Quantcast
2025 ماي 9 - تم تعديله في [التاريخ]

علاء اللامي يكتب: ردا على المقولة المتهافتة «فوز مرشح ترامب» لباباوية الفاتيكان


علاء اللامي يكتب: ردا على المقولة المتهافتة «فوز مرشح ترامب» لباباوية الفاتيكان

انتخاب بابا كاثوليكي جديد إصلاحي ومؤيد للعدالة الاجتماعية ولحوار الأديان ومقرب من البابا الراحل فرانسيس كيف ينسجم مع الملياردير الرئيس ترامب أكثر الرؤساء الأميركيين عدوانية وعنصرية؟ بمجرد خروج البابا الجديد روبرت فرنسيس بريفوست من إحدى شرفات الفاتيكان بعد ظهور الدخان الأبيض من مداخن الصرح الباباوي بقليل تذكر الكثيرون في الإعلام العربي والعالمي حكاية الصورة التهريجية التي نشرها الرئيس ترامب لنفسه وهو يرتدي الزي البابوي، واعتبروا أن انتخاب بابا جديد أميركي المولد دليلا على أن ترامب فرض مرشحه على الفاتيكان! وأن هذا البابا الجديد أصبح تحت رحمته إن لم يكن عميلا له يأتمر بأوامره، وتلك نظرية متهافتة لا تصمد أمام النقد والوقائع ومنها:

معلوم أن البابا الجديد والذي اتخذ الاسم البابوي ليو الرابع عشر محسوب على التيار التقدمي الإصلاحي، وهو لم يكن من المرشحين الخمسة (اثنان منهم تقدميون من أنصار البابا الراحل فرانسيس وهما الفلبيني تاجلي والإيطالي زوبي واثنان محافظان تقليديان هما المجري أردو والغيني سارا والخامس وسطي معتدل هو الإيطالي بارولين). ويبدو أن استعصاء أو تعادلا قد حدث إثناء الجولات الأربع من التصويت السري في المجمع الكاثوليكي الأعلى ومنع حصول أي من المرشحين على ثلثي الأصوات اللازمة للفوز بالمنصب البابوي فطرح اسم المرشح الجديد بريفوست فتم انتخابه أخيرا.

إن نظرية “فوز مرشح ترامب للباباوية” لا حظ لها من الصحة بل هي مثيرة للسخرية حين نطَّلع على مواصفات وسيرة البابا الجديد؛ فهو من مواليد شيكاغو ليس إلا، وعاش معظم حياته رئيسا لأبرشية البيرو الكاثوليكية في أفقر بلدان أميركا اللاتينية، وقد عبر عن حبه لبيرو وشعبها في خطابه الأول ووجه لهما التحية باللغة الإسبانية ولم يذكر الولايات المتحدة أو يوجه لها التحية أو يتكلم باللغة الإنكليزية.

والبابا الجديد ليو الرابع عشر من المقربين من البابا المستنير والإصلاحي الراحل فرنسيس وهو الذي عيّنه في يناير/كانون الثاني 2023، رئيساً لدائرة الأساقفة، مكلفاً إياه بمهمة اختيار الأساقفة. وفي 30 سبتمبر/أيلول من نفس العام، رفّعه البابا فرنسيس إلى درجة الكاردينال.

ويُعتبر الكاردينال بريفوست عضواً في سبع دوائر في الفاتيكان، فضلاً عن كونه عضواً في لجنة حكومة الفاتيكان، ما يبرز الثقة الكبيرة التي منحها له البابا فرنسيس. ومن وسائل الإعلام التي رفضت نظرية “ترامبية البابا الجديد” قناة بي بي سي البريطانية. ففي تقرير لها قالت القناة بصريح العبارة: “يعتبر البابا الجديد شخصية مؤيدة لاستمرار إصلاحات البابا فرنسيس في الكنيسة الكاثوليكية، وعلى الرغم من خلفيته الأمريكية وإلمامه بالانقسامات التي تشهدها الكنيسة الكاثوليكية، فإن خلفيته اللاتينية تمثل استمرارية بعد البابا الراحل الذي جاء من الأرجنتين. وثمة اعتقاد أنه كان يتبنّى وجهات نظر البابا الراحل فرنسيس بشأن قضايا المهاجرين والفقراء والبيئة/ تقرير منشور على موقع القناة القسم العربي”.

نضيف إلى ذلك، أن البابا الجديد لم يتردد، بصفته كاردينالاً، في انتقاد آراء جيه دي فانس نائب الرئيس الأمريكي ترامب. حيث أعاد نشر منشور على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد فيه ترحيل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لأحد المقيمين في الولايات المتحدة إلى السلفادور، كما شارك مقالاً تحليلياً ناقداً لمقابلة تلفزيونية أجراها فانس مع قناة “فوكس نيوز” الإخبارية. وجاء في المنشور: “جاي دي فانس مخطئ: يسوع (المسيح) لا يطلب منّا تصنيف محبتنا للآخرين”، مكرراً العنوان الوارد في التعليق المنشور على موقع “ناشيونال كاثوليك ريبورتر”.

أخيرا، ومع كوني لست ممن يزجون بالدين في السياسة المحلية أو العالمية، ولكنني بالمقابل، لا يمكنني نكران تأثير الجهات والشخصيات الدينية المؤثرة في عالمنا “السياسي” اليوم سلباً وإيجاباً، ومن هذه الجهات الصرح البابوي الكاثوليكي، ولذلك نأمل أن يكون البابا الجديد استمرارا فعليا للبابا الراحل فرنسيس بمواقفه الإصلاحية المعلنة وبنزوعها التضامني الإنساني المناصر لقضايا العدالة الاجتماعية ولاهوت التحرير وأن لا يكون انبعاثاً للبابا يوحنا بولص الثاني الذي كان يطرد من السلك الكهنوتي الكاثوليكي كل رجل دين يعتنق لاهوت التحرير ويقاتل مع اليسار اللاتيني ضد الأنظمة القمعية العميلة لواشنطن، وهو البابا الذي تكرس طرفا سلبيا فاعلا في عهد الرئيس الأميركي ريغان وساهم بقسطه الكبير في تدمير الاتحاد السوفيتي وكتلته الشرقية ومواصلة شن الحروب والحصارات الغربية على شعوب الجنوب بهدف فرض رؤيتهم المستمدة من عقلية الكاوبوي والقائمة على شطب الآخر المختلف والمخالف من الوجود وإلغائه نهائياً بالحروب والحصار والإبادة الجماعية!

الكاتب العراقي علاء اللامي


علاء اللامي يكتب: ردا على المقولة المتهافتة «فوز مرشح ترامب» لباباوية الفاتيكان

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار