
العلم - محمد بشكار
أفظع ابتلاء يمكن أن يُفْرغ الثقافة من جوهرها النبيل بعد امتلاء، هو التِّكرار الذي يجعل السنة الحالية تشبه سابقاتها فوطوكوبي، أن يصل القِرد ليلهي العقول ببهلوانياته المكشوفة، ولا تصل الأفكار إلى العقول في الموعد، أن ينهض أرسطو من سطره الأخير، ويصيح مَنْ زَيّفَ المحاكاة، وباعها بأبْخس الأثمان، كأي دزِّينة رؤوس أو كؤوس في السوق الأسبوعي، لكأنّ الزمن الثقافي وهو يلتفُّ كأفعى، لا يعرف إلا شخصا أو شخصين محطة للتوقف، يا للعبقرية حين تصل بالنبوغ المغربي للسّطح، فمثلا وليس على سبيل المجاز، ثمة مَن أعرض عن كل شيء بعد أن أساء مُدبِّري جيوبهم للكتاب، لِينقلب هذا الأخير من لحظة فرحٍ إلى مَصدر اكتئاب بامتياز، لا جديد هناك ما دام التشابه ينتج المزيد من العبيد، يا لسطوة الجري اللاهث نحو المال، عِوض الإبداع تصنع الإبتذال !
لا شيء يستحق الإنتباه بعد أن أفْقَدنا التّشابه المقيت طَعْم الحياه، وإذا كان الذئب لا يتنكّر لبني سلالته من الوبر، فإن بعض المحسوبين على الثقافة بالأرقام التي في الشيك، سواء كانوا يساريين أو يأكلون باليمين في الوسط، تجد منهم مَن يأكل أخاه في كل وجْبة سانحة، فشكرا للبَشْرة التي تُواري خلفها وحوشا ضارية، شكرا لنعومتها الملساء، على الأقل جعلت هذا الكائن الحليق، يستحقُّ صِفة البشر !
ترى أين يكمن العطب، ولِمصْحلة مَنْ يُغيَّبُ تراكمُنا الثقافي المغربي المُكتسب، مَنْ يستفيد من تسييد التفاهة بوَأْدِ كل ما كتبه فطاحلة الأدب، لَكأنَّ كلَّ مشيْناهُ عرجاً بعكاكيز الأقلام، محْض حبرٍ لم يُغيِّر إلا اللون في الماء، فما جدوى أفكار، لا تتجاوز في ثورتها حدود الإناء !
أليس مِمّا يمضُّ الأنفس أن تفْقد أعمار رمزية لا تُقاس برزنامة الزمن، كل هذا الوجود الكثيف في حياتنا اليوم، ليتأكد أن النِّفاق الثقافي حاك من حيث لا يدري الكفن، نظريةً جديدة لا تجعل سيرة الكاتب سارية الحياة، إلا إذا كان موجودا بين الناس بالجسد، تُرانا لم نُحْسِن تفسير ما كتبهُ أسلافنا من أحلام، تلك التي تركوها مُعلَّقةً فوق وسائدنا الوثيرة، وبدل أن نُفكر في تنزيلها واقعاً يعُمُّنا برفاهية الحضارة، ازددْنا بحُلمها نوماً ضيَّعنا في حيِّزه السحيق، درساً كبيراً في التاريخ، وها نحن بعد أن دقَّ الجرس وعمَّ بالتكرار الخرس، نخرج من النوم إلى الساحة الشرفيّة، تلك المؤثثة بمنصّة تصعد إلى أنشوطتها الأقلام!
أين يكمن العطب، ولِمصْحلة مَنْ يُغيَّبُ تراكمُنا الثقافي المغربي المُكْتسَب، هل يُعقَلُ أن يغدو كل هذا التراث المأكول لمّاً، لعبة في يد موظف خامل كسول، لا يُهمُّه إلا تسلُّق سُلّم الترقيات في إدارة أو وزارة، حقّاً لمْ أكُن حالماً حين قلتُ ذات شكوى أسررْتُها للورق، كان حرياً أن لا نكتب كل ما كتبناه، وأن لا يكتب أسلافنا كل ما كتبوه وبقي قَدَراً في الجبين، ما دامت كل القيم الإنسانية التي توزن ذهباً وفكراً، صارت تُوطأ في هذا البلد بالأقدام، ولا تُحْمَل تيجاناً على الرؤوس إلا إذا كانت صفراً، وما دام الكاتب لا تزداد قامته طولا مع العِلم والفكر والأدب، إلا حين يقتعد حصيد مؤلفاته تلاَّ من خراب!
لا أعرف أين يكمن الخلل، هل في الشّخص أو في الشّص الذي يصْطاد في الماء العكِر، وإلا لماذا في كل خيمة ثقافية انتصبت بإحدى مُدننا الكبرى، لا يأتينا إلا العويل صدىً غير مُشرٍّف للبلد، رحم الله عبد الجبار السحيمي، أليس هو مَن صرخ ملء الآذان الطويلة "إن حمارنا أعرج"، ويرحمني الله معه إذ أقول إنه على ذات الحمار، تُزف ثقافتنا للأسف في هودج!
