Quantcast
2025 ماي 13 - تم تعديله في [التاريخ]

عزمي بشارة: بين "فن" البهتان و الجرأة على تزوير الحقيقة.. بقلم // يونس التايب


عزمي بشارة: بين "فن" البهتان و الجرأة على تزوير الحقيقة.. بقلم // يونس التايب
 
مرة أخرى خرج علينا السيد عزمي بشارة في حوار مع مجلة "L'orient 21"، ليقول كلاما يكرر فيه نفسه منذ سنوات، ويؤكد صواب الرأي المشكك في نهجه "الانتقائي" الموسوم بالحرص على البهتان و تجنب الحقيقة والموضوعية.

وللأسف، رغم أن مسار الرجل معروف، كما هي معروفة طبيعة الأدوار التي لعبها وراء الستار، لا يزال هنالك من ينصتون لكلامه في قضايا الشرق الأوسط، ويروجون لرأيه وتقييمه لمواقف الدول التي يسميها "المطبعة"، كما لو أننا بصدد "حكيم" استثنائي يأتي في كل حوار أو مقال، بما لم يأت به أحد من قبله. بينما الحقيقة هي أن السيد عزمي بشارة هو من أول "المطبعين"، على الأقل من باب كونه مارس السياسة في الداخل الإسرائيلي ضمن مؤسسات الدولة، وكان عضوا في الكنيسيت (البرلمان)، وانخرط بشكل فعلي في "مبادرات" و"مواقف" تدخل في باب "التطبيع" بين مواطن عربي فلسطيني الأصل، وبين مؤسسات دولة إسرائيل التي هو مواطن فيها ويحمل جنسيتها. 

ويمكن، أيضا، التذكير بكون "المفكر" عزمي بشارة هو من صاغ الخط التحريري التأسيسي الاستراتيجي لقناة "الجزيرة"، وفتح لنا من خلالها أبوابا كانت مغلقة في وعي مواطني دول العالم العربي والإسلامي، قبل أن تطل علينا القناة إياها، بحوارات مع وجوه من الضفة الأخرى، لم يكن أحد يعرفها من قبل. 

وأخيرا، الرجل هو ذلك "المفكر" الذي ترافع عما سمي ب "الربيع العربي" وساند تجليات "الفوضى الخلاقة"، وقام بالتنظير لفوائدها تحت غطاء ظاهره "الدفاع عن الحرية والتعددية وحقوق الإنسان"، وباطنه فيه "كثير من الدولارات لمركز البحوث و أشياء أخرى". 

لذلك، ما يقوله الرجل في خرجاته، قد يحمل ربما بعض النقط التي يمكن الوقوف عندها امناقشته فيها، غير أن ذلك لا يمحو آثار ما وقع فيه سابقا، من غرق في الذاتية عند التحليل، وغياب للموضوعية والتجرد المطلوب في كل أكاديمي أو مثقف ينشد الحقيقة فعلا. والمستغرب أن المناضلين والإعلاميين المغاربة الذين يتفاعلون بحبور شديد مع ما يقوله المعني بالأمر، خاصة حين يأتي على ذكر بلادنا، لا يتساءلون "لماذا لا يرى السيد بشارة مشكلا في التطبيع، إلا إذا كان "مصريا وأردنيا ومغربيا"...؟؟؟ 

أليس الأولى به أن يرى، بشكل أوضح، "التطبيع" الذي يتجسد على بعد أمتار منه، في دول عزيزة على "قلبه و جيبه"، تساهم بشكل كبير في المفاوضات بين الأطراف في غزة، و تدبر الكواليس وتضبط مسار التمويلات، و تقضي مصالح كثيرة في الغرف المغلقة...؟؟؟

لا أريد أن أسمي الدول التي أقصدها، لكوني أحترم شعوبها وقياداتها ورموزها الوطنية، ولا أمنح لنفسي حق إعطاء الدروس لأي كان، لأن كل دولة لها الحق في تدبير ديبلوماسيتها كما تشاء، والتنسيق في مسألة القضية الفلسطينية، ضمن آلية القمم العربية أو الإسلامية، أو أي إطار آخر، لبلورة خطط مشتركة، ولو أن ذلك الزمن ولى مع أصحابه. فقط، أتمنى أن يستيقظ البعض من الأوهام التي أقنعوا بها أنفسهم، ويكفوا عن جلد بلادهم (دولتهم!!) بغير وجه حق، حتى لا يقعوا في الفخ الكبير المنصوب من جهات معروفة، أجزم أنه لا يزعجها ما يسمى "التطبيع"، بقدر ما يهمها أن تعزز حضورها ومركزية موقعها في الساحة السياسية الدولية. 

ما يحتاجه الظرف هو استيعاب حقيقة ما يجري ويدور من لعبة جيوستراتيجية كبرى في الشرق الأوسط، لسنا نحن المغاربة (الدولة والشعب) من وضعنا قواعدها، ولا ساهمنا في صياغة السيناريوهات الخفية التي تنسج هنا وهناك، ولا نحن من تآمرنا ضد هذا أو ذاك، رغم كل ما يقال عنا وما نتهم به ظلما أو نعاتب عليه ليل نهار. 

والتاريخ سيشهد أن المغرب قال بصوت مرتفع، ومنذ أول يوم، أن الحرب في غزة يجب أن تتوقف، وأن الدعم الإنساني يجب أن يصل للمدنيين، وأن الحل السياسي على قاعدة دولتين لشعبين هو الأفق الوحيد للخروج من دوامة عنف متجدد. ولو كان بأيدينا أن نتصرف بشكل يؤثر في استمرار الحرب، كما يدعي ذلك عزمي بشارة، لفعلنا و أوقفناها دون تردد. لكن، العالم يعرف أن أمر وقف الحرب يتجاوز كل ما عبرت عنه عشرات الدول من مواقف نددت بالحرب ووحشيتها. 

وبموازاة المواقف المشرفة للدولة المغربية والشعب المغربي، لاشك في أن المملكة المغربية حرصت على أن تظل بعيدة عن اللعب في المياه غير النظيفة التي تجري في بعض وديان السياسة في الشرق الأوسط، بينما ظل كثيرون، ومن بينهم السيد عزمي بشارة، يتحركون في كثير من تلك الأودية بكثير من النفاق السياسي والمزايدات الفارغة والتحريض المفضوح لأغراض نعرفها نحن و جميع من يروجون كلام المفكر العربي الإسرائيلي  كما لو أنه يمتلك الحقيقة المطلقة أو ينزل عليه الوحي من السماء. 

أكثر من أي وقت مضى، الوطن يجب أن يظل فوق كل اعتبار. وبعد ذلك، كل شيء مفتوح للنقاش بهدوء وموضوعية، بالحجة والحق في اختلاف الرأي، بعيدا عن أحكام القيمة المسبقة أو التخوين والتشكيك. 

و #عاش_المغرب_و_لا_عاش_من_خانه

الكاتب يونس التايب

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار