Quantcast
2022 يناير 29 - تم تعديله في [التاريخ]

الأمطار المحدد الأساسي لنمو الاقتصاد المغربي والبطالة رأس المشاكل

هذا ما حاولت ندوة " إنعاش الاقتصاد بعد الإغلاق" التي احتضنها مقر غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدارالبيضاء مقاربته منتصف هذا الأسبوع وشد الانتباه إلى وضعية الأسر والتجار والمقاولات الصغيرة بعد أزمة تدخل سنتها الثالثة في ظل الصعوبات التوقعية وسقف الانتظارات رغم إشارات قوية وجهود مضنية


العلم الإلكترونية - سمير زرادي

نظمت غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الدارالبيضاء سطات يوم الأربعاء الماضي لقاء هاما سلط الضوء على إشكالية إنعاش الاقتصاد المغربي بعد الإغلاق وذلك بشراكة مع مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية "مدى"، ومساهمة ثلة من الخبراء الاقتصاديين.

إجراءات حكيمة قلصت من حجم الأضرار

أبرز حسان بركاني رئيس الغرفة في مستهل اللقاء أن اختيار موضوع الندوة ينبع من المناخ العام الذي يسود حاليا سواء في المجتمع المغربي أو الدولي، والانعكاسات التي ترخي بظلالها على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والدينامية التجارية، وعلى مؤشرات الشغل والبطالة، مضيفا أن الآثار ملموسة على الشركات والتجار والأسر، ولكن بفضل السياسة المتبصرة لجلالة الملك وتجند الحكومة فإن الأضرار كانت أقل مما كانت ستحدث واقعيا، وحققت التدابير المتخذة وعلى رأسها إنشاء صندوق كوفيد فارقا على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، ولم يواجه المغاربة خصاصا في المواد الأساسية والغذائية.

وكشف بناء على معطيات للمندوبية السامية للتخطيط، تسجيل 225 ألف عاطل إضافي خلال السنتين الماضيتين، مبرزا بعين التفاؤل إمكانية تعافي الاقتصاد المغربي سيما في ظل فتح الحدود المرتقب نهاية هذا الشهر، وعودة الانتعاش بالنسبة للمطاعم والفنادق وسيارات الأجرة والمطارات.

وسجل على مستوى الوضعية التي تعيشها المقاولات الصغرى والمتوسطة والتجار تردد الأبناك حيال بعض الملفات، واستعداد عمل الغرفة لمواكبة المنتسبين وغير المنتسبين فيما يخص الضمان الاجتماعي كذلك، ودراسة الحلول الممكنة بالنسبة للجمرك والشحن والضرائب، وذلك في إطار دورها على مستوى الوساطة وتقريب الرؤى وتذليل العوائق.

هجرة الفقر والأمية والبطالة

الدكتور عمر الكتاني أستاذ بجامعة محمد الخامس وخبير اقتصادي بسط في عرضه عن "القطاع الاجتماعي بالمغرب وإشكالية الإنعاش الاقتصادي" الجانب الاستعجالي الذي يفرضه المناخ السائد والمتمثل في المجهود الاستثماري الذي تمثل في 245 مليار درهم كاستثمار عمومي للدولة لمواجهة وضعية استثنائية، وتشغيل 200 ألف شخص في سنتين ومليون شخص على مدى الولاية، إضافة الى 45 مليار درهم لصندوق محمد السادس للاستثمار.

وتحدث بعد ذلك عن إنتاج الأزمة لثلاث نتائج: أزمة اقتصادية أفضت إلى أزمة اجتماعية، والتي بدورها أفرزت أزمة نفسية خاصة في أوساط الشباب الذي بدأ يتسرب إليه اليأس، مضيفا أن الاقتصاد المغربي واضح من ناحية القراءة، لكنه متمنع من ناحية العلاج، لأن القطاع الفلاحي يظل الوريد في الدورة الاقتصادية، حيث يمثل 14 في المائة في الناتج الداخلي الخام، ويشغل 40 في المائة من سكان المغرب، وفي حال الموسم الجيد يرتفع دخل النشيطين بثلاثة أضعاف، فيتحولون الى مستهلكين ومحركين لقطاعات اقتصادية، وبالتالي يقفز النمو إلى 6 في المائة. وفي حال الجفاف يفقد هؤلاء ثلثي الدخل ويلزمون التقشف، ويهوي النمو إلى 2 أو 1.5 في المائة، لذلك فان معدل النمو خلال العقد الأخير هو 3.5 في المائة، بسبب تحكم الأمطار في الاقتصاد المغربي، وليس العقول والفكر والذكاء والابتكار، فضلا عن كلفة شحن المواد والنقل في السنتين الماضيتين.

