العلم: نهيلة البرهومي
في تفاعل مع التوجيهات الملكية السامية، توقعت الحكومة أن يسجل الاقتصاد الوطني نموا نسبته 4.8 في المائة برسم السنة الحالية، مدعوما بانتعاش قوي للطلب الداخلي، واستعادة النسيج الإنتاجي لنشاطه، وكذا التطور الملحوظ لقطاع الخدمات.
وحسب ما ذكرته وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، في جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان، لتقديم الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2026، فإن هذا الانتعاش تجسد أيضا في التحسن المتواصل للقيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية خلال السنوات الثلاث الماضية، مسجلة نسبة معدلات نمو انتقلت من 3.8 في المائة سنة 2022 إلى 4.5 في المائة سنة 2024، كما يتوقع أن يتواصل هذا المنحى الإيجابي خلال سنتي2025 و2026.
وأوضحت الوزيرة، أن هذه النتائج الاقتصادية المشجعة تعزى إلى التحكم في التضخم في حدود 1.1 في المائة عند متم شهر غشت 2025، والتحكم التدريجي في عجز الميزانية الذي تراجع من 5.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2021، إلى 3.8 في المائة سنة 2024، قبل أن يستقر في حدود 3.5 سنة 2025، وهو ما يمثل تراجعا بنقطتين من الناتج الداخلي الخام خلال هذه الفترة.
وأضافت المتحدثة، أن مسار المديونية يندرج بدوره في هذه الدينامية الإيجابية، من خلال معدل يقدر ب 67.4 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2025، بتراجع يقدر بـ0.3 نقطة مقارنة مع السنة السابقة.
وفي ما يهم الموارد الجبائية أوضحت المسؤولة الحكومية أنها عرفت تطورا كبيرا، حيث سجلت تطورا بمعدل سنوي يقدر ب 11.5 في المائة بين سنتي 2020 و2025، منتقلة من 199 مليار درهم إلى 343 مليار درهم، ويعد ذلك نتيجة مباشرة لتنزيل مضامين القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي.
في هذا السياق، يرى أمين سامي، الخبير في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي، وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية، أن النمو المتوقع بنسبة 4.8 في المائة قويا بالقياس الإقليمي، مقارنة بتذبذب معدلات النمو في الدول المجاورة الذي يصل غالبا 2.3 في المائة، وهو ما يمنح البلاد حسب سامي، ميزة نسبية في جذب الاستثمارات وصمود الاقتصاد الوطني أمام الصدمات الدولية.
واعتبر الخبير في الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي، وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات والاستراتيجيات التنموية، في تصريح لـ”العلم”، أن مقارنة النمو الاقتصادي 4.8 في المائة، بمتوسطات النمو خلال العقد الماضي التي بلغت 4.3 في المائة، تمثل تحسنا ملحوظا، لكنها تبقى دون المستوى المطلوب لتحقيق نقلة نوعية، وامتصاص البطالة.
وفي حديثه عن تجارب الأسواق الصاعدة، أوضح الخبير الاقتصادي، أنها تتطلب نموا فوق 6.5 في المائة مسجلة لعدة سنوات لخلق فرص شغل صافي وتحقيق نمو قطاعي عالي الكثافة في العمل خارج الفلاحة. مشيرا إلى أن تركيبة نمو المغرب حاليا تقودها القطاعات غير الفلاحية لكن بإنتاجية أعلى وكثافة تشغيل أدنى، وهو “ما يحد الأثر الفوري للقضاء على البطالة”.
واستحضر المتحدث، بيانات فصول 2025 التي تظهر مساهمة غير فلاحية قوية، مسجلا في الوقت نفسه انخفاض أثرها التشغيلي مما يفرض الحاجة إلى سياسات مكملة.
وعن الارتفاع الملموس في الموارد الجبائية، يفيد الخبير أنه يعزز قدرة التمويل الذاتي ويخفض الضغط على الاقتراض وعجز الميزانية، ويدعم استدامة البرامج الاجتماعية إذا اقترن بضبط الإنفاق وتوسيع الوعاء بدل رفع العبء الضريبي.
ونبه إلى أن العلاقة بين النمو الاقتصادي والإيرادات الجبائية هي علاقة تبادلية إيجابية، فالنمو يغذي الخزينة، من خلال النشاط الاقتصادي الأقوى الذي يؤدي إلى أرباح أعلى للشركات ودخل أكبر للأفراد، مما يوسع القاعدة الخاضعة للضريبة، وبالتالي يرفع الإيرادات الجبائية.
وأوضح أن الخزينة تدعم نمو الإيرادات الجبائية الأعلى من خلال تمكين الدولة من زيادة الاستثمار في البنية التحتية والرأس المال البشري (صحة، تعليم)، وهو ما يرفع من إنتاجية الاقتصاد وقدرته التنافسية على المدى المتوسط والطويل، ويدعم استمرارية وتيرة النمو المرتفع في المستقبل.
ودعا في الأخير إلى ضرورة العمل على تعزيز وتعميق سلاسل القيمة، من خلال توطين أعمق في السيارات والبطاريات والفوسفات التحويلي لرفع المضاعِف المحلي، تحويل النمو إلى تشغيل، من خلال تخفيض كلفة العمل على الأجور الدنيا المستهدفة، وعقود إدماج مشروطة بالتكوين، وحوافز استثمارية مرتبطة بـ“وظائف لكل مليون درهم مستثمر” في المناولة الصناعية والخدمات القابلة للتصدير، وتنويع محركات غير فلاحية كثيفة العمل، سواء البناء المستدام، الاقتصاد الصحي، الخدمات الرقمية العابرة للحدود، اللوجستيك الساحلي، واستهداف اجتماعي أدق، من خلال ربط تمويل البرامج الاجتماعية بمؤشرات مخرجات واضحة لكل درهم منفق، للارتقاء بالاقتصاد الوطني إلى ما يفوق نسبة 4.8 في المائة المتوقعة خلال سنة 2026.
رئيسية 








الرئيسية 



