
العلم الإلكترونية - الرباط
يعكس البيان الصادر عن الدورة الحادية و الخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، الموقف الثابت للعالم الإسلامي الذي يتشكل من 57 دولة ، حيال القضية الفلسطينية ، انطلاقاً من التأكيد على مركزية هذه القضية بالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي ، وتجديد الدعم القوي الثابت لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومتصلة ، على حدود عام 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية ، وفي إطار حل الدولتين الذي هو الحل الوحيد القابل للحياة ، في سبيل التوصل إلى السلم والاستقرار في المنطقة بالنسبة للجميع .
وجاء بيان اسطنبول هذا تأكيداً للبيانات الصادرة عن العواصم العربية الأربع ، الرياض والمنامة والقاهرة و بغداد، التي عقدت خلال الفترات السابقة ، وبحثت السبل لمعالجة الأزمة الفلسطينية ، و إيجاد الوسائل الكفيلة بفتح مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المدى القريب.
وفي هذا الاتجاه الذي رسمت معالمه من قبل ، سار بيان اسطنبول ، فأكد على أهمية انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة رفيع المستوى بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين وقرارات الأمم المتحدة ، في أسرع وقت . وهو المؤتمر المزمع انعقاده في مقر الأمم المتحدة ، بالرئاسة المشتركة بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية الفرنسية .
و انسجاماً مع الخط السياسي الذي تعتمده منظمة التعاون الإسلامي ، ندد بيان اسطنبول بحرب الإبادة الجماعية الاسرائيلية المستمرة على قطاع غزة الفلسطيني منذ أكثر من 19 شهراً ، وبحملات التدمير والقتل الممنهج في الضفة الغربية المحتلة ، بما في ذلك القدس ، وهي الحملات العدوانية التي تسعى لتصفية القضية الفلسطينية ، بما فيها حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير . مع التأكيد على أهمية الوصول إلى وقف إطلاق النار دائم ، وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 ، بما يساهم في وقف العدوان وتطبيق الخطة العربية الإسلامية للتعافي و إعادة الإعمار لقطاع غزة . كل ذلك موازاة مع ضمان تقديم الدعم السياسي و المالي للحكومة الفلسطينية لتمكينها من تولي مسؤولياتها في قطاع غزة كما في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية .
ومسايرة للمتغيرات الطارئة ، و إعمال لمبدإ التضامن الإسلامي الذي هو القاعدة الراسخة التي قامت عليها منظمة التعاون الإسلامي ، ندد بيان اسطنبول بسياسات زعزعة الاستقرار التي تنهجها إسرائيل في المنطقة ، وبهجماتها الأخيرة على إيران و سوريا و لبنان ، والتي تشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة هذه الدول و أمنها وللقانون الدولي . و خص بيان اسطنبول البند الثاني عشر ، للتنديد مجدداً وبشدة ، بعدوان إسرائيل على إيران ، مشدداً على الضرورة الملحة لوقف الهجمات الإسرائيلية ، ومعرباً عن القلق البالغ إزاء هذا التصعيد الخطير ، الذي يهدد الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والبيئية في المنطقة .
وفي البند الخاص بمدينة القدس ، الذي توسع في استعراض المساعي الإسرائيلية الرامية لتغيير المعالم الحضارية للمدينة المقدسة نوه بيان اسطنبول بما تقوم به لجنة القدس برئاسة جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله و أيده، من جهود متواصلة لحماية الهوية الإسلامية للقدس الشريف ، عبر الذراع التنفيذي للجنة القدس ، وكالة بيت مال القدس الشريف .
و فات بيان اسطنبول أن يحث الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، على الإيفاء بالتزاماتها تجاه وكالة بيت مال القدس الشريف ، و الإشادة بالمملكة المغربية التي تنفق من ميزانيتها على تنفيذ برامج الوكالة و أنشطتها التي لا تشمل تقديم الدعم الغذائي و الإنساني للمقدسيين فحسب ، بل يمتد هذا الدعم إلى قطاع غزة المنكوب والمحاصر و الجائع والغارق في البؤس والحرمان من ضرورات الحياة .
هذا الحضور المكثف للقضية الفلسطينية في بيان اسطنبول ، يعكس التزام الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، بصون الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وفي المقدمة منها الحق في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة ومتصلة على حدود عام 1967 ، عاصمتها القدس الشرقية .
والحق أن البيان الصادر عن الدورة الواحدة والخمسين لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ، تميز بالواقعية السياسية ، و طبع بالحكمة و التبصر و بحسن التقدير للمناخ الإقليمي والدولي الذي انعقد الاجتماع الوزاري في إطاره .فهو بهذا الاعتبار تأكيد لبيانات العواصم العربية الأربع بشأن القضية الفلسطينية المركزية بالنسبة لمنظمة التعاون الإسلامي .