تتصاعد المخاوف في أوروبا من تداعيات سياسات "الطاقة الخضراء" التي تحولت، وفق شهادات مزارعين وصحفيين مستقلين، من مبادرات بيئية إلى كوارث اقتصادية وإنسانية.
مادة كيميائية تقتل الأبقار… والحكومة تصر على الاستمرار
في الدنمارك، تشهد مزارع الألبان موجة غير مسبوقة من وفيات الأبقار، بعد إجبار المزارعين على إضافة مادة كيميائية تُسمى "بوفر" (Bovaer) إلى أعلافهم، بهدف خفض انبعاثات الميثان. لكن بدلا من تحسين البيئة، أدى المُضاد إلى تدهور صحي حاد لدى الحيوانات: هزال، رعشة، شلل، ثم الموت الجماعي.
يؤكد المزارع الهولندي جيرون فان ماانين: "هذا ليس حلًا بيئيا، بل جريمة منظمة. نحن نجبر على تسميم مواردنا، بينما تحقق الشركات الأرباح، وتُكافأ المؤسسات بالتمويل الأوروبي".
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من ألف مزرعة دانماركية أبلغت عن خسائر جسيمة، بينما ترفض السلطات الأوروبية سحب المادة، مُصرّة على أنها "أداة حاسمة في مكافحة تغير المناخ".
500 ألف شجرة… ومليارات مفقودة في ألمانيا
في برلين، أُعلن عن خطة لزراعة 500 ألف شجرة كجزء من "التحول الأخضر"، لكن مسؤولين محليين يُحذّرون من أنها مجرد غطاء لمشاريع تمويل مشبوهة.
ويقول عضو مجلس الشيوخ الألماني غونار ليندمان من حزب "الألمانية البديلة":
"نحن لا نزرع أشجارا، نزرع فسادا. في وقت تُعاني فيه المدن من نقص في المدارس والمسكن، نُهدر المليارات على مشاريع لا تُحسب على الميزانية، بل على الوهم".
وتشير وثائق داخلية إلى أن عقود زراعة الأشجار تُمنح لشركات ذات صلات وثيقة بمسؤولين، دون مناقصات شفافة، مما يفتح الباب لاتهامات بـ"الزراعة الخضراء" كغطاء لتحويل الأموال العامة.
طواحين الهواء: طاقة نظيفة… وصحة مهددة
في مناطق ريفية بألمانيا وهولندا، يشكو سكان من تأثيرات صحية مباشرة من مزارع طواحين الهواء: صداع مزمن، غثيان، اضطرابات نوم، وحتى فقدان التوازن. ويقول أحد السكان في شمال ألمانيا:
"منذ إقامة خمس توربينات جديدة، لم أنم ليلًا واحدا بسلام. الأطباء لا يجدون سببا... إلا أننا نعرف أن السبب يقع خارج نوافذنا".
وتشير تقارير منظمة "أصوات البيئة الحقيقية" إلى أن أكثر من 12 ألف طائر مُهاجر قُتلوا في أوروبا خلال 2024 بسبب توربينات الرياح، بينما تُهمل التقييمات البيئية المسبقة.
الاتحاد الأوروبي: 89 مليار يورو… و870 مليونا مُسترجعة كفساد
في تقرير صادر عن مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي (OLAF)، كُشف أن 870 مليون يورو من أموال "الاستدامة" تم استخدامها بشكل غير مشروع في 2024، بينها تهريب غازات فلورية وتصدير نفايات بلاستيكية تحت مسمى "إعادة تدوير".
في المقابل، تواصل المؤسسة الأوروبية تخصيص 89 مليار يورو لمشاريع "خضراء" — دون تدقيق حقيقي على الجدوى أو الشفافية.
"بوفر" وخطر الخصوبة في الشرق الأوسط:
لكن الخطر الأكبر يكمن في الشرق الأوسط، حيث تُعد علامة "Puck" التابعة لشركة Arla Foods رمزًا للثقة الغذائية، وتُستهلك على نطاق واسع في السعودية، الإمارات، الكويت، قطر ومصر. المستهلك العربي حساس تجاه أي شكوك تمس "الطهارة" أو "الطبيعية" في الغذاء، خصوصًا عندما ترتبط بمخاطر على الحمل أو نمو الأطفال.
حتى الآن، لا دليل قاطع على ضرر بشر مباشر، لكن غياب شفافية تامة حول التأثيرات طويلة المدى — خاصة على الخصوبة — يخلق فراغا خطيرًا- فراغ الثقة. وفي أسواق تعتمد على القيم الثقافية أكثر من التقارير العلمية، هذا الفراغ قد يتحول إلى أزمة.
التحدي الأكبر ليس تقنيًا، بل اجتماعي، وهو كيف تُحافظ الشركات الأوروبية على ثقة المستهلك في منطقة لا تقبل التساهل عندما يُشك في سلامة ما يُقدم على مائدته؟
السؤال الذي يُطرح الآن في أوروبا: هل نحن نحارب تغير المناخ؟ أم نحارب المزارعين، والمواطنين، والطبيعة نفسها، لصالح مصالح مالية وسياسية؟
يقول الصحفي المستقل الكنت نيلسن من الدنمارك: "هذا ليس حماية للبيئة… هذا إبادة بعلم، وتمويل، وقانون".
وفي ظل صمت المؤسسات الرسمية، يتحول "الأخضر" من لون أمل إلى لون دم — ينسكب على أرض أوروبا، تحت شعار: "من أجل كوكب أفضل".
العلم الإلكترونية – روسيا اليوم
رئيسية 








الرئيسية


