الرباط: أنس الشعرة
في تطور يكشف حساسية التوازنات الأمنية والتكنولوجية في الحدود الشمالية المغربية، فجّرت معارضة الحزب الشعبي الإسباني (PP)، جدلًا واسعًا داخل البرلمان الإسباني، بعد مطالبتها الحكومة بتوضيحات عاجلة بشأن استخدام كاميرات مراقبة «صينية الصنع» في السياج الحدودي لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين.
الجدل، الذي جاء على خلفية أسئلة برلمانية قدّمها النائب عن مدينة سبتة المحتلة، خافيير سيلايا، يُسلّط الضوء على ما وصفه بـ»تهديد للأمن القومي الإسباني والسيادة التكنولوجية»، لكنه في الوقت ذاته يفتح نقاشًا آخر لا يقل أهمية في الرباط، حول طبيعة التقاطعات الأمنية على حدود المغرب من جهة الشمال، ودور الأطراف الدولية في صياغة آليات المراقبة والتحكم فيها.
وبحسب ما أكدته وسائل إعلام إسبانية من بينها: El Independiente، فقد طالب سيلايا الحكومة المركزية بردّ واضح بشأن تركيب كاميرات من طراز Hikvision DOMO في المنطقة الحدودية سبتة ومليلية المحتلتين منذ 2021، وهي كاميرات محظورة في عدد من الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بسبب ما يُثار حول علاقتها بجهاز المراقبة الصيني وتورطها في انتهاكات ضد أقلية الإيغور.
و تساءل النائب البرلماني صراحة:»هل تضمن الحكومة أن هذه الأجهزة لا تُشكّل تهديدًا للأمن القومي على حدودنا البرية مع المغرب؟ وهل تملك مدريد ضمانات بأن بكين لا تستطيع مراقبة أو التحكم في هذه الأنظمة المثبتة في موقع جغرافي بهذه الحساسية؟».
الطريف أن الحزب المعارض لسياسات الحكومة الإسبانية، رغم تشديده على ما يعتبره «تقصيرًا حكوميًا»، لم يتطرق في أسئلته إلى أثر هذه التكنولوجيا الأمنية في محيطها الإقليمي، أي على الجانب المغربي من الحدود، رغم أن التعاون الحدودي بين البلدين لطالما كان ملفًا بالغ الدقة، لاسيما في قضايا الهجرة غير النظامية، وتهريب المخدرات، ومكافحة الإرهاب.
اللاّفت أكثر أن الحزب ركّز على «خضوع إسبانيا لتكنولوجيا مرفوضة من قبل حلفاء استراتيجيين»، دون أن يلتفت إلى أن استخدام مثل هذه المعدات ذات الصلة بأنظمة أمنية عالمية قد يُثير، أيضًا، تحفظات من الجانب المغربي الذي يراقب منذ سنوات طبيعة التحولات الأمنية في سبتة ومليلية المحتلتين، خصوصًا بعد إعادة ضبط العلاقات المغربية الإسبانية على أسس جديدة في ضوء الموقف الإسباني من قضية الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، لا تبدو هذه القضية منعزلة عن التوترات الكامنة في ملفات السيادة والأمن الإقليمي، حيث يطالب المغرب، باستمرار، باسترجاع المدينتين المحتلتين، ويؤكد أن أي تحرك أمني أو تقني في هذه المناطق لا يمكن أن يُعزل عن محيطه الإقليمي.