
العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي
في إطار جهود تحديث منظومة العدالة التوثيقية، احتضنت مدينة طنجة يوم الخميس الماضي 17 يوليوز الجاري، ندوة وطنية علمية نظمتها الهيئة الوطنية للعدول ومجالسها الجهوية بكل من طنجة، والقنيطرة، ووجدة، ومراكش وبني ملال، تحت عنوان: "التوثيق العدلي والقانون: بين مشروعية المطالب وسؤال الحكامة".
الندوة، التي أدارها عدد من الأساتذة الجامعيين والخبراء في المجال من بينهم أنيسة أبو مهدي، مريم بن زكري، وسعيد ناجح، شكلت مناسبة لتشريح الوضع الراهن لمهنة التوثيق العدلي في ضوء المنظومة القانونية الحالية، واستشراف سبل تطويرها بما يضمن فعاليتها ومصداقيتها داخل المنظومة القانونية الوطنية.
وفي تصريح صحافي ضمن فعاليات الندوة، شدد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي للعدول بطنجة، على أن "الهيئة الوطنية للعدول خاضت منذ أكثر من 12 سنة حواراً مع وزارة العدل من أجل إصلاح القانون المنظم للمهنة، بهدف رفع المعوقات التي تكبل عمل السادة العدول، وتحقيق العدالة المهنية، وتكافؤ الفرص مع باقي المهنيين في مجال التوثيق". وأضاف: "المطالب المرفوعة ليست فئوية، بل مرفقية، تهم أساساً المرتفقين، وتسعى لتعزيز الأمن التوثيقي والتعاقدي الذي يشكل أساساً للاستقرار المجتمعي والأسري والاقتصادي".
وتركزت النقاشات على أهمية الحكامة في تنظيم المهنة، مع التأكيد على أن التوثيق العدلي مهنة ذات اختصاص واسع يشمل مختلف المعاملات المدنية والعقارية، وهو ما يستدعي تأهيلاً تشريعياً ومهنياً ملائماً. كما تطرقت المداخلات إلى مطلب فتح حسابات الودائع لصالح العدول، باعتباره، وفق تصريح سعيد الصروخ، "حقاً للمرتفقين قبل أن يكون حقاً للمهنيين"، إذ يتيح حماية أموال المتعاقدين، ويمكن الدولة من مراقبة حركة الأموال وضمان استخلاص مستحقاتها الضريبية.
وفي ذات السياق، أبرزت الندوة أهمية إدماج الوسائل التقنية الحديثة في عمل العدول، وتطوير التكوين المستمر، مع ضرورة تمتيعهم بنفس الضمانات والحقوق التي يتمتع بها زملاؤهم في باقي هيئات التوثيق، تأكيداً على مبدأ المساواة والتكافؤ في الأداء المهني.
وتأتي هذه المبادرة في سياق التحولات التشريعية والمؤسساتية التي يعرفها المغرب، خاصة في ظل ورش إصلاح العدالة الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس، والهادف إلى إعادة تأهيل كل مكونات المرفق القضائي، بما فيها المهن القانونية والقضائية المساعدة.
الندوة كانت مناسبة لتجديد التأكيد على أن التوثيق العدلي يشكل ركيزة أساسية في تحقيق الأمن القانوني والتعاقدي، وأن النهوض به يتطلب إرادة تشريعية واضحة، ومقاربة شاملة تدمج جميع الفاعلين، وتحترم خصوصية المهنة، وتضمن تكاملها مع باقي مكونات العدالة.