ضرورة تغيير المنظور بشأن البادية المغربية

وأمام هذا الوضع فإن 40 ألف إلى 120 ألف ينزحون إلى المدن فيهاجر معهم الفقر والبطالة والأمية، وتصبح الأحزمة مصدر قلق وتحرك استثمارات أمنية مثل المحاكم والمخافر والقضاة والسجون، لكون هاته الشرائح غير مكيفة للاندماج في المجتمع.

لذلك دعا المتحدث إلى ضرورة تركيز النموذج التنموي على المجال الاجتماعي وأساسا البادية المغربية لتشييد مدن جديدة ومراكز صاعدة تحتضن مجمعات للتكوين والصحة والسكن، والنقل العمومي لتسوية إشكالية تمدرس الفتيات.

وفي ضوء هذا النداء كشف أن النموذج التنموي الذي صاغه تقنوقراط لم يحقق توازنا بين حاجيات المدن والبوادي، سيما على مستوى الشغل والتأهيل والمعرفة.

كما اعتبر أن اختيارات الحكومة صائبة بخصوص التركيز على البنية التحتية والمنشآت المائية والتغطية الاجتماعية.

المقاولات متخوفة من الاستثمار

الدكتور الطيب أعيس خبير اقتصادي ومالي أفاد في مداخلته " أزمة كورونا وأثرها على المقاولة الصغرى والمتوسطة" أن الأزمة ذات طبيعة صحية أفرزت أزمة اقتصادية واجتماعية وفاقمت البطالة التي اعتبرها رأس المعضلات لما تخلفه من مظاهر على غرار الهجرة السرية.

وذكر أن الاقتصاد المغربي مبني على نموذج الريع وليس العمل، ما يجعل الطبقة المتوسطة الأكثر تضررا فضلا على ان البرامج لا تستحضر أهميتها من حيث مساهمتها في خلق الثروة عبر المقاولات الصغرى والمتوسطة وتشغيلها 95 في المائة من اليد العاملة. كما أن الحصة الوفيرة من مداخيل الضرائب يؤديها الموظفون والشركات الصغرى والمتوسطة، إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة والرسوم المحلية.

وبلغة الأرقام البليغة، نجد أن المندوبية السامية للتخطيط كشفت أن 6 في المائة من المقاولات في حالة توقف نهائي او مؤقت بسبب الازمة، كما أن 10 آلاف مقاولة أفلست في 2021، حوالي 60 في المائة منها صغيرة جدا تشغل 4 إلى 5 أشخاص، كما أن 38 في المائة من المقاولات خفضت اليد العاملة بسبب الصدمة، و50 في المائة منها تعاني من السيولة المالية، و50 في المائة كذلك تخشى عدم تسديد الديون، و80 في المائة متخوفة من الاستثمار بسبب الوضع الاقتصادي.

الأبناك لا تتفاعل بالشكل المطلوب

صعوبات أخرى تناولها المتحدث تتمثل في مستوى المبادلات والتدابير الحمائية وانكماش مبيعات المقاولات المصدرة ب80 في المائة، ساهمت مبادرات فرض الطوارئ الصحية واحداث صندوق خاص لمواجهة تداعيات كوفيد وكذا قرارات لجنة اليقظة الاقتصادية بالتخفيف منها، ويظل المطلوب اجتماع هذه اللجنة في الفترات العادية لمواصلة مبادرتها مع ضمان التقائية القطاعات الحكومية كأساس للنجاح، هذا بالإضافة الى تيسير شروط الموافقة للحصول على القروض، وإن كانت الأبناك لم تتفاعل بشكل جيد لضمان مزيد من الحركية الاقتصادية.

كما أشاد بتدابير إيجابية أخرى لفائدة المقاولات الصغيرة كتأجيل تسديد الأقساط والاقرارات الضريبية، وتسريع أداءات الدولة والمستحقات، والحفاظ على اليد العاملة من خلال تعويضات للمقاولات عبر الضمان الاجتماعي، والتي تستمر حاليا لفائدة المقاولات السياحية.

