذاء والصناعة داخل غرب إفريقيا وأوروبا».
وخلص إلى أن أنبوب «المغرب ـ نيجيريا»، حين يُدار بعقلية مندمجة، يتحول من مشروع أنابيب إلى مشروع فرص شغل، ومن ممر غاز إلى ممر وظائف خضراء وصناعات جديدة، لفائدة المغرب ولكل الدول الشقيقة التي اختارت الاصطفاف في هذا المسار الإقليمي الجديد.
رئيسية 








الرئيسية 





