
العلم الإلكترونية - وكالات
تشهد مناطق واسعة من جنوب فرنسا موجة حرائق مدمّرة أتت على مساحات شاسعة من الغابات والأحراش، وسط درجات حرارة مرتفعة ورياح قوية ساعدت في انتشار النيران بسرعة غير مسبوقة. وقد امتدت ألسنة اللهب خلال الساعات الأخيرة إلى مشارف مدينة مرسيليا، ثاني أكبر مدن البلاد، مما دفع السلطات المحلية إلى دعوة السكان في بعض الأحياء إلى مغادرة منازلهم كإجراء احترازي، وفق ما نقلته قناة "فرانس 24".
واندلع الحريق في البداية في منطقة ريفية بمحاذاة مرسيليا، قبل أن تساهم الرياح الجافة والقوية في امتداده إلى مناطق آهلة بالسكان. وأفادت السلطات بأن مئات من رجال الإطفاء مدعومين بعشرات الشاحنات والطائرات المخصصة لإخماد الحرائق، يخوضون سباقاً مع الزمن للسيطرة على ألسنة اللهب التي باتت تهدد أحياء سكنية ومواقع صناعية.
وأكدت مصادر محلية وفق قناة "فرانس 24" أن فرق الحماية المدنية تمكنت من احتواء أجزاء من الحريق، لكنها لا تزال تواجه صعوبات كبيرة بسبب الرياح المتغيرة الاتجاه، التي تعرقل جهود الإطفاء وتزيد من تعقيد الوضع الميداني.
وذكرت السلطات أن عدداً من السكان نُقلوا إلى مراكز إيواء مؤقتة أقيمت في منشآت رياضية وقاعات جماعية، في وقت أُعلنت فيه حالة الطوارئ البيئية في عدد من الدوائر الإدارية بالجنوب الفرنسي. كما أُغلقت بعض الطرق الرئيسية التي تربط مرسيليا بالمناطق المجاورة، وتم تعليق حركة القطارات في محيط المناطق المهددة.
وبحسب تقرير لقناة "فرانس 24"، فقد أتى الحريق على أكثر من 1200 هكتار من الغطاء النباتي في أقل من 48 ساعة، في واحدة من أسوأ موجات الحرائق التي تضرب فرنسا هذا الصيف. ويأتي هذا الحريق في سياق موجة حرّ تضرب مناطق عديدة من البلاد، ضمن نمط من التغيرات المناخية التي تفاقم من حدة الظواهر الطبيعية، وتضع البنى التحتية للوقاية والإغاثة أمام تحديات جسيمة.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه التحقيقات لتحديد أسباب الحريق، لم تستبعد السلطات فرضية العمل البشري سواء نتيجة الإهمال أو الاشتعال المتعمد. ودعت السلطات المواطنين إلى التحلي بالحيطة وتجنب التنقل في المناطق المتضررة أو القريبة من بؤر النيران، مع احترام تعليمات الوقاية الصادرة عن فرق الإنقاذ.
وقد لقيت جهود الإطفائيين إشادة واسعة من طرف المسؤولين والمواطنين، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها فرق التدخل، كما أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنه يتابع الوضع عن كثب، مؤكداً تعبئة كافة الإمكانيات لاحتواء الحريق وضمان سلامة السكان.
ومع استمرار التغيرات المناخية وما تفرزه من حرائق متكررة كل صيف، تجددت الدعوات إلى اعتماد خطة وطنية أكثر صرامة للتعامل مع مخاطر اندلاع النيران، وتحديث أسطول الإطفاء الجوي، وتعزيز حملات التوعية البيئية للحد من الحوادث التي يكون الإنسان سبباً مباشراً فيها.