صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء ممثلة جلالة الملك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يترأسان بنيس قمة "إفريقيا من أجل المحيط"

المغرب ملتزم على تحمل نصيبه في هذا الورش الجماعي سنده في ذلك سواحله الممتدة على طول 3500 كيلومتر
*العلم الإلكترونية*
ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، ممثلة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى جانب رئيس الجمهورية الفرنسية، فخامة السيد إيمانويل ماكرون، يومه الإثنين 09 يونيو، بقصر ملوك سردينيا في نيس، أشغال قمة "إفريقيا من أجل المحيط".
وفي افتتاح هذه القمة، التي عرفت مشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات، والأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيريش، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى عن منظمات دولية، تلت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في هذا الحدث.
وبالمناسبة، أكد جلالة الملك في رسالة موجهة، إلى المشاركين في القمة أن الاقتصاد الأزرق لم يعد ترفا بيئيا، بل بات ضرورة استراتيجية.
وأبرز صاحب الجلالة في هذه الرسالة، أن "الاستزراع المائي المستدام، والطاقات المتجددة البحرية، والصناعات المينائية، والتقانات الحيوية البحرية، والسياحة الساحلية المسؤولة...، كلها قطاعات تعد بغد أفضل، شريطة العمل على هيكلتها، وربطها ببعضها البعض، والنظر إليها باعتبارها سلسة قيمة، وتعزيزها بالاستثمارات اللازمة والمعايير الملائمة"، مشيرا جلالته إلى أن هذا الأمر هو جوهر الاستراتيجية الوطنية التي أرادها المغرب ويعمل على تنزيلها، باعتبارها محركا للنمو والإدماج الاجتماعي والتنمية البشرية.
وسلط صاحب الجلالة، في إطار المحور ذاته، الضوء على المشاريع المهيكلة، التي أطلقتها المملكة، والتي كان من نتائجها، على وجه الخصوص، إعادة تشكيل المشهد المينائي الوطني، على غرار الميناء الكبير للحاويات في ميناء طنجة المتوسط، والمينائين المستقبليين الناظور غرب-المتوسط، والداخلة الأطلسي، اللذين سيستندان إلى منظومة لوجستية وصناعية ضخمة. وبخصوص المحور الثاني المتعلق بتعاون جنوب-جنوب معزز، وتكامل إقليمي حول الفضاءات المحيطية، شدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أنه ينبغي تجميع الجهود، معتبرا أن الأمر يتعلق بتحد لا ينحصر نطاقه في المستوى الوطني، بل يشمل أيضا المستوى القاري.
وقال صاحب الجلالة، في هذا الصدد، إن الملكية المشتركة للمحيط الأطلسي وحدها لا تكفي، بل ينبغي التفكير في هذا المحيط بشكل جماعي، وتدبيره وحمايته بشكل مشترك، لافتا جلالته إلى أنه لا بديل عن مقاربة إفريقية منسقة من أجل تحسين سلاسل القيمة البحرية، وتأمين الطرق التجارية، والظفر بحصة أكثر إنصافا من الثروة المحيطية العالمية.
وأضاف جلالة الملك في هذا السياق، أنه من الضروري أن تكون إفريقيا عنصرا فاعلا في حماية التنوع البيولوجي البحري والموارد الجينية والمحميات البحرية، و"عليها أيضا أن تمتلك آليات للأمن البحري بما يتناسب مع احتياجاتها، وتوحد كلمتها بشأن القضايا الدولية ذات الصلة بشؤون المحيطات".
وفي ما يخص المحور الثالث الخاص بنجاعة بحرية من خلال تكامل السياسات المتعلقة بالمحيط الأطلسي، سجل جلالة الملك أن الدينامية الجيوسياسية في إفريقيا، لا ينبغي أن تخضع لجمود الجغرافيا ولا لتجاذبات الماضي، مذكرا جلالته بأن الواجهة الأطلسية لإفريقيا لم تحظ بالاهتمام الكافي، في حين أنها تزخر بإمكانات لا حدود لها، كفيلة بفك العزلة وضمان العبور واحتواء التوقعات المستقبلية.
وقال صاحب الجلالة "ذلكم هو المنظور الذي أطلقنا من خلاله مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، التي تهدف إلى جعل واجهة المحيط الأطلسي فضاء للحوار الاستراتيجي، والأمن الجماعي، والحركية والتكامل الاقتصادي، على أساس حكامة غير مسبوقة ذات طابع جماعي وتعبوي وعملي".
وأضاف جلالة الملك أن الرؤية الملكية لإفريقيا الأطلسية، التي يراد لها أن تسهم في تثمين المحيط الأطلسي، لا تقتصر على الدول المطلة على ساحله فقط، بل تتعداها لتشمل أيضا دول الساحل الشقيقة التي يتعين عليها أن توفر منفذا بحريا مهيكلا وموثوقا به.
وفي إطار المنظور نفسه، القائم على التضامن والرفاه المشترك، أبرز جلالة الملك أنه تم إطلاق مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي أيضا، باعتباره مسارا للربط الطاقي، ورافعة لإحداث فرص جيو-اقتصادية جديدة في غرب إفريقيا.
وبعدما أكد صاحب الجلالة أن البحار والمحيطات الإفريقية، وعلى الرغم من غناها بثرواتها، لا تزال تعاني من الهشاشة والضعف، أشار جلالته إلى أن البيئة تظل ركنا أساسيا في حكامة المحيطات، التي لا ينبغي أن ينظر إليها من هذا الجانب وحده. واعتبر جلالة الملك أن "المحيط يمثل سيادتنا الغذائية، وعماد صمودنا في وجه التغيرات المناخية، وأساس أمننا الطاقي وتماسكنا وانسجامنا الإقليمي، كما يعكس هويتنا، وأنماط استهلاكنا واستغلالنا لموارده، وما سنتركه إرثا للأجيال القادمة".
وقال صاحب الجلالة إن البحر كان وسيظل صلة وصل وأفقا مشتركا، "من واجبنا جميعا أن نحميه ونحسن تدبيره، لنجعله فضاء للسلم والاستقرار والتنمية"، مؤكدا جلالته أن إفريقيا، التي تكمن قوتها في وحدة كلمتها، تقع في صميم هذا المشروع الطموح.
وخلص جلالة الملك في هذه الرسالة إلى أن المغرب ملتزم بكل عزم وإصرار، على تحمل نصيبه في هذا الورش الجماعي، سنده في ذلك سواحله الممتدة على طول 3500 كيلومتر، وحوالي 1.2 مليون كيلومتر مربع من الفضاءات البحرية.
ومن جهته، أشاد رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، بالالتزام "القوي" و"الواضح" لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل تطوير اقتصاد أزرق في إفريقيا.
وحرص السيد ماكرون على شكر المملكة المغربية على تنظيم هذه القمة وإشراك فرنسا في "هذه المبادرة التي تعنى برهانات أساسية بالنسبة للقارة الإفريقية ولنا جميعا"، مؤكدا على الريادة الإفريقية للمغرب تحت قيادة جلالة الملك، "الذي تشكل جهوده المتواصلة في مجال حكامة المحيطات، ومكافحة التلوث البلاستيكي، وتعزيز التعاون الإقليمي، نموذجا يحتذى به على الصعيد القاري".
كما أشاد الرئيس الفرنسي بمضامين الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في القمة، وأكد أن "كلمات جلالة الملك قوية وواضحة بشأن الاستراتيجية الواجب اعتمادها، وهي استراتيجية نتقاسمها معا".
وفي هذا السياق، سلط السيد ماكرون الضوء على "المبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك من أجل ضمان ولوج الدول الإفريقية غير الساحلية إلى المحيط، والتي تعكس هذه الرؤية".
وخلص السيد ماكرون إلى القول: "ليس من باب الصدفة أن تنعقد هذه القمة تحت رعاية مشتركة بين المغرب وفرنسا، وهما بلدان يشتركان في ضفة واحدة، وفي حوار متجذر في التاريخ، وفي إرادة مشتركة لرسم مسار موحد نحو عالم أكثر رسوخا في المبادئ الأساسية".
بدوره أشاد وزير البيئة الإيفواري، جاك أساهوري كونان، في نيس، بجميع المبادرات التي أطلقها المغرب، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل الحفاظ على المحيطات وتعزيز التنمية المستدامة في إفريقيا.
وقال المسؤول الإيفواري، في تصريح إعلامي،على هامش القمة إن "هذه التعبئة الإفريقية، تحت قيادة جلالة الملك، تكتسي أهمية تاريخية في سياق عالمي تطبعه حالة الطوارئ المناخية".
وفي هذا السياق، سلط السيد أساهوري كونان الضوء على الدور الريادي للمغرب في النهوض باقتصاد أزرق شامل وقادر على الصمود، مشيرا إلى أنها "المرة الأولى التي تعبئ فيها القارة الإفريقية جهودها بشكل منسق لإسماع صوتها الأزرق بشأن القضايا البحرية والمحيطية".
وأردف قائلا: "نستقبل هذه المبادرة بفخر كبير وامتنان بالغ، لأنها جاءت استجابة لحاجة ملحة إلى التنسيق والتضامن والعمل المشترك في مواجهة تحديات بيئية تتجاوز الحدود الوطنية".
وأبرز رئيس وزراء جمهورية موريشيوس، نافينشاندرا رامغولام، دور المغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في توحيد صوت إفريقيا حول حكامة المحيطات ومواردها.
وقال في تصريح مماثل، على هامش القمة "أود أن أحيي صاحب الجلالة الملك محمد السادس على هذه المبادرة المهمة للغاية، التي جمعت القادة الأفارقة من أجل التحدث بصوت واحد بشأن الحفاظ على محيطاتنا ومواردنا البحرية".
كما حرص على الإشادة بالمبادرات العديدة التي أطلقتها المملكة، بقيادة جلالة الملك، والتي "تضطلع بدور محوري في توحيد صوت الأفارقة".
وأكد رئيس حكومة موريشيوس، في هذا الصدد، على أهمية أن تتحدث إفريقيا "بصوت واحد" وبـ "استراتيجية جيوسياسية منسقة".
و أعرب نائب رئيس جمهورية ليبيريا، جيريميا كونغ، عن "الامتنان العميق" من قبل بلاده لالتزام صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل حماية المحيطات.
وقال السيد كونغ، في تصريحه إن رسالة جلالة الملك بمناسبة قمة "إفريقيا من أجل المحيط" تتضمن "كلمات ملهمة" و"نحن ممتنون للغاية لهذا الالتزام من طرف جلالة الملك من أجل حماية محيطاتنا".
من جهة أخرى، أشاد السيد كونغ "بالشراكة طويلة الأمد" التي تربط ليبيريا بالمملكة المغربية التي "تعمل منذ فترة طويلة إلى جانبنا من أجل التنمية المتبادلة لبلدينا".
وأشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون بجمهورية غينيا الاستوائية، السيد سيميون أويو نو أنغي، بـ"الدور الحاسم" للمغرب، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس في حماية المحيط الإفريقي.
وأعرب السيد أنغي،عن خالص شكره لجلالة الملك على تنظيم هذه القمة ذات "الأهمية البالغة". وقال"نحن مدركون أن المحيط يشكل رصيدا ثمينا لجميع البلدان، وأن الحفاظ عليه أمر أساسي"، مؤكدا أن "القمة التي بادر إليها جلالة الملك هنا في نيس تكتسي أهمية قصوى، حيث يضطلع المغرب بدور حاسم في حماية محيطات القارة الإفريقية".
وفي معرض تطرقه إلى المبادرات المتعددة التي أطلقها المغرب لفائدة إفريقيا، تحت قيادة جلالة الملك، أكد رئيس الدبلوماسية الغينية الاستوائية أن المملكة "تجسد نموذجا حقيقيا للتعاون جنوب-جنوب".
وفي هذا الصدد، أشاد السيد أنغي بانعقاد هذه القمة، معربا عن امتنان بلاده للمغرب ولجلالة الملك على هذه المبادرة لصالح القارة الإفريقية، "التي تقدم مثالا ملموسا للتعاون جنوب-جنوب".
ويجمع مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، المنعقد من 9 إلى 13 يونيو بمدينة نيس، نخبة من الفاعلين العالميين في محاولة لتسريع تنفيذ الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة، المتعلق بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية على نحو مستدام، في وقت تفرض فيه حالة الطوارئ البيئية استجابات منسقة وطموحة.
ويندرج هذا المؤتمر، الذي يضم رؤساء دول وخبراء ومؤسسات مالية ومنظمات غير حكومية وفاعلين في القطاع البحري، ضمن أجندة الأمم المتحدة 2030، ويهدف إلى بلورة حلول للتهديدات التي تواجه المحيطات. وتتمحور المناقشات حول مكافحة التلوث البلاستيكي، والصيد الجائر، وتحمض المحيطات، وتأثيرات تغير المناخ.
ويكرس هذا المؤتمر مكانته كمنصة استراتيجية لتعزيز الحكامة العالمية للمحيطات، وتقوية التعاون الدولي، وتسريع تبني حلول ملموسة لمواجهة الأزمات المناخية والبيئية والاقتصادية، فضلا عن دعم الالتزامات العملية لحماية التنوع البيولوجي البحري.
وتشكل القمة فرصة لتبادل الرؤى بشأن آفاق التنمية في القارة الإفريقية عبر تثمين الموارد البحرية، في ظل حكامة مسؤولة للمجالات البحرية.
كما تتناول القمة، من بين محاورها الأساسية، سبل تعبئة التمويلات لإرساء بنية تحتية حديثة وقادرة على الصمود، وحكامة المحيط، وتدبير الثروات السمكية، فضلا عن تعزيز الربط بين الدول الساحلية وتلك غير الساحلية.
ومن المنتظر أن تفضي هذه القمة إلى بلورة شراكات استراتيجية في مجال المحيطات، من خلال حلول تتلاءم مع التحديات الإقليمية.