وصف الدكتور محمد براو، خبير دولي في الحكامة الجيدة، باحث ومحاضر في القانون والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، التقرير السنوي الجديد للمجلس الأعلى للحسابات بالمتميز، مضيفا في حوار مُرتجل خص به "العلم" أن هذا التقرير جاء بمجموعة من المستجدات الهيكلية في عهد زينب العدوي الرئيسة الجديدة للمجلس من خلال الانفتاح على الرأي العام والعالم الخارجي.
وقال المتحدث ذاته إن المجلس الأعلى للحسابات مطالب، حسب ما جاء في التقرير السنوي، كغيره من المؤسسات الأساسية للحكامة بمرافقة ومواكبة تفعيل توصيات النموذج التنموي وتتبع خطوات تنفيذ الإجراءات المتعلقة بها، باعتباره فاعلا مؤسساتيا كبيرا في تنزيل النموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أن المجلس مؤسسة حكامة ذات صبغة قضائية أو ذات وظيفة قضائية وغير قضائية، ويعمل به قضاة يعينهم الملك بظهير شريف وينطقون بأحكام باسم جلالة الملك والقانون، وبالتالي هناك جانب قضائي من عمل المجلس، ولكن جزءا كبيرا من اختصاصاته غير قضائية، بل تندرج في سياق الرقابة الإدارية التقويمية والاستشارية وتهم جميع المتدخلين في الشأن العام.
وأوضح المحاور، أنه في المغرب هناك مطالب بإخضاع الوزراء للمتابعة أمام المجلس الأعلى للحسابات، وهو حق مشروع، لأنه يقيم توازنا بالنسبة للخاضعين للمتابعة أمام المحاكم المالية، مشددا على أن المشرع المغربي إذا خطا هذه الخطوة فالنظام القانوني للمحاكم المالية بالمملكة سنُباهي به الأمم في هذا المجال.
وفيما يلي نص الحوار المُرتجل مع الدكتور محمد براو، الخبير الدولي في الحكامة الجيدة، والباحث والمحاضر في القانون والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، الذي أجرته معه "العلم" ضمن ملفها الأسبوعي حول ماذا بعد صدور التقرير السنوي الجديد للمجلس الأعلى للحسابات؟
العلم الإلكترونية - حاوره عبد الإلاه شهبون
العلم الإلكترونية - حاوره عبد الإلاه شهبون
س: ما الجديد في التقرير السنوي الجديد للمجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2019 و2020
الدكتور محمد براو
ج : أولا أشكر جريدة "العلم" على هذه الاستضافة والفرصة التي منحتها لي لكي أدلي بدلوي كمتخصص في هذا المجال، بمناسبة نشر التقرير السنوي الجديد للمجلس الأعلى للحسابات، الذي صدر قبل أيام قليلة في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 مارس 2022.
بالنسبة للسؤال المتعلق بالجديد الذي حمله التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، فهذا التقرير له خصوصية كبيرة تتسم بمجموعة من المستجدات المرتبطة أولا بالسياقات التي جاء فيها هذا التقرير، ثم بعض المستجدات الهيكلية لصياغة التقرير السنوي الجديد، إذ أن السياق الأول هو التغييرات الجوهرية التي عرفها المجلس الأعلى للحسابات منذ تعيين جلالة الملك الرئيس الأول الجديد للمجلس، وهي بالمناسبة السيدة زينب العدوي القاضية بنفس المجلس، التي جاءت بتصور جديد ملفت لجميع المختصين والمهتمين وهو البحث عن إخراج المجلس الأعلى للحسابات من الصورة التي كان معروفا بها من قبيل التحفظ وعدم الانفتاح بالشكل المطلوب على الرأي العام وعلى المختصين، لكن الرئيسة الجديدة للمجلس جاءت باستراتيجية الانفتاح على العالم الخارجي، وهذا شئ مهم جدا، والذي لاحظناه من خلال العديد من الحملات التواصلية التي قام بها المجلس، سواء بمناسبة الإعلان عن التقرير حول مراقبة حسابات الأحزاب السياسية، أو فيما يتعلق بالحملة من أجل توضيح اختصاصات المجلس المرتبطة أساسا بالتصريح بالممتلكات، وأيضا فيما يخص التعريف بالاستراتيجية الجديدة 2022- 2026 .
