العلم: نهيلة البرهومي
في خضم موجة الحرارة التي تشهدها بلادنا حاليا، وتبعات توالي سنوات الجفاف التي أثرت بشكل خاص على المناطق الداخلية والجنوب الشرقي، عاد شبح التدهور المثير للقلق في احتياطيات المياه ليطل على المملكة بوجهه القبيح.
في خضم موجة الحرارة التي تشهدها بلادنا حاليا، وتبعات توالي سنوات الجفاف التي أثرت بشكل خاص على المناطق الداخلية والجنوب الشرقي، عاد شبح التدهور المثير للقلق في احتياطيات المياه ليطل على المملكة بوجهه القبيح.
وفقا للبيانات الرسمية الصادرة يوم الاثنين الأخير، فقد انخفض معدل الملء الإجمالي للسدود في جميع أنحاء البلاد إلى 35.3 بالمائة، وهو ما يمثل 5.920 مليار متر مكعب من المياه المخزنة من السعة العادية البالغة 16.76 مليار متر مكعب.
ورغم أن هذه النسبة تبقى أفضل من تلك المسجلة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، أي 28,63 في المائة، غير أنه ينبغي التأكيد على أن الأمطار المفيدة التي هطلت في الشتاء والربيع الماضيين لم تخفف من العجز إلا جزئيا، حيث يرى عدد من المختصين أن هذا التقدم لا يزال غير كاف للقضاء على خطر الإجهاد المائي المزمن، خاصة وأن الطلب على المياه - المنزلي والفلاحي - لا يزال يتزايد بشكل حاد.
وقال الخبراء، إن معدل ملء السدود الذي اقترب من 50 بالمائة في منتصف أبريل، لا يعني أننا بلغنا «بر الأمان»، فالسيناريو المخيف والأسوأ حسب المتخصصين هو وجود أربعة أحواض مائية أقل من 30 في المائة، وهو الأمر الذي يجعل بلادنا معرضة لخطر ضغط مائي أكبر.
ويكشف تحليل الأرقام حسب الأحواض المائية الوطنية، عن وضع مثير للقلق بشكل خاص في أربع مناطق هيدروليكية، حيث تقل مستويات الملء عن العتبة الحرجة البالغة 30 في المائة، وهي أحواض أم الربيع : 10.72 في المائة، وسوس ماسة: 18.78 في المائة، وملوية: 29.06 في المائة، ودرعة – واد نون: 29.45 في المائة.
وتعتبر هذه المناطق الأكثر عرضة لتبعات نقص المياه، خاصة مياه الري وتزويد المناطق القروية. في المقابل، تحافظ الأحواض الموجودة في شمال البلاد على مستويات امتلاء مطمئنة أكثر. ومن بينها حوض أبي رقراق بنسبة 63 في المائة، واللوكوس بنسبة 53.73 في المائة، وكير زيز غريس بنسبة 50.45 في المائة، وتانسيفت بنسبة 44 في المائة.
ويمكن تفسير هذه النتائج حسب المهتمين، من خلال التكليف بمشاريع النقل بين الأحواض التي تم إطلاقها في الصيف الماضي، والتي مكنت من إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وفي شهر واحد، خسر المغرب أكثر من نقطتين في معدل الإشغال، حيث انتقل من 38.01 في المائة خلال نهاية شهر يونيو الماضي إلى 35.78 في المائة في نهاية شهر يوليوز، ونحو 15 نقطة مقارنة بأبريل. وهو اتجاه يغذي المخاوف من رؤية بعض المناطق القروية أو شبه الحضرية تواجه نقصًا في الصيف، خاصة في المناطق غير الساحلية أو تلك البعيدة عن الطرق الرئيسية.
ومن الحلول المتقدمة من أجل التصدي للإجهاد المائي تقنية تحلية مياه البحر، والتي قطع فيها المغرب أشواطا مهمة حتى الآن. حيث يؤكد عيماد بوعزيز، المهندس في القطاع العمومي والخبير في مجال الماء، أن مشاريع تحلية مياه البحر خطة استراتيجية مكملة وليست بديلة، داعبا إلى الإكثار منها مع مواصلة حملات التوعية والتحسيس.
وقال بوعزيز في تصريح لـ»العلم»، إن الضرورة اليوم تستدعي اعتماد هذه المحطات في المدن الساحلية (من السعيدية إلى الكويرة)، نظرا لأن عملية توزيع واستهلاك الماء في المغرب، تتوزع على الشكل الآتي: أكثر من 80 في المائة للفلاحة، و10 في المائة للشرب، وما تبقى للصناعة، معتبرا في الوقت عينه أن توفير الأمن المائي للفلاحة هو ضمان رزق شريحة مهمة تناهز 40 في المائة من سكان المغرب.
وأبرز المهندس في القطاع العمومي والخبير في مجال الماء، أن استراتيجية التحلية مهمة على الأقل لضمان الماء الشروب، والاستفادة من الموارد المائية إما الجوفية أو السطحية من بعد التساقطات الأخيرة التي عرفتها المملكة والتي أنعشت السدود، خاصة في شمال البلاد.
وطالب المصدر ذاته، بضرورة الإكثار من هذه المحطات لضمان الأمن المائي للشرب، تنفيذا للرؤية الملكية السامية لسنة 2030، والتي تروم الوصول إلى1.7 مليار متر مكعب معالج في السنة، داعيا إلى مراعاة مجموعة من الشروط قبل إحداث محطات تحلية المياه، ومنها الشروط التقنية (أي طريقة تقنية تلائم وضعية المغرب من الناحية الجغرافية والمناخية ونسبة الاحتياجات)، والاقتصادية والبيئية.
كما دعا المتحدث، إلى ضرورة إيجاد حلول موازية لإحداث محطات تحلية المياه، على غرار معالجة المياه العادمة، واستغلالها في سقي المناطق الخضراء كما هو الحال بالنسبة لبعض المدن.