
العلم الإلكترونية - محمد بلبشير
كشفت تقارير استخباراتية غربية وإفريقية تورط عناصر من الجبهة في توفير الدعم اللوجستي لجماعات إرهابية مثل "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" و"داعش في الصحراء الكبرى" و"جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، عبر تهريب الأسلحة وتسهيل عبور المقاتلين وتأمين طرق قوافل المخدرات القادمة من أمريكا اللاتينية.
وفي هذا الصدد، حذر محمد الطيار، رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، من تنامي المخاطر الأمنية المرتبطة بأنشطة جبهة "البوليساريو" في منطقة الساحل والصحراء، مؤكداً أن تورطها في شبكات الإرهاب والجريمة المنظمة يجعل من الضروري إعادة تقييم موقعها على الخارطة الأمنية وتصنيفها كتنظيم إرهابي.
وأشار إلى أن هذه الأنشطة تمثل تهديدا مباشرا لموريتانيا التي تتقاسم حدودا طويلة مع مناطق تحرك الجبهة، حيث ساهمت عمليات التهريب وتسلل المجموعات المسلحة في زعزعة جهود الدولة لضبط الأمن الداخلي.
كما اعتبر الطيار أن الدعم الجزائري المتواصل للبوليساريو يضاعف المخاطر، مشيراً إلى أن الجزائر تستخدم الجبهة كأداة ضغط إقليمي، الأمر الذي قد يحول الأراضي الموريتانية إلى ساحة صراع بالوكالة ويقوض أي مبادرة لبناء أمن جماعي في المنطقة.
وحذر من محاولات تغذية نزعات انفصالية في شمال موريتانيا، لافتاً إلى أن نجاح مثل هذه الدعوات قد يهدد وحدة البلاد ويخلق بؤراً قابلة للاستغلال من طرف الإرهابيين والمهربين.
وخلص الطيار إلى أن إدراج "البوليساريو" على قوائم الإرهاب سيسمح بتشديد الرقابة على مصادر تمويلها، وملاحقة قادتها، وتعزيز التعاون الاستخباراتي بين دول المنطقة، داعياً إلى اعتماد مقاربة شمولية تقوم على تطوير التعاون الأمني، وتعزيز القدرات الدفاعية، والتحرك الدبلوماسي الإقليمي لدفع المجتمع الدولي نحو هذا التصنيف.
وفي سياق ذي صلة، أماط المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية اللثام عن دراسة تحليلية جديدة بعنوان "مشاريع معلنة… نتائج صفر: وعود الجزائر الاقتصادية بين الإعلان والتنفيذ"، وهي الدراسة التي أبرزت حجم الهوة الفاصلة بين التصريحات الجزائرية حول مشاريع تنموية في دول الساحل والمغرب العربي، وبين غياب أي إنجاز فعلي على أرض الواقع.
وأوضح الطيار، في تصريح ل"العلم" أن الجزائر أعلنت، على مدى عقدين، عن مشاريع كبرى في موريتانيا ومالي والنيجر وليبيا وتونس، تراوحت بين استثمارات بمليارات الدولارات وخطط لإنشاء مناطق تبادل حر ومد خطوط سكك حديدية وأنابيب للطاقة، غير أن معظم هذه المبادرات لم تتجاوز مرحلة الإعلان، لتظل مجرد وعود لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
ففي موريتانيا، على سبيل المثال، يقول رئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، أن الجزائر تحدثت منذ 2010 عن استثمارات تفوق 54 مليار دولار، تشمل منجم غار جبيلات ومشاريع زراعية وتعليمية وسياحية، لكن هذه المشاريع بقيت متعثرة، فيما توقف الخط البحري الجزائر – نواكشوط – داكار بعد تجارب محدودة. أما في مالي والنيجر، فقد ظلت وعود إنشاء سكك حديدية ومناطق حرة دون ميزانيات واضحة أو جداول زمنية محددة.
وأشار الطيار إلى أن التجربة الليبية لم تكن أفضل حالا، إذ حالت الانقسامات الداخلية والمنافسة الدولية دون تنفيذ المشاريع الجزائرية، رغم توقيع اتفاقيات تفاهم بين "سوناطراك" والمؤسسة الوطنية للنفط. وبالمثل، لم تترجم المشاريع المعلنة مع تونس إلى خطوات عملية، رغم توقيع اتفاقيات تتعلق بمناطق حرة وتطوير التعاون الصناعي.
ويرى الأكاديمي المغربي أن فشل الجزائر يعود إلى أسباب هيكلية عدة، من بينها الاعتماد المفرط على عائدات المحروقات، وغياب التنويع الاقتصادي، وضعف آليات التنفيذ والمتابعة، إضافة إلى هيمنة الحسابات السياسية والأمنية على القرارات الاقتصادية.
وبالمقارنة، أبرز التقرير نجاح المغرب في إطلاق مشاريع استراتيجية فعلية مثل أنبوب الغاز نيجيريا–المغرب، وهو ما عزز ثقة الشركاء والمستثمرين في المملكة، على عكس الجزائر التي ظلت مشاريعها حبيسة الإعلانات السياسية، ليخلص إلى أن استمرار هذا النهج أدى إلى تآكل صورة الجزائر كشريك اقتصادي موثوق، في وقت نجح فيه المغرب في تكريس حضوره التنموي على أرض الواقع داخل إفريقيا.