أما بالنسبة لمستجدات السياق العام للتقرير السنوي الذي يهم سنتين " 2019و2020"، وكما يعلم الجميع فإن 2020 كانت بامتياز سنة جائحة كورونا، وعام التحولات الكبرى والتغييرات والانقلابات التي وقعت على المستوى الاقتصادي والصحي والأمني والبيئي، والمغرب بطبيعة الحال كان قد مس بهذه الأحداث، الأمر الذي أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة بسبب التدابير الاحترازية والأمنية التي اتخذتها بلادنا، ولكن خلال سنة 2021 هناك أمل في ارتفاع النمو الاقتصادي، حيث هناك توقعات حاليا على أمل أن يصل إلى 6 بالمائة، ولكن نتاج التقرير السنوي صادف سنة بداية كوفيد أي ( 2019-2020) وكان التقرير يهم سنتين مع العلم أن الأخير يهم سنة واحدة، وهذا ربما يحيل على التراخي والبطء الذي عرفته مساطر المراقبة وإنتاج التقارير التفصيلية التي تؤدي إلى تجميعها وتركيبها في التقرير السنوي.
وفيما يخص المستجد الأهم في هيكلة التقرير السنوي الجديد بالإضافة إلى السياقات تقديم التقرير العام حول النموذج التنموي وهذه التعبئة الوطنية لجميع القطاعات والفاعلين من أجل مواكبة ما جاء من توصيات النموذج التنموي، وبالتالي فالمجلس الأعلى للحسابات مطالب، وهذا ما ذكر في التقرير السنوي، كغيره من المؤسسات الأساسية للحكامة ترافق وتواكب تفعيل توصيات النموذج التنموي وتتبع خطوات تنفيذ الإجراءات المتعلقة بها، فالمجلس فاعل مؤسساتي كبير في تنزيل النموذج التنموي الجديد.
ما أثار انتباهي في هذه السياقات بالإضافة إلى المستجدات الهيكلية للتقرير، كمتتبع وكمتخصص وخبير في هذا الميدان، هو أني كتبت كثيرا على التقارير السنوية، لكن التقرير الجديد جاء في شكل مختصر جدا، وهذا يسهل مقروئيته، لأن التقرير عندما يصبح في 1000 أو1500 نسخة ويضم أجزاء فهذا يصعب على القارئ العادي، خصوصا أن مثل هذه التقارير تهم بالأساس المواطن، وليس فقط المتخصصين والفاعلين في تدبير الشأن العمومي، فالمجلس الأعلى للحسابات مؤسسة مواطنة لها علاقة بالمواطنين الذين يريدون التعرف على المجلس ويساهمون في تفعل التوصيات التي يخرج بها، وقد يفيدون هذه المؤسسة باقتراحاتهم، وهذا ما جاء في الاستراتيجية الجديدة للرئيسة زينب العدوي، التي تروم الانفتاح على المغاربة وتقبل اقتراحاتهم من خلال منصة جديدة.
قلنا أيضا إن التقرير السنوي جاء مختصرا، وهذا مهم جدا لأنه تمت إعادة النظر في محاور التقرير، التي أصبحت قطاعية، حيث نلاحظ مثلا اختصاصات قضائية وغير قضائية من قبيل القطاعات الإدارية والمالية والاجتماعية وقطاعات التجهيزات والبنية التحتية، ثم القطاعات المحلية والترابية التي هي الحكامة الترابية، وكل ما يتعلق بتدبير الشؤون المحلية، وهذا يساعد على القراءة والتفاعل مع مضامين التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، ومن مستجداته أيضا توضيح رسالة التقرير والإشارة إلى أهم ما جاء في مضامينه من خلال خلاصة، مما يجعله تقريرا متميزا.
س: كيف يتعامل المجلس مع القضايا التي فيها اختلالات
ج: هذا يبين تفاعل الرأي العام مع مخرجات التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، ثم أيضا ينم عن نوع من الشك المشروع حول المآل الفعلي لمخرجات المجلس، ولكن قبل الكلام عن مآلات التقرير، هذا السؤال الذي يتعلق بكيفية التعاطي مع الاختلالات مهم جدا، لأنه هو المقدمة من أجل المعرفة ونحكم بحكم موضوعي على مآل أعمال المجلس الأعلى للحسابات، إذن كيف يتعامل المجلس مع الاختلالات، فهذا الأخير مؤسسة متميزة في اختصاصاتها، لأنه ليس بجهاز قضائي على شاكلة الأجهزة القضائية العادية، ولا هو بجهاز إداري أو جهاز حكامة إدارية كالمؤسسات الأخرى، فالمجلس مؤسسة حكامة ذات صبغة قضائية أو ذات وظيفة قضائية وغير قضائية، ويعمل به قضاة يعينهم جلالة الملك بظهير شريف وينطقون بأحكام باسم جلالة الملك والقانون، وبالتالي هناك جانب قضائي، ولكن جزءا كبيرا من اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات غير قضائية، إذ أنها تندرج ضمن اختصاصات رقابة إدارية تقويمية واستشارية تهم جميع المتدخلين في الشأن العام، سواء كانت حكومة، أو برلمانيين، أو مواطنين أو فاعلين اقتصاديين، أو قطاعات اقتصادية واجتماعية أو مجتمع مدني، وبالتالي، وكما أسلفت، فإن المجلس الأعلى للحسابات هو مؤسسة مواطنة، وجزء لا يتجزأ مما يسمى بالبنية التحتية الأخلاقية للدولة، أي أنه مكون من مكونات النظام الوطني للنزاهة، وهنا يأتي تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومكافحة الفساد.
وهذه الاختلالات - في هذا الشق المتحدث عنه - لن تكون معالجتها عقابية بقدر ما هي معالجة تدقيقية تشخيصية ثم تقويمية، وهنا يأتي اختصاص صغير للجهاز القضائي للمجلس الأعلى للحسابات في معالجة الاختلالات، فعندما نقول إن المجلس هو جهاز قضائي وتدقيقي، وقاضي المحاكم المالية هو قاضي ومدقق، فهو يُشخص ويُدقق قبل أن يقرر أي دواء سوف يعالج به ذلك الاختلال، فإذا كان يهم التنظيم وحسن التدبير والاقتصاد وتدبير الموارد البشرية والتخطيط والحكامة فهذه الاختلالات معالجتها هي توصيات وإرشادات من أجل إعادة النظر في التنظيم، في التخطيط، في الهيكلة من أجل وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وبالتالي هناك توصيات إدارية وتنظيمية وتخطيطية تهم الحكامة بشكل عام، وهذا يسمى بمراقبة التسيير ومراقبة استخدام الأموال العمومية وتقييم المشاريع والبرامج العمومية، هذه الكتلة من الاختصاصات هي التي تعالج الاختلالات التي لها علاقة بالتنظيم والتدبير وحسن الأداء وهذا ما يهم المواطن، لأن الأخير يريد أي متورط في انحراف أو انزلاق يعاقب، ولكن يهمه أيضا من المؤسسة العمومية أو القطاع العمومي أو الإدارة العمومية الممولة من الضرائب التي يؤديها المغاربة أن تقدم خدمة عمومية يستفيد منها الجميع، فالمواطن تهمه الخدمة العمومية أكثر من التوجه للشخص الذي قام بذلك الفعل.
