
العلم: نهيلة البرهومي
وضع موقع «ذا أفريكان إكسبوننت»، المتخصص في التحليلات الاقتصادية والتصنيفات القارية، المغرب في المركز الثاني ضمن قائمة أفضل عشر دول إفريقية من حيث جودة التعليم وسهولة الوصول إليه خلال العام الجاري.
وذكر التقرير، أن المنظومة التعليمية المغربية تركز على تعديل الكتب المدرسية لتعزيز التفكير النقدي وتوسيع تعليم العلوم والتكنولوجيا، كما يتم تكوين آلاف الأساتذة الجدد بشكل سنوي، مبرزا أن التعليم ثنائي اللغة أحد مرتكزات تحسين القدرة التنافسية للتعليم المغربي، إذ يقيم المغرب شراكات تعليمية قوية مع فرنسا وإسبانيا ودول الخليج، مما يفتح آفاقا جديدة للإصلاح التربوي والتبادل الطلابي.
وجاءت جمهورية مصر العربية في المركز الأول إفريقيا، واحتلت كل من كينيا وغانا المركزين الثالث والرابع على التوالي، وتونس في المركز الخامس ضمن قائمة متبوعة بالجزائر التي جاءت في المرتبة السادسة على الصعيد الإفريقي، ثم الكاميرون وزيمبابوي، فيما جاءت نيجيريا وإثيوبيا في المركزين الأخيرين ضمن قائمة أفضل عشر دول في القارة السمراء على هذا المستوى.
وأكد الموقع ذاته أن “دول شمال إفريقيا لا تزال تتصدر قائمة الدول الإفريقية الأفضل من حيث التعليم وجودته، في عام 2025، حيث تواصل كل من مصر والمغرب وتونس احتلال مواقع تنافسية عالميا، فيما تشهد دول شرق وغرب إفريقيا، ككينيا وغانا، صعودا تدريجيا في التصنيفات العالمية، بفضل اعتمادها على الإصلاحات الرقمية وتحديث المناهج الدراسية».
في هذا السايق، أكد الأستاذ الجامعي ورئيس مركز موكادور للدراسات والأبحاث، محمد أبيهي، أن تصنيف The African Exponent يعتمد في تصنيفاته على مجموعة من المعايير المتكاملة التي تقيس مدى تطور النظم التعليمية وفعاليتها داخل القارة، أبرزها تطوير مهارات المعلمين من خلال التكوين المستمر والرفع من كفاءتهم البيداغوجية، إدماج اللغات المحلية في العملية التعليمية لتعزيز الفهم والتفاعل لدى المتعلمين، تشجيع الابتكار المحلي في طرق التدريس والمناهج، تحسين جودة التعليم من حيث المحتوى والمخرجات، تيسير الولوج إليه دون تمييز مجالي أو اجتماعي، فضلاً عن تخصيص ميزانيات كافية وموجهة بشكل فعال لتطوير البنيات التحتية التربوية، وتكوين الموارد البشرية التي تشكل العمود الفقري لأي نظام تعليمي ناجح.
واعتبر أبيهي في تصريح لـ»العلم»، أن حصول المغرب على الرتبة الثانية إفريقيا يعكس ثمرة السياسات العمومية التي اعتمدتها المملكة في السنوات الأخيرة من أجل إصلاح منظومة التعليم، سواء من خلال تفعيل الرؤية الاستراتيجية 2015–2030، والبرامج التي استهدفت تحسين التعلمات وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية في التمدرس، وتوسيع التعليم الأولي، وتعزيز الرقمنة في التعليم.
وشدد الأستاذ الجامعي، على أن المدرسة المغربية أثبتت في محطات عديدة، قدرتها على إنتاج أطر وكفاءات عالية في مختلف التخصصات، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، مما يدل على وجود رصيد بشري وتعليمي واعدين، يتطلبان مزيدا من التثمين والاستثمار في سبيل تحقيق تعليم عادل وناجع يرتقي إلى طموحات المجتمع المغربي.
ويرى رئيس مركز موكادور للدراسات والأبحاث، أن هذا التصنيف يحمل طابعاً قارياً أكثر منه دولياً، إلا أنه مع ذلك يعَد حسب أبيهي مؤشرا إيجابيا على نجاعة الإصلاحات الهيكلية التي شهدها قطاع التعليم ببلادنا على مستويات متعددة، إذ تعتبر قضية التعليم ضمن الأولويات الوطنية، باعتبارها ركيزة أساسية للتنمية الشاملة، وعاملا محوريا لتعزيز أدوار المدرسة المغربية في النسيج المجتمعي، وذلك من خلال تضافر جهود جميع الفاعلين لإنجاح هذا الورش الإصلاحي.
ولضمان استدامة هذا التصنيف والارتقاء به، دعا المصدر نفسه، إلى ضرورة تعزيز الميزانية المخصصة للقطاع التعليمي، مع وضع هيئة التدريس في صلب أي إصلاح مرتقب، نظرا لدورها المحوري في العملية التعليمية-التعلمية، وفي تعزيز جودة المدرسة العمومية، وتابع قائلا: « ينبغي على الوزارة الوصية اعتماد استراتيجية شاملة للتكوين المستمر للمدرسين، مدعومة بحوافز مادية ومعنوية، خاصة في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها العالم، والتي بات فيها الذكاء الاصطناعي يفرض نفسه على المنظومات التربوية الدولية، وإيلاء عناية خاصة لتعزيز اللغات الأجنبية، لاسيما اللغة الإنجليزية، بما يضمن انفتاح المدرسة العمومية على محيطها الدولي، مع الحرص في الوقت ذاته على صون الخصوصية الحضارية والثقافية للمغرب، وذلك لتحقيق التوازن المنشود بين الانخراط في العولمة التعليمية والحفاظ على الهوية الوطنية».
ونبه إلى أن هذا التصنيف يدعم التوجه الذي تطالب به هيئات المجتمع المدني الرامي إلى تعزيز التمدرس بالعالم القروي كأولوية ملحة، مع التركيز بشكل خاص على دعم تمدرس الفتاة القروية، وترصيد البنية التحتية التعليمية، لما لهذه العوامل من أثر حاسم في محاربة الهدر المدرسي وترسيخ مبدأ تكافؤ الفرص