أن تكون أكاديميا يعني أن تكون حاضرا في وجدان الطلبة سماحة و في عقولهم فكرا وفي المجتمع سلوكا..

بالرغم مما شكلت واقعة اعتقال أستاذ جامعي لتورطه في بيع شواهد الماستر، من صدمة مجتمعية ليس فقط للرأي العام وإنما في صفوف الجسم الجامعي بكل مكوناته، وهي تنضاف لواقعة النقط مقابل "الجنس"، تظل الوقائع الفريدة معزولة عن نماذج نضالات عدد من الأساتذة، الذين تتجاوز أدوارهم المحددة في التدريس والتأطير والإنتاج العلمي إلى مواكبة متواصلة للطلبة وأحيانا الانخراط في الترافع عن تحسين وضعياتهم الاجتماعية، ليست القوانين والمساطر وحدها ما يسهر الأساتذة على الانضباط لها، هنالك قوانين إنسانية أسمى؛ تحتم الانصياع لها لما تفرضه الطبيعة البشرية للإنسان.
ولأن الانتماء لدائرة مهنة الأستاذ الجامعي ليست مجرد لقب وظيفي أو صفة داخل مكتب ببناية جامعية، فأن تكون كذلك يفرض ثقل المًهمة حملك لهم؛ كيف تسهم بخلق مرونة الجسور بين قلق السؤال وصلابة الواقع، وكيف تشعل ضوءً في غياهب قلوب جيوش من الشباب الذين انهارت عليهم أسقف الثقة في المؤسسات، وهوت بهم آبار الإحباط واليأس في المستقبل طولا وأرضا!
ولأن الانتماء لدائرة مهنة الأستاذ الجامعي ليست مجرد لقب وظيفي أو صفة داخل مكتب ببناية جامعية، فأن تكون كذلك يفرض ثقل المًهمة حملك لهم؛ كيف تسهم بخلق مرونة الجسور بين قلق السؤال وصلابة الواقع، وكيف تشعل ضوءً في غياهب قلوب جيوش من الشباب الذين انهارت عليهم أسقف الثقة في المؤسسات، وهوت بهم آبار الإحباط واليأس في المستقبل طولا وأرضا!
أن تكون جامعيا معناه؛ أن تحمل في عقلك هم السؤال و في قلبك مسؤولية الجواب الخالية من الدهون دون مواربة. لأنك في نهاية المطاف يفترض فيك أن تكون من حراس بناء الوعي و النقد وليس من حراس المعابد، على مختلف أصنافها ! ولأنك مهما تثاقلت سوداوية الأحداث ، عليك أن تنجو لتبقي على مهمة آخرى كراعي أمل!
ففي نهاية المطاف يظل الجامعي أستاذا أو باحثا ضمير علمي ، يحرص على التجسير بين الفكرة والفعل وبين الجامعة والمجتمع.
وهو الأمر الذي تقوده أسراب من الأساتذة في مختلف الجامعات المغربية بصمت، لكننا لا نتحدث عنها ، لأننا تطبعنا مع " الخبر الفضيحة"، وانسلت من ثقافتنا محاولات التبئير عن مساحات الضوء، تلك الخيوط التي يمكنها أن تساعدنا على صناعة مجتمعية للأمل، تسهم فعلا في بناء الثقة بين المواطنين والمواطنات في علاقتهم بالمؤسسات.
إننا عوض أن نقيس الوقائع بمقاييسها الملائمة لترتيب التبعات، نتفنن في تعميق لون السواد بأعين أجيالنا ، فإلى أين نسير؟
سواء بوعي منا أو بدون أين نسير بشباب هذا الوطن؟
هل يساعد هذا الإجهاز على الأستاذ(ة) والجامعة من حل الإشكال ؟ أم أننا نسير نحو الإجهاز على ما تبقى من فتات الآمال لدى هؤلاء الأجيال؟
إن حاجة الجامعة اليوم لتقوم بوظائفها، حمايتها من هاته الوقائع كي لا تتحول إلى ظواهر، وهي مسؤولية تقتضي إعفاءها من الأثر القطاعي والحرص على احتضانها المجتمعي بدءً من إعلام صديق لها غير مناويء، يحرص بأخلاقياته على تسويق منتوجها ومنجزها الدائم والمتواصل، حاجة الجامعة أيضا إلى هبوط بعض المحسوبين عليها من الأبراج العاتية للتنظير، فأن تكون أكاديميا يعني أن تكون حاضرا في وجدان الطلبة سماحة وفي عقولهم فكرا، وفي المجتمع سلوكا..
فوظيفة الأكاديمي الإسهام في التنوير وليس صرافا بنكيا أو سمسار بهائم، ومقياسه في ذلك الحد الأدنى من القيم وليس امتهان الوقوف عند السلالم !