في هذا الصدد فإن الحكومة والجهات المعنية بتوصيات التقارير السنوية للمجلس الأعلى للحسابات مطالبة بالتفاعل الأمثل مع ما جاء فيها، ترسيخا لمبادئ الحكامة والشفافية والنزاهة، وذلك في سياق إقران المسؤولية بالمحاسبة.
إن المهم في هذه العملية هو تطوير الخدمة العمومية، من خلال توفر آليات التدبير والمراقبة الداخلية والشفافية في التنظيم الإداري وفي المؤسسة العمومية التي تسمح استباق وقوع ذاك الاختلال أو الأخطاء الخطيرة، فتلك الاختلالات يجب أن ينصب عليها عمل المجلس الأعلى للحسابات لتفادي تشكيل البيئة التي تعشش فيها الانزلاقات والاعتداء على المال العام.
إذن الاختلالات تعالجها تقارير مراقبة التسيير والتي تنتهي بتوصيات من أجل معالجتها، وهذا يتوجب تتبع مدى تنفيذ تلك التوصيات، لأننا لا نبحث عن الأشخاص ولكن نبحث عن التغيير الهيكلي المتمثل في: هل قام المسؤول بالسهر على تنفيذ تلك التوصيات من أجل إعادة النظر في التنظيم والتخطيط وحسن الأداء، كل هذا تعالجه تقارير مراقبة التسيير ثم تتابعه وتضمن فعاليته وتفعيله آليات تتبع لمعرفة مدى تنفيذ تلك التوصيات.
وهذه الرؤية كذلك جاءت ضمن مستجدات العهد الجديد في المجلس الأعلى للحسابات، حيث ستقام عملية تتبع منهجي مستمر بين المجلس والإدارات والأجهزة العمومية التي تلقت تلك التوصيات.
وعليه فالآن يتضح أن التوصيات هي جواب عن الاختلالات، لكن إذا لاحظ المجلس أن هناك أخطر من الاختلالات، ووقف على اختلاسات وجرائم فهو ينتقل من التقرير الذي سوف ينشر على العموم حول الاختلالات، لأن التقرير يجب أن يقتصر على سبل معالجتها، أما الأخطاء الخطيرة فلها مسطرة خاصة، لأنها تتوجه إلى الأشخاص ويجب أن تعطى لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم، وبالتالي ننتقل من الاختصاصات غير القضائية «مراقبة التسيير» إلى الاختصاصات القضائية، حيث يتابع هؤلاء الأشخاص في مجال إما التأديب المالي إذا كانت تلك المخالفات تتعلق بمخالفة قوانين التدبير المالي أو أدت إلى تبديد المال العام، تبديدا غير إجرامي يطلب من المعني بالأمر إرجاع الأموال العامة إلى المجلس الأعلى للحسابات ويعاقب تأديبيا، أما إذا كانت اختلاسات إجرامية فيحال ملفه على رئاسة النيابة العامة، والتي تحيله بدورها على المحكمة المختصة من أجل متابعة المعنيين بالأمر جنائيا.
س: كيف تفسر استفادة المتورطين في اختلاس وتبديد المال العام من تعقيد وطول الإجراءات و المساطر القانونية؟
ج: أعتقد أن تعقيد وطول المساطر القانونية غير مطروح، على القضاء المالي فحسب، بل يتعداه إلى القضاء العادي والعدلي، ولكن بالنسبة للاختصاصات القضائية للمجلس الأعلى للحسابات والمتمثلة في التأديب المالي والبت في حسابات المحاسبين العموميين، فعلا جاءت في التقرير السنوي الجديد للمجلس إشارة وإقرار من طرف محرري التقرير إلى تعقد المساطر وطولها وبطئها، والذين دعوا إلى إعادة النظر في النظام القانوني والمسطري الذي يجعل من هذه المسطرة طويلة ومعقدة، يؤدي إلى تقليص مدتها.
س: ألا ترى معي أن هناك انتقائية في إنجاز تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟
ج: المجلس الأعلى للحسابات لا يمكن أن يقاد ويملى عليه كيفية اختيار الموضوعات أو الملفات أو القضايا التي سوف يراقبها، يجب أن يبقى المجلس مستقلا، ولا يخضع لتأثير من يحاول أن يؤثر عليه في اختيار القضايا والملفات، لأن خصوصية المجلس الأعلى للحسابات أنه جهاز مستقل بالدستور، ما دام أن عمله يمس الحكومة والبرلمان والحقل السياسي سواء أراد المجلس أو لم يرد ذلك، فأعماله تؤثر إلى هذا الحد أو ذلك، بهذه الطريقة أو بأخرى على صورة الأداء الحكومي، وعلى سمعة الفريق الذي يقود تدبير الشأن العام في لحظة معينة، وهنا المجلس الأعلى للحسابات يلعب دور مساعدة المراقبة الديمقراطية للحكامة.
من الضروري أن يكون عمل المجلس الأعلى للحسابات فيه انتقائية، لأنه لا يمكن أن يقوم بمراقبة شاملة وتهم جميع القطاعات والموضوعات والمؤسسات في سنة واحدة، لأن هذا أمر مستحيل، ولا يحكمه المنطق، بل إن الموارد التي يتوفر عليها المجلس لا تسمح له أيضا بذلك... ولكن هل للمواطنين حق الاطلاع على المعايير، أقول نعم، وبالتالي فعلى المجلس أن يجتهد في إبراز معايير انتقاء برامجه وتوصيل المعرفة حول كيفية اختيار القضايا والملفات التي يراقبها، بطبيعة الحال يلجأ المجلس الأعلى للحسابات إلى المراجع الدولية والممارسات الفضلى في هذا الميدان، هل هناك معيار جغرافي، أم معيار حجم المخاطر التي تهم قطاعا معينا، أم معيار شكايات المواطنين... فالعملية تقوم على تجميع المعلومات والمعطيات والشكايات ودراستها، ثم اختيار الملفات والقضايا بناء على معايير موضوعية، بالنظر إلى القدرات والموارد التي يتوفر عليها المجلس في هذا المجال.
س: من هم الأشخاص الخاضعين للمتابعة أمام المجلس الأعلى للحسابات؟
ج: إن الأشخاص الخاضعين لمتابعة المجلس نطاقهم واسع في التشريع والممارسة المغربية، حتى أنه يتفوق على فرنسا في هذا المجال، حيث في هذه الأخيرة مثلا الآمرون بالصرف في الجماعات الترابية لا يخضعون للمتابعة أمام المحاكم المالية الفرنسية.
وإخضاع المغرب للولاة والعمال للمتابعة، رمزيا ونظريا موجودة في القانون، وبالتالي فسيف المتابعة مسلط على رقابهم في أي لحظة أثناء تدبيرهم للشؤون المالية والإدارية، ولكن هناك مطالب من طرف المجتمع المدني والجمعيات المهتمة بحماية المال العام برفع الحصانة على الوزراء خلال متابعتهم أمام المجلس الأعلى للحسابات، بل حتى الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها طالبت بذلك، فتقاريرها الأولى التي صدرت منذ 2011 في عهد بودرار طالبت بإخضاع الوزراء للمتابعة في ميدان التأديب المالي أمام المجلس على المخالفات التي ارتكبوها، وأيضا هناك في بعض التشريعات الدولية كالتشريع البرتغالي حيث الوزراء يخضعون للمتابعة، لأن فرنسا متخلفة في هذا المجال.
وفي المغرب هناك مطالب بإخضاع الوزراء للمتابعة أمام المجلس الأعلى للحسابات، وأنا أعتبرها مشروعة ومن شأنها أن تُقيم توازنا بالنسبة للخاضعين للمتابعة أمام المحاكم المالية من ولاة وعمال ووزراء، فيما يتعلق بطبيعة تدبيرهم للشؤون الإدارية والمالية، وإذا خطا المشرع المغربي هذه الخطوة فالنظام القانوني للمحاكم المالية بالمغرب سنُباهي به الأمم في هذا المجال.