أفظع ابتلاء يمكن أن يُفْرغ الثقافة من جوهرها النبيل بعد امتلاء، هو التِّكرار الذي يجعل السنة الحالية تشبه سابقاتها فوطوكوبي، أن يصل القِرد ليلهي العقول ببهلوانياته المكشوفة، ولا تصل الأفكار إلى العقول في الموعد، أن ينهض أرسطو من سطره الأخير، ويصيح مَنْ زَيّفَ المحاكاة، وباعها بأبْخس الأثمان، كأي دزِّينة رؤوس أو كؤوس في السوق الأسبوعي، لكأنّ الزمن الثقافي وهو يلتفُّ كأفعى، لا يعرف إلا شخصا أو شخصين محطة للتوقف، يا للعبقرية حين تصل بالنبوغ المغربي للسّطح، فمثلا وليس على سبيل المجاز، ثمة مَن أعرض عن كل شيء بعد أن أساء مُدبِّري جيوبهم للكتاب، لِينقلب هذا الأخير من لحظة فرحٍ إلى مَصدر اكتئاب بامتياز، لا جديد هناك ما دام التشابه ينتج المزيد من العبيد، يا لسطوة الجري اللاهث نحو المال، عِوض الإبداع تصنع الإبتذال !
لا شيء يستحق الإنتباه بعد أن أفْقَدنا التّشابه المقيت طَعْم الحياه، وإذا كان الذئب لا يتنكّر لبني سلالته من الوبر، فإن بعض المحسوبين على الثقافة بالأرقام التي في الشيك، سواء كانوا يساريين أو يأكلون باليمين في الوسط، تجد منهم مَن يأكل أخاه في كل وجْبة سانحة، فشكرا للبَشْرة التي تُواري خلفها وحوشا ضارية، شكرا لنعومتها الملساء، على الأقل جعلت هذا الكائن الحليق، يستحقُّ صِفة البشر !
ترى أين يكمن العطب، ولِمصْحلة مَنْ يُغيَّبُ تراكمُنا الثقافي المغربي المُكتسب، مَنْ يستفيد من تسييد التفاهة بوَأْدِ كل ما كتبه فطاحلة الأدب، لَكأنَّ كلَّ مشيْناهُ عرجاً بعكاكيز الأقلام، محْض حبرٍ لم يُغيِّر إلا اللون في الماء، فما جدوى أفكار، لا تتجاوز في ثورتها حدود الإناء !
أليس مِمّا يمضُّ الأنفس أن تفْقد أعمار رمزية لا تُقاس برزنامة الزمن، كل هذا الوجود الكثيف في حياتنا اليوم، ليتأكد أن النِّفاق الثقافي حاك من حيث لا يدري الكفن، نظريةً جديدة لا تجعل سيرة الكاتب سارية الحياة، إلا إذا كان موجودا بين الناس بالجسد، تُرانا لم نُحْسِن تفسير ما كتبهُ أسلافنا من أحلام، تلك التي تركوها مُعلَّقةً فوق وسائدنا الوثيرة، وبدل أن نُفكر في تنزيلها واقعاً يعُمُّنا برفاهية الحضارة، ازددْنا بحُلمها نوماً ضيَّعنا في حيِّزه السحيق، درساً كبيراً في التاريخ، وها نحن بعد أن دقَّ الجرس وعمَّ بالتكرار الخرس، نخرج من النوم إلى الساحة الشرفيّة، تلك المؤثثة بمنصّة تصعد إلى أنشوطتها الأقلام!
أين يكمن العطب، ولِمصْحلة مَنْ يُغيَّبُ تراكمُنا الثقافي المغربي المُكْتسَب، هل يُعقَلُ أن يغدو كل هذا التراث المأكول لمّاً، لعبة في يد موظف خامل كسول، لا يُهمُّه إلا تسلُّق سُلّم الترقيات في إدارة أو وزارة، حقّاً لمْ أكُن حالماً حين قلتُ ذات شكوى أسررْتُها للورق، كان حرياً أن لا نكتب كل ما كتبناه، وأن لا يكتب أسلافنا كل ما كتبوه وبقي قَدَراً في الجبين، ما دامت كل القيم الإنسانية التي توزن ذهباً وفكراً، صارت تُوطأ في هذا البلد بالأقدام، ولا تُحْمَل تيجاناً على الرؤوس إلا إذا كانت صفراً، وما دام الكاتب لا تزداد قامته طولا مع العِلم والفكر والأدب، إلا حين يقتعد حصيد مؤلفاته تلاَّ من خراب!
لا أعرف أين يكمن الخلل، هل في الشّخص أو في الشّص الذي يصْطاد في الماء العكِر، وإلا لماذا في كل خيمة ثقافية انتصبت بإحدى مُدننا الكبرى، لا يأتينا إلا العويل صدىً غير مُشرٍّف للبلد، رحم الله عبد الجبار السحيمي، أليس هو مَن صرخ ملء الآذان الطويلة "إن حمارنا أعرج"، ويرحمني الله معه إذ أقول إنه على ذات الحمار، تُزف ثقافتنا للأسف في هودج!