أرقام دالة كذلك همت جانب استفادة المقاولات من القروض بضمان الدولة تمنح 28 في المائة للشركات الكبرى، و21 في المائة للمتوسطة، و13 في المائة للصغرى، وهذا في تقدير الأستاذ الطيب أعيس بسبب تعقيد الإجراءات، وعدم تمكن هذا الصنف من المقاولات من الدفاع عن نفسه بالمقارنة مع المقاولات الكبرى المحظوظة.

وبخصوص المقترحات المهمة للمستقبل، فقد تطرق الى تعزيز سلاسل القيم العالمية أمام نفاذ المنتجات في الصين وبُعد المسافة، وتقوية دور الدولة ومكانة الاقتصاد الأخضر، واعتماد التحول الرقمي لإقرار عدالة مجالية، ثم تعزيز آليات الشمول المالي والقروض الصغرى، والافضلية الوطنية، والعدالة الجبائية، وتحسين مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة.

الرهان على المنتوج المحلي

الأستاذ هشام الرزاوي خبير في السياسات العمومية وباحث في قضايا الشغل اعتبر في عرضه عن المؤشرات الاقتصادية وتأثيرها على سوق الشغل أن فتح ملف الازمة مدخل أساسي لفهم الوضعية دوليا وليس فقط وطنيا، كظرفية معقدة وكإفرازات اقتصادية غير مسبوقة في التاريخ، مختلفة عن الأزمات المالية.

ونظرا لهذا الوضع الاستثنائي فإن الأزمة الصحية فرضت الاغلاق رغم انها انطلقت من الصين، وذلك لتحكمها في 30 في المائة من الإنتاج العالمي وللارتباط العضوي بين الدول في ظل نظام العولمة بما في ذلك المغرب، فكانت التكلفة باهظة في السنة الأولى أدت إلى شلل اقتصادي ورفعت أرقام فاقدي الشغل خاصة في القطاع غير المهيكل، والذين انضافوا الى الباحثين عن الشغل من الخريجين. وبالتالي بلغت البطالة عتبة 13 في المائة، مقابل 15 الى 18 في المائة في صفوف حاملي الشواهد.

وأوضح أن المبادرات والقرارات الإيجابية، وكذا التوجهات الجديدة التي أملتها الازمة لا تحجب الأعطاب والنواقص، فقطاع النسيج والألبسة مثلا كان إلى حدود 2019 يتلقى طلبات من فرنسا واسبانيا وانخفض رقم معاملاته ب55 في المائة، فيما وصل معدل فقدان الشغل 17 في المائة، أما قطاع الاتصالات السلكية فقد خسر 30 في المائة من رقم المعاملات، و34 في المائة من مناصب الشغل، أما الأنشطة السياحية فقد فقدت 71 في المائة من رقم المعاملات و78 في المائة من مناصب الشغل، والامر ذاته بالنسبة لقطاع السيارات والانعاش العقاري.

وفي ظل الانتظارات الكبيرة اليوم، وتوقعات دولية بتفاقم البطالة والفقر والمديونية، من الضروري إعادة النظر في النموذج الاقتصادي، والرهان على المنتوج المحلي والاستهلاك الداخلي، وتعزيز دور الدولة على مستوى الوساطة في الشغل، وإعادة النظر في ميثاق الاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وإصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالشراكة بين القطاعين والخاص، وملاءمة التكوين مع حاجيات المقاولات، وصياغة خرائط لمهن جديدة.

الأزمة تتطلب تفكيرا جماعيا

من جهتها أشادت مديرة مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية "مدى" حياة الدرعي بروح التعاون والشراكة بين غرفة التجارة والصناعة وبين المركز الذي تأسس بجامعة ابن مسيك، وأبرزت أن الإشكال المطروح للنقاش مرتبط بالحياة اليومية رغم بروز المشاكل الاقتصادية في الخط الأمامي، لكونها تطال جميع الجوانب نفسية تربوية اجتماعية صحية وثقافية، ما حتم التفكير بشكل جماعي لكل مكونات المجتمع لتعميق النقاش وتقديم مقترحات وحلول، من منطلقات ميدانية لفعاليات أكاديمية ومدنية واقتصادية وتجارية، مضيفة انه رغم الإمكانات المحدودة يمكن للابتكار والإرادة أن يكسرا كل الصعاب.
 

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار