العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
في خطوة تؤكد متانة الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، أعطيت أول أمس الإثنين بأكادير، الانطلاقة الرسمية للدورة الـ21 من تمرين «الأسد الإفريقي»، أكبر مناورة عسكرية متعددة الجنسيات في القارة الإفريقية، بمشاركة أكثر من 30 دولة من مختلف القارات، من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية وسبع دول من حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتستمر المناورات إلى غاية 23 ماي الجاري، في مناطق متفرقة من التراب الوطني، من بينها أكادير وطانطان وتزنيت وتيفنيت وبنجرير والقنيطرة.
ووفق بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، فإن تنظيم هذه المناورات يتم، «تنفيذًا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية»، بشراكة مع القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم).
حفل افتتاح المناورات احتضنه مقر قيادة المنطقة الجنوبية بأكادير، بحضور شخصيات عسكرية رفيعة من الدول المشاركة. وترأسه كل من الجنرال محمد بن الوالي، رئيس أركان الحرب للمنطقة الجنوبية، وبرايان سيدمان، نائب قائد فرقة العمل التابعة للجيش الأمريكي لجنوب أوروبا وإفريقيا.
ويشمل التمرين سلسلة من الأنشطة العسكرية المتقدمة، من بينها تدريبات عملياتية، وتمارين للتخطيط، إضافة إلى تمرين للتطهير النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيميائي، إلى جانب مناورات برية وجوية وبحرية لتعزيز قدرات التدخل في بيئة متعددة الجنسيات.
كما ستُقام على هامش التمرين أنشطة إنسانية واجتماعية، ضمنها حملات طبية لفائدة سكان المناطق المستضيفة، تأكيدًا على البُعد التضامني والإنساني للمناورات.
وفي تصريح خصّ به جريدة «العلم»، أكد عبد الحق الصنايبي، الخبير في استراتيجيات الأمن القومي، أن «الأسد الإفريقي» يمثل أكبر تمرين عسكري على مستوى القارة، ويعكس عمق التحالف الاستراتيجي بين الرباط وواشنطن، كما يعزز تشبيك العلاقات العسكرية بين المغرب ودول حلف الناتو.
وأوضح الصنايبي أن «المملكة المغربية أضحت بمثابة قاعدة متقدمة للولايات المتحدة في شمال إفريقيا، في ظل تصاعد التهديدات العسكرية لإيران، والتحديات الأمنية المرتبطة بالجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل والصحراء».
وشدد المتحدث على أهمية هذه المناورات في الرفع من «الجاهزية القتالية للقوات المسلحة الملكية»، مشيرًا إلى أن «التمارين الميدانية الحقيقية تُكسب الجيش المغربي كفاءات نوعية في تدبير العمليات المعقدة، وتعزز قدراته على مستوى التنسيق والتشغيل البيني مع حلفائه».
وأوضح أن تمرين «الأسد الإفريقي»، يحمل رسائل استراتيجية واضحة، مفادها أن المغرب، بفضل تحالفاته المتعددة وخبرته العسكرية المتنامية، يُرسخ موقعه كفاعل أساسي في ضمان الاستقرار الإقليمي، وقوة قادرة على الدفاع عن سيادته في منطقة جيو-استراتيجية تتسم بتعقيدات أمنية متزايدة.
وتُسجَّل النسخة الحالية من المناورات بمشاركة قياسية لأزيد من 50 دولة، بين مشاركة مباشرة أو بصفة مراقب، وهو ما يعكس الثقة الدولية في موقع المغرب الجيو-عسكري، ويؤكد جدية التزامه بالمساهمة في استتباب الأمن والسلم في إفريقيا وحوض المتوسط.
وتستمر فعاليات «الأسد الإفريقي 2025» لأكثر من أسبوع، في إطار تنسيق محكم بين القوات المسلحة الملكية المغربية و»أفريكوم»، في ما يُعد أحد أضخم التمارين العسكرية المركّبة على الصعيد الدولي، من حيث عدد الدول المشاركة وتنوع التخصصات والتقنيات المستعملة.