Quantcast
2023 نونبر 27 - تم تعديله في [التاريخ]

المغرب‭ ‬يبني‭ ‬شراكة‭ ‬حضارية‭ ‬تتخطى‭ ‬الاختلاف‭ ‬وتروم‭ ‬التقارب


العلم - الرباط

بحسٍّ إنساني راقٍ، وبوعي حضاري رشيد، أكدت الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، إلى أعضاء أكاديمية المملكة المغربية، أن تقدم المجتمعات لن يتم من غير نهضة فكرية وثقافية متجددة، ولن يتحقق إلا بتوفير بيئة ملائمة لإنتاج المعرفة، وأن تطور تلك البيئة رهين بمدى إسهامها في تنمية العطاء الحضاري، مبرزةً أن الأكاديمية التي  هي مؤسسة عتيدة ، أصبحت منارةً للفكر والبحث المعرفي والثقافي العابر للقارات، ومشتلاً للارتقاء بالقدرات الفكرية والعلمية، وصارت تسعى لتحقيق شراكة حضارية تتخطى الاختلاف والتباين وتروم التقارب والتواصل والتفاهم في انفتاحها على المستجدات العلمية والفكرية ، مع الإيمان والالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية المشتركة .

ويعد مفهوم الشراكة الحضارية نمطاً مبتكراً من  المفاهيم المعتمدة في حقلي حوار الثقافات وتحالف الحضارات، ينطوي على دلالات ثقافية عميقة ، قوامها أن الشراكة بين الحضارات تتجاوز التعاون على تعدد أضرابه، ترتقي فوق تبادل العطاء الفكري والإسهام الحضاري، بمختلف أشكالهما، لتصل إلى أعلى مراتب البناء الحضاري المشترك ، على قاعدة الاعتراف بالاختلاف، ووفقاً لمبدأ الاحترام المتبادل للخصوصيات الثقافية والتاريخية، التي هي فطرة الخالق سبحانه وتعالى في خلقه .

وجاء هذا التوصيف المنهجي للحوار الحضاري الذي ارتقى به إلى مستوى أعلى مقاماً وأسمى مرتبة، في سياق الإشارة الذكية والموحية، إلى ما تعيشه المجتمعات المعاصرة من تحولات اجتماعية وثقافية واقتصادية متسارعة ومتداخلة، في ظل ما يشهده العالم من اهتزاز في المرجعيات وفقدانها أحياناً، مع التأكيد على أن الرهانَ الأساسَ لأي تقدم سليم يقوم على الحفاظ على هوية الأمة ويحصنها من المخاطر والانحرافات ، ويُكسب المجتمعَ التنوعَ والتعددَ الفكري الإيجابي .

وبحسب المراصد الجيواستراتيجية، فإن عالمنا المعاصر يشهد تحولات عميقة على كل المستويات، وكما ورد في الرسالة الملكية السامية إلى أعضاء أكاديمية المملكة المغربية، فإن الأواصر الثقافية والفكرية والحوار الحضاري، أصبحت تزداد رسوخاً وتُعلي من شأن الانفتاح على ثقافات العالم وإرساء القواعد لمجتمع المعرفة. وتأسيساً على ذلك، فإن المغرب، وهو ملتقى الحضارات والثقافات، لا يمكن له إلا أن يواكب هذا المسار، ويكون فاعلاً في ترسيخ ركائزه. كما قال جلالة الملك، رعاه الله وأيده. وهو الأمر الذي يقتضي أن تمضي المملكة المغربية قدماً في تحقيق شراكة حضارية مع حضارات العالم وثقافاته دون إبطاء و من غير استثناء.

هذه المكانة الراقية التي اكتسبتها المملكة المغربية، من مصادرها أنها تمتلك تراثاً حضارياً خصباً ومتنوعاً، مادياً وغير مادي ، مكن بلادنا من احتلال مراتب متقدمة بين دول العالم. وتلك إحدى الضرورات التي حثت على النهوض بالمهمة النبيلة المنوطة بأكاديمية المملكة المغربية، على أكمل وجه، من حيث تفعيلها وتجديد هيكلتها، بما ينسجم، وكما جاء في الرسالة الملكية، مع أهداف دستور المملكة ومقتضياته الرامية إلى صون هويتنا الوطنية، بمكوناتها العربية الإسلامية والأمازيغية والصحراوية الحسانية، وروافدها الأفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، وكذا مع خدمة الإشعاع العلمي والثقافي للمملكة، والإسهام في الإشكاليات والقضايا المطروحة في عالم اليوم .

هذه العناية الوافية والرعاية الفائقة من جلالة الملك ، أعز الله أمره، بأكاديمية المملكة المغربية ، هما  شكلان لإرساء أسس النهضة الثقافية والفكرية والأكاديمية، على النحو الذي يؤسس لما يمكن أن نسميه الدولة الثقافية والحضارية، تنسجم مع الدولة الاجتماعية وتتكامل معها، هدفها بناء مجتمع المعرفة. وهو ما عبرت عنه الرسالة الملكية بإعطاء نفس جديد ودفعة قوية، لأكاديمية المملكة المغربية، تعتمد على رؤية جديدة بهياكل وأعضاء جدد، وبرامج ومشاريع في مجملها ذات صلة بهويتنا، منفتحة على التجارب الثقافية الدولية لمواكبة مستجدات العصر .

وبهذا الوعي الحضاري المتفتح، وبهذه الرؤية الملكية المتبصرة والحكيمة، يواصل المغرب الربط المحكم بين البناء الاقتصادي والإنعاش الاجتماعي  من جهة ، وبين البناء الثقافي والفكري والأكاديمي من جهة أخرى .

              
















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار